كــــــــــــرم جبــــــــــــر
كــــــــــــرم جبــــــــــــر


إنهــا مصـــــــر

كرم جبر يكتب| ثرثرة حول بطاقة تموين!

كرم جبر

الجمعة، 25 سبتمبر 2020 - 05:16 م

 سيدة فاضلة حكت لى الحكاية التالية:

زارتها إمرأة ريفية فى منزلها وقالت لها: "شوفى يا ست، منعوا المكرونة والزيت والشاى من البطاقة التموينية"، واستمرت فى الشكوى وترديد كلام مشابه فى موضوعات أخرى ، ولما سألتها: "هل يتم صرفها بعد ذلك"، تلعثمت فى الرد "لا.. أيوه" .. وهذا نموذج متطور لاستخدام الشائعات بشكل جديد لخلق حالة من عدم الرضا والشعور الدائم بالنكران.

لم تقل الشاكية أن البطاقة توفر 50 جنيها دعماً لكل فرد، ولا أنها تتضمن 28 سلعة تختار بينها، ولا أن المقررات التموينية يتم صرفها فى مواعيدها، وإذا تأخرت لظروف، يتم إعادة طرحها.

"مخدناش" مهما بلغ حجم العطاء، وتسرى العدوى بين قطاعات كبيرة، فلا أحد ينظر لما أخذه وإنما ما لم يأخذه، لتجسيد المعنى الدائم بتقصير الحكومة.

وهكذا فى أشياء أخرى كثيرة، يتم التفتيش عن أية ثغرة أو سلبية، لتعميمها حتى تذهب بالإيجابيات وتضيِّع أثرها، وتضخم السلبيات والإحساس الدائم بعدم الرضا والشكوى المستمرة ، فتسرى فى الأجواء عدوى تشبه فيروس الأنفلونزا فى الشتاء، وتصيب قطاعات كبيرة من الناس.

الدعاية المضادة أسلوب استخدمته التنظيمات المتطرفة بمهارة شديدة ويعملون بطرق مشابهة لمندوبى الدعاية، ويحددون نقاط الضعف والرغبات والاحتياجات فى الفئات المستهدفة، واختيار الأساليب المناسبة لاختراقها وتحريضها.

الشاكية التى تحكى عن نقص سلع البطاقة التموينية هى النموذج المتطور للدعاية الشعبية المضادة، التى يوظفها أهل الشر، وبترددها على أكثر من مكان تحقق انتشاراً واسعاً للإحباط وفقدان الثقة، وفى القرى والأرياف والمدن آلاف من مثل هذه النماذج السوداء المتحركة.

 الدعاية السوداء فى تعريف علمى هى الشائعات مجهولة المصدر، وتسعى إلى التخفى والتنكر والحيل والكذب والخداع، وتنمو بطريقة سرية لإشاعة البلبلة وحرب الأعصاب والتشكيك والتحريض على العصيان.

التفتيش عن عيوب أو نقيصة فى اى شئ، فإذا أعلن وزير التعليم- مثلا- خطة العام الدراسى الجديد، أشاعوا الخوف والذعر من كورونا وأن المدارس غير مستعدة لذلك، وأن العام الدراسى سيتم تأجيله.

 وإذا تم الإعلان عن مقابر صحية لدفن الموتى، يروجون شائعة فرض ضريبة على تصاريح دفن الموتى، وإذا طبقت الوزارات برامج تدريبية لرفع كفاءة العاملين الذين ينتقلون للعاصمة الإدارية الجديدة، زعموا أن الدولة ستقوم بتسريح العاملين.

 تستطيع المجتمعات بتكاتفها ووعيها أن تتصدى لذلك باليقظة والحيطة والحذر، وعدم السماح للدعاية السوداء بصورها الإلكترونية والبشرية بالنفاذ إلى الناس، لتمرير إحباطات تستهدف هدم الثقة بين الدولة ومواطنيها.

 والقضاء على الشائعات يبدأ من الفرد نفسه بعدم تداولها أو إعادة إرسالها، وتكثيف حملات الوعى فى المجتمع بخطورة تناقل معلومات مجهولة المصدر.

ويجب نسف فكرة إهمال الشائعات وترك الأمور حتى تنتهى لوحدها بمرور الوقت، فهذا لا يتماشى مع التطور الكبير فى وسائل الاتصال بمختلف أنواعها، ولابد من التواصل المستمر مع المواطنين، والرد الحاسم والقاطع هو خير علاج.

والإعلام عليه مسئولية كبيرة للتصدى لتلك الظاهرة، ويجب على القنوات الفضائية والصحف ألا تجرى خلف الشائعات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأن تتحول من النقل إلى التأثير وأن تفعّل كل أدواتها فى هذا المجال.

الإعلام لا يجب أن يكون رد فعل لسوشيال ميديا كما حدث فى أحداث كثيرة ، ولكن أن يقود ويصحح ويوجه ويتفاعل ويتواصل مع القادم الجديد.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة