كثيرا ما تصلنى على حسابى فى الفيس بوك أو تويتر رسائل من مسجونين أو معتقلين ينتظرون تقرير مصيرهم الذى لا يتقرر. كما أقرأ كثيرا منها على مواقع الصحف الألكترونية. منها هذه الرسالة المؤلمة والتى من سطورها وكلماتها تدرك درجة الصدق فيها. والتى هى للأسف أكبر من مساحة المقال فساكتفى بأهم مافيها :
الأستاذ الفاضل....
أكتب اليك بعد قراءتى مباشرة لمقالك عن محمود محمد فى جريدة الاخبار،عرفت هذا الطفل الرجل فقط من خلف القضبان من خلال رسوماته التى تحدثت عنها والتى بعث لى بالعديد منها من خلف قضبان سجنه فى طرة.
مادفعنى لمحاوله مراسلتك ليس أملا فى أن تكتبها مع مظلمتى وأوكد لك أن هذا الأمر لا يشغلنى كثيرا، وإنما ما لمسته من صدق فى كلمات مقالتك.
ما تحدثت عنه من أخطاء لا تصدق فى تحريات النيابه واتهاماتها وأوامر حبسها وتجديد حبسها للمعتقلين هوالأصل والأساس وليس الاستثناء. شيوخ تزيد أعمارهم عن الخمسين والستين واعتقلوا من منازلهم وتوجه لهم تهم بحمل الأسلحة وتدريب الكوادر الشبابية على حمل السلاح والتدريبات العسكرية والواحد منهم لايستطيع حمل كرسيه الذى يؤدى الصلاة عليه!!
هنا المئات من كبار السن والمرضى بشتى الأمراض وقد تم القبض عليهم بمختلف الطرق العبثية وتوجيه نفس التهم العبثية إليهم ليقبعوا خلف قضبان الظلم بالشهور والسنين منتظرين أملا فى الحريه لا يأتى، أحدثك عن عائلات بالكامل موزعة عالسجون والتهم الجنونية موزعة عليهم أيضا،الأب فى سجن والابن فى سجن الأحداث. أحدثك عن معاناة آلاف من الأسر والعائلات التى تقطع الآلاف من الأميال وتحمل الأحمال وتنتظر بالساعات فقط لتحظى ببضع دقائق يتيحها لهم وطنهم لرؤيه ابن أو زوج أو أخ أو أب غائب عنهم منذ شهور طويلة مديدة دون جرم أو تهمة حقيقية سوى تلك التهم السياسية العبثية العشوائية ، ولن أحدثك عن الكثير. لن أحدثك عنى،، طبيب النسا والولادة الذى كان مقبلا على دراسه الماجستير فى عين شمس وعن ظروف اعتقالى وأنا سائر مع زوجتى فى ميدان المنشيه فى الإسكندريه ولا عن ظروف حبسى لمدة تزيد عن الثلاثين شهرا دون إدانتى بالتهم المضحكة المنسوبة إليّ زورا بالشروع فى قتل المواطنين، وأنا المكلف مهنيا وأخلاقيا ودينيا بإنقاذ حياتهم من القتل !!
لن أحدثك عن أشكال الأمل بالحياة وحب الأوطان والأديان التى تملأ آلافا من الشباب الذين صاروا يسكنون زنازين مصر بعد أن ضاقت بهم شوارعها وميادينها وحواريها.
لن أحدثك عن اغانى الشيخ امام التى يغنونها ولا عن قصائد حب الوطن والشوق لحضن الحبيبة التى يكتبونها ويؤلفونها.
لن أحدثك عن رواية» أداجيو» التى قرأتها لك مهربة وغيرها من الكتب التى لن يجد أهلى مثل العناء الذى يجدونه فى تهريبها لو قرروا ان يهربوا لى أى نوع من أنواع المخدرات وما أكثرها فى السجون، ببساطة لأن الداخليه تمنع عنّا حتى الاستفادة بأوقاتنا وتحرم وتجرّم ادخال الكتب والروايات إلينا.
لن احدثك عن تعنت يلقاه الكثير من المعتقلين للالتحاق بدراسة تتيح لهم الاستفادة من تلك الأعمار التى تنقضى فى السجون ولا عن شهور طويلة من الحبس تمتد إلى 20 والـ 30 شهر دون حتى إحاله أو توجيه تهمه أو حتى تنتهى بالبراءة، ليجد الواحد منا نفسه بريئا بعد عامين وثلاثه قضاها داخل السجون !
لا أعلم ان كنت ستصدق كلماتى أم لا ولكن صدق كلماتك عن محمود دفعنى لأن ادعوك للبحث عن آلاف القصص المبكيه التى أملك منها الكثير لضعف القلب مثلك كما أطلقت على نفسك فى كلماتك المؤثرة التى أحسبها صادقة.
وشكرا...
عمرو عاطف
كنت طبيب نسا وولادة وكنت أقيم بالأسكندريه
والآن أنا مسجون فى سجن برج العرب منذ 30 شهرا دون إدانة!!!