قابلنى فى شارع الصحافة منذ عدة سنوات، بينما كنت اسير بسرعة وفى يدى سيجارة، عبر الشارع وصافحنى ثم قال مبتسما : «المراوح شغالة يا مدخن».. الضرر كده اشد واخطر.. ثم ودعنى بنفس الابتسامة.. يا أخى بطلها وارحم صدرك. منذ ذلك الحين، ما ان تمتد يدى إلى علبة السجائر وانا اسير، اتذكر كلمات الزميل المهذب محمد عبدالمقصود، فأعيدها إلى مكانها دون ان أدخن. لم يكن الراحل يهتم بمعاناته الطويلة مع المرض فقط، وانما كان اشد حرصا على تقديم النصح للآخرين خاصة المدخنين بحكم المامه كصحفى متخصص فى البيئة بمخاطر التدخين على المدخن ومن حوله.
قدم لى يوما ابنته «اية» المحررة حاليا بأخبار النجوم، وطلب ان تتدرب فى قسم التحقيقات بالاخبار الذى أتولى الاشراف عليه قائلا : انا عايزها تتعلم على ايدك. وبالفعل كلفتها فى نفس اليوم بالنزول إلى الشارع مع زملاء آخرين للقيام بتغطية ميدانية، وانتظرت حتى عادوا وتوقفت عند ما كتبته لاكتشف تمتعها بقدرة طيبة على الصياغة وتطعيم ما كتبت بأوصاف والفاظ أدبية ترسم مشاعر واحاسيس من تحدثت معهم فى الشارع، فأحسست بالرضا، وفوجئت به يمر على مكتبى ويسألنى : ايه رأيك.. طمنى؟ قلت له : والله بلا مجاملة.. البنت موهوبة وتمتلك اسلوبا مميزا. واستأذنت رئيس التحرير آنذاك الاستاذ محمد البنا لنشر اسمها وبالفعل نشر الموضوع يحمل اسماء الزملاء ومن بينهم «اية عبد المقصود».. وسعدت فى الصباح بما رأيت على وجه الأب من علامات السعادة والامتنان.
هكذا عاش الراحل، مخلصا فى أداء عمله، ودودا عف اللسان، حريصا على توطيد علاقته بكل من يتعامل معه. رحمك الله أيها الزميل الغالى بقدر اخلاصك وحبك للآخرين.