د. أحمد عفيفى
د. أحمد عفيفى


قضية ورأى

طلاب «الجيل الخامس» !

أحمد عفيفي

الخميس، 24 سبتمبر 2020 - 06:24 م

تعيش الأسرة المصرية سنويا موسم «صخب الاختيار»..كيف يدون ناجحو الثانوية العامة رغبات التنسيق فى ترتيب يجسد آمالهم العريضة فى مستقبل مشرق؟؟!!..وتفعل شرنقة الاعتياد فعلها.. فإما كليات «القمة» وإما الحيرة والتوتر فى ظل افتقاد الجميع «الخطة البديلة» أو «الاختيار الثاني». فإن لم يتحقق الحلم «رقم واحد»، قامت الدنيا ولم تقعد واختل التوازن، مما يؤشر على سلبيات نظام التنشئة والتربية الذى لا يصنع طموحات متدرجة تبعا للإمكانيات الحقيقية ومدى قوتها.
«التعليم» - ثوب مصرالجديد- ملامحه تتغير..تتبدل.. تتطور، بعد أن أدركت الدولة قصور «المنظومة السائدة» وتراجعها وتلفها وأنها لم تفض إلى تحقيق الأهداف المرجوة ولم تثمر إنجازات مشهودة. إنها لا «تعلم» شيئا ولكنها «تلقن» أشياء..لا تنتج «مهرة» ولكنها تفرز «حفظة» للمعارف دون الإلمام بآليات استخدامها لتوجيه المجتمع نحو الأفضل والوصول به إلى مصاف الكبار.
لقد تجلى واضحا أن «الفهم» و«الإدراك» و«الإبداع»  و«الابتكار» هى مقومات العصر القادرة على دفع عجلة التنمية واستدامتها. لذا، فقد اتخذت الدولة القرارالأصعب وواجهت التحدى الأخطر لتغيير ملامح «التعليم ما قبل الجامعي»، وغادر السهم القوس ليصبح لدينا من العام القادم 2021 حاملو «الثانوية العامة» فى صورتها الحديثة التى تحتكم إلى فلسقة الفهم قبل «الحفظ» والإدراك قبل «التلقين»، مطبقة مستحدثات العصر ومستخدمة وسائله الإلكترونية ومتحدثة لغته الرقمية.
إن «حامل الثانوية العامة» بهذه المواصفات المرتقبة، إضافة لكونه كائنا شرعيا للمنصات الإلكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي، يستحق أن نطلق عليه -إن جاز التعبير- «طالب الجيل الخامس» صاحب الإنترنت والموبيل واللاب توب والآى باد والتابلت.
يؤدى المنطق الطبيعى للتطور إلى تعاقب أجيال «الأفراد» فينمو لا سلطان لأحد عليه. أما «المؤسسات» - خاصة التعليمية منها- فقد خضعت لقوى مجهولة حجبت تعاقب أجيالها وقوضت تطورها. وصار المشهد غريبا: «الطالب» من جيل و«الجامعة» من جيل متأخر عنه.. فماذا نتوقع ؟؟.. هشاشة فى المعرفة وترنح فى العلم !!.. و«خريج» مصيره المحتوم «مختوم» بعدم القدرة على المنافسة فى «سوق عمل» يتغير بشكل متسارع مشمولا بفرص لا يستطيع أن يشغلها «الخريج التقليدى»، الذى لا يجد نفسه إلا أمام إعادة تأهيل نفسه بنفسه طبقا لهوى «السوق» الذى لا تستقر ضوابطه.. أما المؤهل الجامعى فقد ذهب محتواه أدراج الرياح.
لقد دخل العالم مؤخرا عصرا جديدا هو عصر «الإنسان السايبورج» ذى القدرات الخارقة الذى يمزج ما بين العناصر الحيوية والميكانيكية والإلكترونية، مما يفرض على جامعاتنا الخروج من المعادلة الخانقة التى جعلتها تتأخر فى جيلها عن جيل الطلاب، ويحتم عليها - الآن وليس غدا- أن توفق أوضاعها لاستقبال «طلاب الجيل الخامس».
 > أستاذ بكلية العلوم - جامعة القاهرة

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة