قنا
قنا


«فيس بوك» يتحول إلى ساحة للتراشق بين العائلات المتخاصمة في الصعيد.. ماذا يحدث؟

أبو المعارف الحفناوي

الإثنين، 28 سبتمبر 2020 - 12:46 م

 

"سبت دمك وفرطت فيه "، "أقسم بالله جابت آخرها معاكم وهخليكم تسيبوا البلد وبكره تشوفوا"،  "الله لأدبكم وبكره تعرفوا مين احنا".. مشادات ومشاحنات تحولت في الآونة الأخيرة من أرض الواقع، إلى فيس بوك، وسط تفاعل من الجانبين، تزيد من حدتها مع دخول أهل الفتن، الذين سرعان ما يعودوا بالجريمة إلى أرض الواقع، لتبدأ معركة دامية، يروح ضحيتها شباب من الطرفين ، لتبدأ معها خصومة ثأرية من الصعب حلها إلا إذا تدخل العقلاء.

هنا في قرية حمرة دوم التابعة لمركز نجع حمادي، شمالي محافظة قنا، كان لـ"فيس بوك"، موعدًا مع جريمة قتل، راح ضحيتها شاب وأصيب آخر، بعد تبادل الكلمات والمشاحنات على موقع التواصل الاجتماعي.

أدهم وفهد، كانا ضحية للخلافات على فيس بوك، فالأول مات قتيلًا والثاني أصيب بطلقات نارية، بعد أن نشبت بينهما وآخرين مشادات ومعايرات على فيس بوك، بسبب قبول المتهمين لصلح ثأري، قبل الواقعة، وأيضًا بسبب خلافات مالية بينهما.

المعايرات على فيس بوك، كانت سببًا لتجدد الخصومة الثأرية بين العائلتين، من الممكن أن يروح ضحيتها آخرين، سواء من داخل العائلتين أو ربما من خارجهما، وتتولد خصومات ثأرية بين العائلات يروح ضحيتها أبرياء ربما يتصادف مرورهم وقت الاشتباكات.

لم تكن هذه الخصومة الثأرية هي الوحيدة التي نشأت عبر فيس بوك، ولكن هناك خصومات ثأرية أخرى في قنا، كان من أسبابها تراشق الكلمات عبر فيس بوك، الذي أصبح سلاح يزيد من تفاقم الجريمة هنا في الصعيد.

كلمات مؤثرة كان يتداولها اطباء ومهندسين وأساتذة جامعات، من المنتمين لعائلات معها خصومة ثأرية، فالبعض كان يعتقد أن هؤلاء بيدهم تغيير الواقع، ولكنهم كانوا ينشرون على صفحاتهم الشخصية على فيس بوك، منشورات تدعو للعنف والآخذ بالثأر، في خصومات عديدة كان أبرزها خصومة السحالوة والمخالفة بمدينة فرشوط، والتي راح ضحيتها 12 قتيلًا، و خصومة الخطبة والجوالين في كرنك أبوتشت والتي راح ضحيتها 9 قتلى، والطوايل والغنايم في كوم هتيم التي راح ضحيتها 17 قتيلًا وغيرها من الخصومات التي تم حل عدد منها ، وما زالت هناك خصومات ثأرية قائمة، يرفض مستخدمو فيسبوك حلها بعد الاستمرار في تبادل الكلمات والمشاحنات بينهم.

يقول أحمد عبداللطيف الكلحي، عضو لجنة المصالحات بقنا، إن فيس بوك بالرغم من كونه لأداء للتواصل الاجتماعي، وساعد في العديد من الأمور الاجتماعية الجيدة، إلا أنه كان سببًا في تفاقم الخصومات الثأرية في قنا.

ويضيف الكلحي، أن هناك بعض الخصومات التي كان يصعب حلها، كان من ضمن أسباب صعوبة الحل، منشورات معايرة على فيسبوك، بين الطرفين، فضلًا عن نشر صور وغيرها مما يزيد تفاقم الخصومة، وتزيد من مشقة رجال المصالحات للتوصل إلى حل يرضي الطرفين.

ويشير الكلحي إلى أن الملاسنات على فيس بوك، ونشر صور للقتلى، والتمثيل بصورهم، كان من دوافع تفاقم الجريمة والثأر، فمثله كمثل السلاح الذي يستخدمه المتخاصمون في تنفيذ الجريمة، فالأداء مختلفة ولكن الجريمة واحدة.

ويطالب الكلحي، مستخدمو فيسبوك بضرورة التحلي بالصبر وروح التسامح، والابتعاد عن المشاحنات والمعايرات، والخلافات القبلية، حتى يساعد ذلك لجنة الصلح في انهاء كافة الخصومات الثأرية في قنا.

ويشير سيد عوض، أستاذ علم الاجتماع بجامعة جنوب الوادي، إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي، سببا من أسباب انتشار الخصومات الثأرية في الصعيد، بعد تبادل المعايرات بين الأطراف المتخاصمة.

ويوضح عوض، أن الخصومات قبل ذلك كانت تبدأ بخلافات عائلية بسبب الجيرة أو حد فاصل أو خلافات صهرية، كان من الممكن حلها قبل تفاقمها من خلال تقديم القودة والدية، كما هو متعارف في المجالس العرفية في الصعيد، إلا أنه في الأيام الحالية ومع الاستخدام الخاطئ لموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ساعد ذلك في الخصومات وانتشارها.

ويشير أستاذ علم الاجتماع إلى أن الاستخدام الخاطىء لـ" فيسبوك" لا يؤدي فقط إلى جريمة قتل، ولكن من المحتمل أن يؤدي إلى تشويه شخصيات، وجرائم أخرى تتعلق بالشرف،  فبالرغم من كون هذه الوسيلة جيدة للتواصل إلا أنها في بعض الأحيان تؤثر بشكل سلبي على المجتمع.

أحمد صبري ياسين، أخصائي مخ وأعصاب ، يوضح أن العامل النفسي سببًا في تفاقم الجريمة، فالشاب الذي يمر بحالة نفسية سيئة ، من الممكن أن يصل لحد الاكتئاب، والقدوم على الانتحار، مثله كمثل المعايرات على فيسبوك، التي تؤدي بدورها إلى عامل نفسي وحالة من الغليان بين الطرفين، وتؤثر على العامل النفسي، الذي يجعل المتأثر بذلك يقدم على ارتكاب جريمته، دون أن يدري عن عواقبها التي ربما تقوده لحبل المشنقة، أو ربما يودي بحياة أسرته أخذًا بالثأر.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة