محرر أخبار اليوم أثناء حواره العالم الموسوعى د.نادر نور الدين
محرر أخبار اليوم أثناء حواره العالم الموسوعى د.نادر نور الدين


حوار| العالم نادر نور الدين عن الزراعة والمياه: نحتاج 23 مليار متر مكعب لمواجهة تداعيات سد النهضة

حازم بدر

الأحد، 27 سبتمبر 2020 - 11:14 م

 


ربما لا يوجد موضوع صحفى يتعلق بالزراعة أو المياه أو الغذاء، إلا كان د.نادر نور الدين، الأستاذ المتفرغ بكلية الزراعة جامعة القاهرة، أحد مصادره الرئيسية والمهمة، فهو ليس أستاذا تقليديا يقتصر اهتمامه على مجال تخصصه الدقيق وهو الأراضي والمياه، ولكنه شخصية موسوعية ملمة بكل تفاصيل الزراعة وعلاقتها بالمياه والبيئة والغذاء، وهو ما أهله لتقلد مناصب استشارية في مؤسسات دولية منها البنك الدولي والفاو، إضافة إلى عمله الأكاديمي.

وبينما كنت أبحث عن شخصية استهل بها سلسلة حوارات «شيوخ بلا عمامة»، والتي تهدف إلى استلهام خبرات شيوخ القطاعات المختلفة، سعيا نحو تشخيص مشكلات كل قطاع، ووضع روشتة للعلاج، كان هو اختياري الأول، لأهمية القطاع الذي يمثله من ناحية، فضلا عن إلمامه الموسوعي، الذى يؤهله لأن يكون خيارا جيدا لإنطلاق هذه الحوارات.


وكانت إجاباته التفصيلية المدعمة بالأرقام حاضرة ردا على كل سؤال، حتى أنك ربما وأنت تقرأ سطور هذا الحوار، قد تظن أن الرجل قد أرسلت له الأسئلة مسبقا، حتى يستعد للإجابة عليها، وهو ما لم يحدث، وخلال مده قاربت الساعتين داخل مكتبه ذى الأثاث المتواضع جدا، والذى لا يتلاءم مع قيمته العلمية المحلية والدولية، تحدثنا حول أحوال الزراعة المصرية في الماضي والحاضر، وحاولنا معه استشراف آفاق المستقبل، كما تطرقنا إلى سد النهضة الأثيوبي وكيفية الاستعداد لتداعياته المستقبلية، ولم يخل النقاش من تشخيص أزمة التعليم الزراعي في مصر، وإلى نص الحوار.


-دعنى أبدأ الحوار معك بسؤال مستوحى من عنوان الكتاب الشهير للراحل د.جلال أمين ( ماذا حدث للمصريين)، ليكون سؤالنا: ماذا حدث للزراعة المصرية؟


يطلق تنهيدة عميقة استعدادا لإجابة طويلة، قبل أن يقول: للأسف لم تتطور الزراعة المصرية، كما تطورت فى العالم وفى الدول المجاوره، فلا زلنا إلى الآن نزرع ونحصد بطريقة الفراعنة، وفى الوقت الذى صارت الآلة هى عماد العملية الزراعية، لا زلنا نستخدم أدوات الفراعنة من الشرشرة والمنجل فى حصاد القمح ونجمع القطن باستخدام العمال، وهذا مكلف جدا.


ولهذا السبب لا تتعدى إنتاجية العامل فى مجال الزراعة بمصر مبلغ الـ500 دولار سنويا، وفق تقرير أصدرته العام قبل الماضى منظمة الزراعة العربية، فى حين فى دولة مثل المملكة العربية السعودية إلى 5 آلاف دولار فى السنة، وهذا لا يعنى أن العامل المصرى كسول، ولكن لأن الآلة أصبحت عماد العملية الزراعية فى الدول الأخرى، لم يعد صاحب الأرض الزراعية بحاجة إلى عدد كبير من العمالة، فيكفى عامل واحد لتشغيل ماكينة لحصاد القطن، بينما فى مصر تحتاج إلى أكثر من عامل للحصاد، وعندما تقوم بتوزيع المبلغ المخصص للعمالة على عدد العمال، يصبح نصيب كل منهم مبلغا زهيدا جدا.


- لو أعملنا ما تطالب به لوقعنا فى مشكلة أخرى، وهى البطالة، لأن الآلة ستغنى وقتها عن عدد كبير من العمالة التى يستوعبها القطاع؟


لم ينتظر إكمال السؤال وخرجت الكلمات من فمه سريعة قائلا: دعنا نعترف أن الزراعة أصبحت مهنة طاردة للعمالة، فلا يوجد فلاح يريد أن يكون نجله فلاحا، نتيجة الخسائر التى يتعرض لها، والتى أصبحت معها الزراعة مهنة غير مربحة، بدليل أن حجم العمالة فى القطاع الزراعى انخفض من 55 % من إجمالى حجم العمالة، إلى 27 %.


ويضيف: لو أدخلنا الآلة وقمنا بإجراء تطوير شامل للقطاع الزراعي، واستفدنا من العمالة التى ستوفرها الآلة فى القطاع الصناعي، سنحقق ثلاث مزايا، الأولى اننا سننهض بقطاع الزراعة ونحوله إلى قطاع مربح، والثانية أن قطاع الصناعة يستوعب عددا أكبر من العمالة يفوق القطاع الزراعي، فالفدان مثلا فى الزراعة يعمل فيه من 2 إلى 4 عمال، بينما المصنع المقام على فدان يمكن ان يعمل فيه 200 عامل، أما الميزة الثالثة، فهى أن دخل العامل فى الصناعة من 6 إلى 15 ضعف دخله من الزراعة، وأتصور أننا لو نجحنا فى تطوير القطاع الزراعى وجعله مربحا، مثلما فعلت البرازيل، التى عظمت من ربحية المزارع، وتبنت انتاج الوقود الحيوى القائم على بعض المحاصيل، وقامت بميكنة العملية الزراعية، سندفع بذلك الفلاح دفعا إلى الحفاظ على الأرض الزراعية بدلا من أن يهدرها فى البناء عليها، فأحد أهم أسباب تلك الظاهرة هو أن الزراعة لم تعد مهنة مربحة، فهانت الأرض على الفلاح، بينما فى المقابل يسعى المزارع البرازيلى إلى استصلاح أراض جديدة، لأنها بالنسبة له مهنة مربحة، وأتمنى أن نستلهم هذه التجربة عندنا.


- أخشى أن يفهم كلامك هذا على أنك تلتمس العذر لمن يتعدى على الأرض الزراعية؟


يشير بعلامة الرفض، قبل أن يقول: بالقطع هذه الظاهرة مرفوضة تماما، فمن يفعل ذلك يهدر مصنعا دائما للغذاء مستمرا فى عطائه منذ الفراعنة، ولكن ما أطالب به هو أن الدولة يجب أن تمنح الفلاح سعرا عادلا يجعل الزراعة بالنسبة له مهنة مربحة، وأن تبنى له المنازل كما تبنى فى المدن، حتى يجد سكنا لأبنائه.


التطوير يبدأ بالحداثة


-ألحظ أنك حصرت مشاكل الزراعة فى الحداثة، وكأن المشكلة الوحيدة فى أساليبها التقليدية؟


تظهر مشاعر الحماس واضحة على وجهه قبل أن يقول بنبرة صوت مرتفعة: الحداثة هى أهم عامل من عوامل التطوير، لأن الحداثة تأخذك إلى زيادة الإنتاج، حيث تنعدم معها الأخطاء البشرية، كما أن الحداثة تأخذك أيضا إلى توفير فى المياه واقتصاديات الإنتاج، فهناك مثلا طرق فى الرى تعتمد على مستشعرات تعطى النبات من المياه على قدر احتياجه، وتقيس مستشعرات أخرى مدى حاجة النبات إلى السماد، وكل ذلك يوفر فى تكاليف الإنتاج ويحول الزراعة لمهنة مربحة.


ويضيف: أتمنى أن ننقل الحداثة الأوروبية فى مجال الزراعة، فمن المحزن أن تسند الأمم المتحدة فى 2010 مشروعا لزيادة الأمن الغذائى وترشيد استهلاك المياه فى إفريقيا لدولة من خارج إفريقيا، وهى إسرائيل ولا تسنده لمصر، والسبب أننا وقتها كنا قد أهملنا الحداثة، كما أن من بيننا من يتحدث دوما عن الاستفادة من الخبرة الإسرائيلية فى تطوير الزراعة، مما يتسبب فى فقدان المجتمع الدولى الثقة فى الخبرات المصرية.


- على ذكر إسرائيل، كانت أحد الاتهامات التى راجت أثناء تعليق البعض على نبأ وفاة وزير الزراعة الأسبق د.يوسف والى قبل أيام، أنه أسرف فى التعاون معهم، فما مدى صحة ذلك، وما هو تقييمك لفترة توليه حقيبة وزارة الزراعة؟


يرد على الفور: تعاونه مع إسرائيل والقول بأنه سمح بإدخال أصناف إسرائيلية أضرت الزراعة المصرية، هذ ا أمر غير مؤكد وعليه خلاف، ولكن المؤكد أنه أعطى ثقة لإسرائيل لم تكن تستحقها، لاسيما أن ذلك جاء فى وقت لم تكن حينها صديق قوى لمصر.


وبشكل عام، فإن يوسف والى خلال توليه حقيبة وزارة الزراعة على مدى 23 عاما، أضاف كثيرا للزراعة المصرية، لاسيما خلال العشرة أعوام الأولى، حيث أدخل أصنافا جديدة للزراعة المصرية مثل الثوم الصيني، وأدخل زراعات الأنسجة، والتى جعلت الموز على سبيل المثال متوافرا طوال العام، وتوسع فى استصلاح الأراضي، ولكن كانت مشكلته أنه أعطى ثقة لبعض مساعديه لا يستحقونها، فتسببت أفعالهم فى الإضرار بسيرته الشخصية.


-وماذا عن المبيدات المسرطنة؟


يبتسم قبل أن يقول: كان هذا الأمر نقطة الخلاف بينى وبينه، فأحيانا ما كان يستدعينى لنتحاور فى أحوال الزراعة، وكان يقول لى انه لا توجد مبيدات مسرطنة، وهذا غير صحيح على الإطلاق، وقد أعطى ترديده لهذا الأمر انطباعا عند البعض أنه مسئول عن المبيدات المسرطنة التى دخلت مصر، وهذا غير صحيح، فهذه المبيدات دخلت مهربة عن طريق انفاق غزة وإسرائيل والحدود المصرية مع السودان وليبيا، ولكن كانت مشكلة حقبة يوسف والى أنه لم يبذل خلالها جهدا فى مواجهة هذه المشكلة، عن طريق الرقابة على الأراضى ومحال بيع المبيدات.


المياه المهدرة


- وهل كانت الحكومات السابقة مقصرة أيضا فى ملف المياه المهدرة؟


يومىء بالموافقة قبل أن يقول بكلمات واثقة: نعم هناك تقصير كبير حدث فى هذا الملف الهام، فوفق إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن نصيب القطاع المنزلى من المياه حوالى 10 مليارات متر مكعب، يقدر الفاقد منها بحوالى 3.3 مليار متر مكعب من المياه، وهذه كمية تكفى لرى ثلاثة أرباع مليون فدان.


ولكن الهدر الأكبر يحدث فى قطاع الزراعة، رغم أنه لا يسهم وفق بيانات البنك المركزى بنسبة كبيرة فى الناتج القومي، فهذا القطاع الذى يستهلك 62.6 مليار متر مكعب من المياه، يساهم بـ11.7 % فقط من الناتج القومي، بينما قطاع الصناعة والذى يستهلك 2.5 مليار متر مكعب من المياه، يساهم بـ 19.1% من الناتج القومي.


- وكيف يمكن استعادة المياه المهدرة فى القطاع الزراعي؟


يصمت للحظة يلتقط خلالها الأنفاس قبل أن يواصل حديثه قائلا: قبل التحدث عن الكيفية، لابد أن نعرف أصل المشكلة، والتى تتمثل فى نسبة كبيرة من الفقد تحدث فى شبكة نقل المياه بالترع، التى يبلغ طولها 30 ألف كيلو متر، تتسبب فى فقدان ما بين 15 إلى 19 مليار متر مكعب من المياه بسبب البخر ومسامية الترع، ومن هنا جاء المشروع القومى لتبطين الترع، الذى أصدر الرئيس توجيهاته بالانتهاء منه خلال عامين، بدلا من 10 أعوام، كما كان مقررا.وهذا المشروع من المنتظر أن يوفر 10 مليارات متر مكعب، تكفى لرى 2 مليون فدان، كما أن تبطين الترع بالأسمنت سيؤدى إلى سرعة جريان المياه فى الترع، وهذا يساعد فى الحل السريع لبعض المشكلات، فمثلا عندما يشتكى المزارعون فى كفر الشيخ من نقص فى المياه، يتم ضخ المياه من السد العالي، وتحتاج رحلة المياه للوصول إلى هناك 17 يوما، بينما فى حال تبطين الترع يمكن ان تستغرق تلك الرحلة حوالى أسبوع.


- وهل التفكير فى مثل هذه المشروعات وليد أزمة سد النهضة الأثيوبى والخوف من تأثيره على حصة مصر من المياه؟


يكتسى صوته بنبرة حزينة بعض الشيء وهو يقول: للأسف الهند سبقتنا فى هذا المشروع، وقامت بتبطين الترع وتغطيتها، لتقليل الفاقد بسبب البخر والرشح، وهذا المشروع تم التفكير فى تنفيذه بمصر منذ زمن بعيد، قبل أن تظهر أزمة سد النهضة، لمواجهة متطلبات الزيادة السكانية، ولكن جاءت أزمة سد النهضة لتعجل بهذا المشروع.


وبالإضافة لهذا المشروع، توجد مشروعات أخرى لتطوير كفاءة استخدام مياه الرى باستبدال الرى بالغمر، بالرى بالتنقيط، وهذا من شأنه أن يحولنا من رى الأرض إلى رى النبات، وهذا سيرفع كفاءة استهلاك المياه لتصل إلى 95 % بعد أن كانت 50%.


وهناك أيضا مشروعات لتحلية مياه البحر يمكن أن توفر خلال الخمس سنوات القادمة 5 مليارات متر مكعب، ومشروعات لمعالجة مياه المخلفات من الصرف الزراعى والصناعى والمنزلي، يمكن أن توفر 20 مليار متر مكعب، وكذلك مشروعات لترشيد الاستهلاك، بالتقليل من زراعة النباتات المستهلكة للمياه مثل الأرز والموز، واستبدال قصب السكر المستهلك للمياه ببنجر السكر.


تداعيات السد الأثيوبي


- أشعر أن هذه الكميات التى يمكن توفيرها بهذه المشروعات كافية لمعالجة تداعيات سد النهضة؟


يعيد السؤال مشاعر الحماس إلى وجهه قبل أن يقول: فى سد النهضة يجب أن نفرق بين فترة ملء السد وفترة تشغيله، وبالنسبة لفترة ملء السد فلن تشعر مصر بأى تداعيات، لأن سعة سد النهضة 75 مليار متر مكعب، وقد أكرمنا الله بموسم الفيضان هذا العام الذى ساعدنا على تخزين 162 مليار متر مكعب، تكفى لمواجهة تداعيات فترة ملء السد.


أما بالنسبة لتشغيل السد، فمن المتوقع أن يتسبب فى خسارة 10 مليارات متر مكعب موزعة بيننا وبين السودان، وإذا نجحنا فى مشروعات إدارة المياه وترشيد الاستهلاك السابقة سنتمكن من مواجهة تداعياته.


-هل إدراك الدولة المصرية لقدرتها على مواجهة تداعيات سد النهضة، هو ما دفع الرئيس السيسى للقول أن البناء على الأرض الزراعية أكثر خطورة من السد الإثيوبي؟


لم ينتظر اكمال السؤال ورد على الفور: ليس فقط مواجهة تداعيات سد النهضة، ولكن أيضا الزيادة السكانية، فعدد سكان مصر بعد ثورة 23 يوليو 1952 كان 23 مليون نسمة، ثم أصبح الآن 104 ملايين نسمة، ولم تزد حصتنا من المياه عن نفس الكمية التى تأتينا كل عام، والتى تريد أثيوبيا أن تنتقص منها عبر سد النهضة.


وإذا كنا قادرين على مواجهة تداعياته عبر إجراءات الترشيد والإدارة الرشيدة التى تحدثنا عنها، والتى يمكن أن تمنحنا 23 مليار متر مكعب من المياه، فهذا ليس معناه الا نقاتل على حقوقنا، فالنيل الأزرق القادم من الأراضى الأثيوبية يمنحنا 49 مليار متر مكعب من المياه، وما تريده مصر هو أن يخصم من تلك الحصة 9 مليارات متر مكعب فقط، نتقاسمها مع السودان، ولكن إثيوبيا تريد أكثر، ولا يجب ألا نتنازل عن ذلك.


مخاوف الانهيار


- يتردد دوما عند الحديث عن سد النهضة مخاوف من انهياره مما قد يسبب تداعيات سلبية على مصر والسودان؟


القلق من حدوث هذا السيناريو بدا واضحا على نبرة صوته التى أصبحت أكثر انخفاضا وهو يقول: طبعا هناك مخاوف لها أساس علمى من هذا الأمر، فنحن أمام سد أسمنتى وليس سدا ركاميا مثل السد العالي، وهذا السد الأسمنتى عندما تضغط عليه كمية كبيرة من المياه ( 74 مليار متر مكعب) فقد يؤدى ذلك لانهياره، وحذر العالم الأثيوبى أصفو بنين الذى سبق ان تحدثت عنه من هذا الأمر، وهذا التخوف هو أكثر ما يقلق السودان، لأنه فى حال انهياره ستكون المياه بعد ثلاثة أيام فى السودان، وستؤدى إلى إخفاء مدينة الخرطوم تحت المياه، بينما ستحتاج المياه 17 يوما حتى تصل مصر، وهى فترة ستسمح لمصر ببعض التحركات التى تقلل من التداعيات السلبية لهذا الأمر، مثل فتح السد العالى وتصريف كمية من المياه فى نهر النيل، وتصريف كمية أخرى فى مفيض توشكى، وثلاث ترع في أبوسمبل تستوعب 22 مليارا.


ولا أقل أن تثبت أثيوبيا حسن نيتها بإطلاع مصر والسودان على دراسات الأمان الخاصة بالسد، ولكن كلما طلبنا ذلك ترفض، بحجة أن هذه الدراسات أمن قومي.


ترشيحات متوالية


- رشحت لتولى مناصب وزارية أكثر من مرة ولكن لم تتول المنصب إلى الآن، هل تشعر أنك لم تحصل على حقك؟


يبتسم قبل أن يقول: رحلتى طويلة مع الترشيح للمناصب الوزارية، ففى عام 2001 وبعد وقت قصير جدا من سفرى للكويت للعمل كمستشار ثقافى بالسفارة المصرية، اتصل بى وزير الزراعة الراحل د.يويسف والى طالبا منى إرسال السيرة الذاتية، لأنه سيرشحنى محافظا للبحيرة، ورفضت ذلك، وقلت له إنى أريد خوض تجربة العمل الدبلوماسي.


وبعد عودتى من الكويت فى 2004، عملت مع وزير التموين الأسبق د.حسن خضر، لمدة عام مستشارا لهئية السلع التموينية، وفى نهاية هذا العام رشحت وزيرا للتموين.


- وهل من المفترض أن يكون أستاذ الجامعة متعدد الاهتمامات مثلك أم أنك حالة خاصة؟


يرد على الفور: لا يشترط أن يكون متعدد الاهتمامات، ولكن الأشخاص متعددى الاهتمامات وأصحاب الثقافة الموسوعية هم من يبنون الدول، فوزير الزراعة مثلا يجب ان يكون ملما بأصول المياه، والسلع التموينية، واذا لم يكن كذلك سيأخذ خيرات الكرسي، ولكن لن يضيف له، فيوسف والى مثلا رغم سلبياته التى أشرنا لها فى البداية أضاف للكرسي.


أزمة كليات الزراعة


- عند مراجعة السير الذاتية للمتميزين من أساتذة الزراعة تجد أن لهم أصولا ريفية، ولكن كانت المفاجأة بالنسبة لى أنك قاهرى أبا عن جد، فلماذا اتجهت للزراعة؟


ترتسم على وجهه ابتسامة تعكس رضاه عن رحلته العلمية والعملية قبل أن يقول: دخلت كلية الزراعة لأنى أهملت فى الثانوية العامة، ولم أحصل على مجموع كبير، ولكن قررت أن تكون هذه الكلية انطلاقتى نحو النجاح، فأحببت التخصص، وأجدت فيه، رغم أننى لم أكن أعرف الفرق بين البقدونس والكزبرة.


- الحقيقة لم أقابل أحدا دخل كلية الزراعة حبا فى الكلية، لماذا؟


تظهر مسحة من الحزن تخفى ابتسامته، قبل أن يقول بنبرة منخفضة: لم تعد الزراعة مهنة جاذبة للعمالة، وأصبحت فرص العمل محدودة، وإن وجدت سيكون دخلها محدواد، لذلك أحجم عنها الطلاب رغم أنها تخصص حيوى جدا، فالزراعة تعنى الحياة.


- وهل بالفعل توجد أقسام بالكلية لا يتعدى عدد طلابها طالبين؟


يومىء بالموافقة قبل أن يقول: خلال العشر سنوات الماضية كانت أكبر دفعة بقسم الأراضى بالكلية الذى أنتمى إليه 10 طلاب نصفهم من الأجانب، وهذا أمر يبعث على القلق.


-ولماذا يشعرك هذا الوضع بالقلق؟


لأنه من الصعب أن نظل نعيش على مساحة 7 % فقط من أرض مصر، وسنحتاج إلى استصلاح المزيد من الأراضي، وأخشى أن تكون مشكلتنا بعد توفير المياه اللازمة لذلك، هى عدم وجود الكوادر المهنية للقيام بذلك.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة