محمد العراقي
محمد العراقي


حواديت جحا

يا ولدى لا تنس ثأرى

محمد العراقي

الأحد، 27 سبتمبر 2020 - 07:37 م

أصابعه كانت تمسك صابع «الطبشور»..يقف شامخا بالكاد انتهى من الكتابة على السبورة.. كلماته كانت تدعو للبناء.. مازلت أتذكرها «زرع حصد».. أمامه طلابه الأطفال..أعمارهم لم تتخط الـ9..ابتساماتهم كانت تخطف العقول.. ينظرون إلى معلمهم ببراءة الأطفال أعينهم يملؤها الاحترام والتبجيل له، وفجأة على حين غرة اغتالتهم دانات الغدر تسفك دماءهم.. تغتال براءتهم التى لم تكن تعرف سوى اللعب بالدمى وكرة الشوارع،

وبالكاد يتحسسون سنين حياتهم الأولى بأحلام وردية لا تعلم الدماء، ومع هذا انتهت قبل ان تبدأ بأيدى غادرة قذفتهم بطائراتها وتنهى الدرس الأول..ليسقطوا شهداء.. دماؤهم تعطر المكان محتضنين بعضهم البعض، بينما معلمهم سقط صريعا وتشابكت دماؤه مع الكلمات التى انتهى منها وتعطرت سبورته ليكسوها الدماء بدلا من اللون الاسود.

صورة حُفرت بقلبى لأطفال مذبحة بحر البقر الذين سقطوا صرعى لصهاينة لا يعلمون الإنسانية..نعم لم أكن حيا حينها، لكن أمى ظلت ترددها فى طفولتى..تُذكرنى بها اذا نسيت حتى يوم كنا نجلس فيه نشاهد التلفاز وعلا صوتى الطفولى قائلا «خلاص يا ماما زهقتينى عرفت حرام القصة بتتعبنى مش كفاية شوفت موت الدرة»..لم أكن أقصد حينها الغضب على امى فكنت طفلا ،إلا أننى فوجئت بأمى تتبدل نظراتها وعلت صيحاتها تنهرنى قائلة «مش كفاية وهتفضل تسمع وهتقولها لعيالك وهتوصى عيالك يقولها لعيالهم لازم تعرف إنهم اعدائنا ليوم الدين بينا وبينهم دم وتار» حينها لم أفهم مغزى كلمات امى حتى كبرت وبصُرت ابنى أختى،وتبدلت أحوال الأزمنة واصبح العدو عند البعض صديقا.. فى هذا الوقت فهمت لمَ أصرت امى على التكرار.. ووجدت نفسى اجلس معهما أخبرهما بنفس القصة خشية أن يسلما كما سلم البعض..أوصيهما إذا كبرا أنه لا سلام مع قتلة الأطفال..طالبا منهما إذا دقت طبول الحرب فاقتلاهم حيث ثقفتماهم، وإذا كان لى نصيب ورزقت طفلا ولم اكن على قيد الحياة ولم يسعفنى القدر لأوصيه، أخبروه أن اباك اغتيلت طفولته فلا تهادن وقاتل وأخبروه ان اخر كلمات ابيك لك هى « يا ولدى لا تنس ثأرى».

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة