يوسف القعيد
يوسف القعيد


يحدث فى مصر الآن..

موتى رمياً بالشائعات

يوسف القعيد

الخميس، 24 سبتمبر 2020 - 06:35 م

ظهر الأربعاء انتشرت شائعة تقول إننى توفيت إلى رحمة الله. وتناسوا أن يطلبوا لى الرحمة والمغفرة. كنت أمر بمرحلة نقاهة بعد عملية المياه البيضاء من عينىَّ. أجراها لى جراح العيون الدكتور محمد جميل، وسأل عنى الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب. وسليمان وهدان، وكيل المجلس. والمستشار محمود فوزى، الأمين العام. وحلمت أن أشكرهم بنفسى، الدكتور مصطفى محجوب، طبيب النواب فى المجلس. أتدرب على الرؤية. إلى أن جاءنى أول اتصال يحمل الخبر المفجع.
هل أدعى البطولة وأقول أن الحياة والموت سيان؟ ولن أكذب وأكتب أن الموت الصورة المواجهة للحياة. فزعت رغم أننى فى السادسة والسبعين من عمرى. أى أن هذه الساعة المحددة بميقات معلوم لم تعد بعيدة.
لكن شتان بين فكرة الموت الذى نتكلم عنه وبين النهاية. خصوصاً بالنسبة لى كواحد مات معظم من أحبهم. وتعلم منهم. وارتبط بهم. وتلامس مصيره مع مصائرهم. أى أننى أعيش حالة الاستعداد للرحلة الأخيرة. ولكن الفارق ضخم بين أن تحيا بخيالك وأن تفاجأ بالموت الذى هو مصيرك.
لن أتكلم عمن يقفون وراء الأخبار. والرغبة فى معرفتهم أقرب للفضول. لكن ما أحب أن أتكلم عنه إتصالات كثيرة لن أحدد عددها تتأكد من الخبر وتطمئن علىَّ عندما تكتشف كذبه. ما كنت أتصور أن هذا العدد من الأحبة وتلك النوعية من الأصدقاء يهمهم حياتى أكثر من اهتمامى أنا بها. ولكن هذا ما حدث.
يقول المثل: رب ضارة نافعة. أورده من باب الخضوع لسلطان الأمثال الشعبية علينا. لأنه لا نفع فى أن تعيش تجربة موتك وأنت حى. ويقال عنك الميت الحى. ولكن هذا ما جرى لى ومررت بتجربة ما كنت أتصور أننى سأحياها ذات يوم. إن لم أُعدُ نفسى بالمرور بها والتعامل معها وتحمل آلامها. ولكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه. فمفاجآت الحياة لا تنتهى.
وأيضاً فإن لحظة الموت كما عرفت فى قريتى تدوَّن فى سجل الإنسان عندما يولد. ومهما فعل فإنه لا يستطيع أن يؤخرها لحظة ومهما أقدموا على جرائم فإنهم لن يقدمونها بُرهة. ومع هذا فهم يعاندون القدر ويحاولون أن يفرضوا عليه جرائمهم. سيظل قلبى ينبوع حب لكل الناس. وسأتمثل درس التجربة وأتمنى ألا يخوضها أحد منكم. وألا تقترب من حياته.
فجدل الحياة والموت أهم ما نمر به فى حياتنا. والموت ليس غريباً بالنسبة لى. مات أبى وماتت أمى ومات ثلاثة من أشقائى. وما لا يحصى ولا يعد من رفاق الدرب والرحلة والمصير. وأنا لست بعيداً عن هذا الجو. ففى كل صباح أنشد جزءاً من بيت شعرى لصلاح عبد الصبور:
- ما زلت حياً فرحتى. إلى آخر القصيدة التى قرأت المصائر الإنسانية.
بودى أن أكتب أن الحياة تاج على رؤوس الأحياء. ولا أعرف كيف أُكمل الجملة وأقول لا يراه إلا الموتى. فالموتى لا يرون. ولا أريد الجلوس على مقعد الواعظ لأعظ الناس. ولكنى أكتب بإحساس العائد من موته الذى تمنوه لى. ونسوا أو تناسوا إنها إرادة الله.
هل أقول أنه درس العمر وعلىّ تمثله كل صباح؟!.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة