هل ينشغل كتابنا بعلاقة القارئ بما يكتبه؟، وهل يدرك الكاتب أن علاقته بما يكتبه تنتهي مع أمساك القارئ بما كتبه، ويتحول القارئ وارث وصاحب النص المكتوب، ويصبح الكاتب هو ماضي النص والقارئ هو حاضر النص ومستقبله، ومهما كانت براعة الكاتب وقدرته علي الإمساك بتلابيب ما يكتب يظل القارئ النشط هو من يحقق براعة الكاتب بفهمه ووعيه بالنص المكتوب.
وكما يري الناقد الكبير د.مصطفي ناصف أن علاقة الكاتب بالقارئ علاقة تصارع لاستيعاب ما تم كتابته، إنها علاقة تتسم بالتوتر ، والكاتب من الناحية النظرية منتمٍ للخاصة، ومع ذلك فإن قوة العامة تشتد يوما بعد يوم ولا تسمح لكثير من الكتاب بالانفصال التام عنها أو العلو عليها وإلا انفصلت عنه وتركته وما يكتب بلا قارئ.
فهل يُمكن تعليمنا الطالب بأن يصبح مفعلا ومحاورا للنص ومفجرا لألغازه ؟! ، وهل يدرك الطالب أنه البطل الحقيقي المنتظر المفسر للمنهج وما هو مكتوب بين يديه ؟ ، هل يتدرب علي نقد النص وفهم ألغازه، والوصول لما لم يذكره المنهج أو الكاتب.
هنا أظن أن تعليمنا ينتج أفرادا محدودي الفكر أمام النص وهالته ، النص يولد فوبيا في عقول طلابنا تابو محرم التفكير فيه يحفظ كما هو، وينقل لأوراق الإجابة، دون تحريف، النص في حياتنا ننزله منزلة التقديس ، مما يفقد النص بريقه وحياته وقدرته علي خلق حالة من الوعي ويولد كراهة للنص.
خنق عقول صغارنا بمنعهم من التفكير وإكسابهم طريقة اكتب ما تحفظه عن، وهي طريقة قاتلة للتفكير، والتفكير كما يذكر د.نبيل علي هو تنفس العقل وأن توقف اختنق العقل، والتفكير هو ما يهب ما نتعلمه ونقرأه معني، ويجعل له مغزي، فعلا صدق من قال ويل لأمة تحارب التفكير وعاشت بتفكير من تصنع الآخرين وتبقيهم حاضرين بقوة في حياتنا وهم غائبون منذ أزمان وأزمان، عللنا وأمراضنا الفكرية لا تنتهي وأزماتنا تتوالد ولا ينزعج أحد ويتساءل لماذا نترك عقولنا لأمواتنا ؟!.