أغرب ما في الحياة هو قدر الإنسان أن يحتملها، ولا سر وراء قدرته علي احتمالها سوي الأمل في حياة أخري أكثر احتمالا وأقل قسوة ومشقة، ولا يملك المسكين سوي الاحتمال والصبر علي فراق من نحب ومن رحل فجأة وأخذ معه جزءا منا وأخفي معه أسرار البهجة ، ونحزن حزنا بليغا علي فراقه كأننا لا ننتظر نفس الغياب المحتوم ويفطر قلب من أحبونا وعاشوا معنا وسعدنا معهم، ويجيء الغياب ليلا أم نهارا ليخيم الحزن والذهول كأنه لم يغن بالأمس.
لكن لماذا «زيوس» رب الأرباب غضب علي «بروميثيوس» هل لأنه سرق النار وأعطاها للبشر.. أهذا ما دفع رب الأرباب لصنع صندوق من ذهب به الآليء والجواهر وبعث به المرأة الجميلة «باندورا» فائقة الجمال لتعطيه «بروميثيوس».. يهرع «بروميثيوس» ليفتح الصندوق فتخرج منه كل شرور وأوبئة والأرض التي لم يعرفها البشر من قبل فأغلق الصندوق سريعا حتي يجنب البشر بقية الشرور.
لكنه رأي «باندورا» قد ذبلت وذهب جمالها وتسرب اليأس إليها وراحت تفكر في الانتحار لأنها لم تعد تحتمل كل تلك الشرور ، هنا أدرك «بروميثيوس» أنه عندما أغلق الصندوق كان بداخله «الأمل»، فعاد وفتح الصندوق فانطلق الأمل يغرد بين البشر.. وعادت «باندورا» الجميلة وعادت ابتسامتها بالأمل وقدرتها علي تحمل الحياة..!
رغم بساطة الأسطورة اليونانية عن الأمل الذي جعل الإنسان يحتمل شرور الحياة، تؤكد أن الأمل هو هدية السماء للإنسان وسط كل تلك الشرور.. لذلك تبدو الحياة بلا أمل مستحيلة وكئيبة. القدرة علي مواجهة الحياة لا يبررها غير الأمل في غد أفضل في يوم ننعم فيه بالسعادة.
الأمل هو المبرر المنطقي الوحيد الذي يدفعنا للمضي في الحياة ويرفض الانتحار ويعطينا القدرة علي احتمال الحياة..!