محاكاة لحياة الكفيف
محاكاة لحياة الكفيف


لأول مرة فى مصر والشرق الأوسط وأفريقيا..

حوار فى الظلام.. محاكاة لحياة الكفيف خاضها 3 آلاف زائر رغم كورونا

عبدالمنعم ممدوح- إيهاب صبرة

الأحد، 04 أكتوبر 2020 - 04:57 م

 

تجربة مثيرة خاضتها «الأخبار المسائى» فى جولة لمدة 60 دقيقة وفى ظلام دامس لمحاكاة حياة الكفيف وكيف يتعامل مع مجتمعه من خلال مشروع (Dialogue in The Dark)، أو (حوار فى الظلام) الذى يتبع جمعية النور والأمل لرعاية الكفيفات وهى أول تجربة من نوعها تطبق فى مصر والشرق الأوسط من خلال التعايش والمرور بين 4 قاعات مختلفة (رفضت إدارة المشروع الإفصاح عن القاعات وبشكل تفصيلى وما تتضمنه حرصاً منهم على أن تظل التجربة جديرة بالممارسة والمعايشة ودون معرفة ماذا بها من خلال وسائل الإعلام أو النشر عن ما تحتويه أو المواقف بها  حتى لا تفقد بريقها أو المفاجأة عما بها وبالتالى من يمارسها بعد النشر سيفقد متعة التجربة) واحتراماً لرغبة الإدارة نتحاور مع الاشخاص ذوى الإعاقة العاملين كمرشدين فى التجربة ومن يخاضوا تجربة تبادل الأدوار مع الزائرين، نظراً لأن الكفيف فى هذه الجولة يقود شخص مبصر ويسعى معه لإعادة اكتشاف حواسه الأخرى التى يهملها أحياناً معتمداً على حاسة البصر فقط وهو عكس الواقع والحياة المجتمعية حين يلجأ الكفيف لشخص مبصر ليعينه على التعايش مع المجتمع.


وحرصنا على معرفة ما يدور بذهن ذوى الإعاقة البصرية أصحاب تجربة هدفها وعنوانها «نحن شركاء فى الحياة»


تبدأ التجربة بوضع مقتنياتك وأشيائك وما تحمله داخل دولاب ثم منحك عصا بيضاء وهى تعتبر أسلوب حياة الكفيف والانتقال بعدها إلى غرفة الإضاءة بها خافتة لأقصى درجة استعداداً لبدء الجولة من داخل قاعات ذات ظلام دامس وقاتم ومع السطور التالية نغوص فى أعماق الأشخاص ذوى الإعاقة البصرية ونعرف مشاعرهم وحوار فى الظلام.


فى البداية يشعر ممدوح زين الدين أحد المرشدين بحوار فى الظلام بسعادته البالغة لمشاركته فى التجربة ويقول تجربة  Dialogue in The Dark  أو حوار فى الظلام هي إحدى أكثر التجارب تشويقاً في العالم والتي تمنحك فرصة لإعادة استكشاف ما حولك معتمداً على حاسة اللمس، والتذوق، والشم والسمع وباستخدام عصا بيضاء وبمعاونة مرشد كفيف داخل غرف مصممة لتكون مظلمة بالكامل، عملية المحاكاة تتم من خلال تبادل الأدوار بين الشخص الكفيف والشخص المبصر، حيث في الظلام يصبح المبصر كفيفاً والكفيف مبصراً.


وهى التجربة الأولى التى تطبق فى مصر والشرق الأوسط لمحاكاة حياة المكفوفين والتعرف على ما يواجهونه فى كافة مناحى الحياة وما يشعرون به ونعتبرها تبادل أدوار بيننا كأشخاص من ذوى الإعاقة البصرية وبين الزائرين لخوض التجربة على مدار ساعة كاملة يتجولون فى 4 قاعات مختلفة وفى ظلام دامس تمثل  كل قاعة فيهم جزء هام وحيوى من فنون التعامل مع حياة  الكفيف وردود أفعالهم  مع كل المواقف التى يخوضونها أثناء الجولة بل إن المرشد لهم فى هذه الزيارة شخص كفيف تمثل هذه الدقائق البسيطة جزء ضئيل يتعايش فيه يومياً ويطلب منهم استخدام كافة حواسهم الأخرى التى تم إهمالها اعتماداً على حاسة البصر.


 ويتذكر زين الدين أحد المواقف التى صادفها أثناء جولته مع ضيفة  بسؤاله لها هل اختلفت نظرتك لذوى الإعاقة البصرية بعد تعايش 60 دقيقة من حياته اليومية أجابت أنها لم تكن تعى هذه الحياة وأنها ستوافق على الارتباط بشخص كفيف لو تقدم لها طالباً الزواج منها.


ويضيف زين الدين أثناء الزيارة أعمل على زيادة تركيز وانتباه الزائر أو الضيف حتى لايشرد بعيداً وينشغل عن هدف التجربة وخاصة أثناء الانتقال بين قاعة وأخرى وهو لا يرى أى شيء معتمداً على ثقته فى من معه من المرشدين (وأشعر بذلك لو شرد منى  وبعرف أجيبه وبسرعة إزاى).


التجربة قوية جداً وتستحق أن نعمل فيها وعليها كأصحاب قضية من ذوى الإعاقة البصرية وأن يشاركنا فيها المجتمع ليصل إليهم هدفنا وأننا مثلهم لا ينقصنا شيء حتى نحصل على حقنا فى الحياة وبشكل كريم وفى إطار حقوقنا وواجباتنا تجاه المجتمع هكذا عبر أسامة طايع أحد المشاركين فى التجربة عن وجهة نظره، مضيفاً، تتيح لك التجربة فرصة لإخراجك من مساحة اعتيادك للإدراك البصري إلى تكوينك لصورة ذهنية من خيالك معتمداً على ما تكتشفه بحواسك.

 

اقرأ أيضا: حوار| أحمد أبو الغيط: المشهد العربي معقد ويعاني ارتباكاً غير مسبوق


نحن نحتاج للكثير من هذه التجارب حتى يصل صوتنا للجميع فأقود مجموعة من المبصربن ونتبادل معاً أدوارنا فى الحياة وأن فكرة دمج الأشخاص ذوى الإعاقة ككل وخاصة ذوى الإعاقة البصرية فى المجتمع هى حق أصيل لهم وليس من منطلق شفقة أو إحسان ولكن من أننا شركاء ونسيج فى وطن يحتوينا وهو ما يصل إلى الغالبية العظمى من الزائرين وأن هناك جزء من الزيارة له شق ترفيهى حتى لا يمل أو ينزعج من يخشى الحياة فى ظلام دامس حتى لو كانت ساعة من يومه.


وعن أغرب المواقف التى حدثت معه ابتسم قليلاً.. وقال كنت مرشداً لمجموعة من الطلبة ومعهم معلمتهم والأطفال على أهبة الاستعداد ولديهم اشتياق لخوض التجربة وفجأة أصابت معلمتهم (فوبيا) الخوف من هذا الظلام وانعكس خوفها على تلاميذها وانزعج الأطفال حتى سيطرنا على الوضع وهدأنا من روعهم وشاركونا التجربة دون معلمتهم وهناك البعض من المواقف التى تدعو البعض للاندهاش والتساؤل ومنها أن رباط حذاء أحد الأطفال كان غير جيد وقمت بإعادة إحكامه له مرة أخرى وبدت الدهشة والاستغراب على ملامحه وسألنى كيف عرفت وقمت بعمل ذلك ونحن فى هذه العتمة القاتمة.


وتعتبر وفاء سليمان إحدى المرشدات فى «حوار فى الظلام» أن التجربة لها نتيجة أسرع وأفضل فى العمل المجتمعى العام عن الدراما والمؤلفات النشرية باختلاف طبيعتها وتعددها نظراً لأن أى عمل مهما كانت أهميته فهو يصل للمتلقى ومع مرور الوقت قد يفقد أهميته أو رسالته أما تجربة حوار فى الظلام تظل درجة الاستمتاع به وأهميته قائمة لأن المتلقى هنا شارك وبنفسه فى الرسالة التى يجب أن تصل إليه وكان شريكاً فى الهدف وبهذا أصبحت الإيجابية للتجربة أعلى وأفضل وهو ما لمسته من جميع الزائرين الذين قمت بإرشادهم أثناء الجولة ومدى استمتاعهم بها ولم التقى ضيفاً صرح لى بندمه على قضاء هذه الدقائق من آلاف  الساعات فى حياة الكفيف.

وتؤكد أنها تسعد كثيراً بزيارات طلبة المدارس فى كل المراحل والجامعات لأن الرسالة لهم بتكون أهم وأقوى نظراً لصغر سنهم وبالتالى استياعبهم للفكرة أكبر وأفضل والتعايش مع الكفيف كشخص عادى وطبيعى وليس من منطلق (مولانا أو البركة بتاعنا)
ومن أجمل مواقفها أثناء عملها بالتجربة هو إصرار طفل لا يتجاوز 5 سنوات من عمره على المشاركة فى التجربة وقضاء تلك الفترة بمفرده دون خوف أو توتر.


وتشعر بالقلق لأن الزيارات أصبحت قليلة ومنذ فترة انتشار فيروس كورونا واتخاذ الإجراءات الاحترازية فبعد ما كانت الوفود والزيارات تنهال عليهم أضحت الآن لا تتناسب مع هدفها وهو ما يجعلها وكل أقرانها فى التجربة حريصون على المشاركة ولو بأقل القليل من الزيارات حتى يصلوا للهدف المنشود فى رسالتهم.


ويضيف حسن عبد الفتاح أحد المرشدين بالتجربة أننا لا نتوقف عن وجودنا كمرشدين فقط ولكننا نشارك فى أعمال الطوارئ أو الضيافة والكافيتريا وهى أعمال مدربين عليها بشكل رائع وقضينا ما لايقل عن 100 ساعة من  التدريب المتواصل للتعامل مع أى حالة طارئة سواء كانت فوبيا عدم التعامل مع الظلام الدامس والقاتم أو الأزمات النفسية أو حريق أو أى حدث آخر وهناك تواصل مع فريق الإدارة لتأمين الزوار داخل القاعات وخارجها وإدخال الطمأنينة عليهم بل وضعهم فى ظروف تجعلهم يحسنون استخدام باقى الحواس فلدينا 5 حواس كل منهم تستحق 20% من التعامل وفى جولتنا نهمل 20% الخاصة بالبصر والرؤية ونستعين 80% لباقى الحواس وهو الأهم، ودورى هو اكتشاف حواسك وما وراء البصر عن طريق التحاور فى الظلام وتحقيق التوازن ما بين القدرات والإدراكات وأن كل الأشخاص متساوون فى قدراتهم وما يفرق بينهم هو إدراكهم لقدراتهم وسيكون لديه نسبة من الوعى ليست موجودة قبل ذلك وبالتالى منحهم فرصة لإعادة اكتشاف الحياة ومعها نحقق الوعى ويتكامل المجتمع ويتعامل مع ذوى الإعاقة، وخاصة البصرية بسهولة ودون تعقيد أو صعاب.

اقرأ أيضا: في عام| الحكومة تستجيب لـ«4247» استغاثة على مواقع التواصل الاجتماعي والصحف 

وبعد انتهاء جولتنا اصطحبنا  فريق حوار فى الظلام لصالة لا تقل فى ظلامها عن سابقيها  لتقديم واجب الضيافة لنا بتقديم أحد المشروبات وطرح فكرة اختيار من يعد المشروب ويجهزه نحن كضيوف أم فريق العمل ووافقت وزميلى المصور على إعداد المشروب بأنفسنا فى هذا الظلام.

ونختتم جولتنا مع منة أشرف مدير التسويق والاشتراكات، بقولها إن الفكرة بدأت عام 1989 في مدينة هامبورج بألمانيا وتم انتشار الفكرة تدريجياً وصولاً إلى إطلاقها في أكثر من 39 دولة وتم إطلاقها لأول مرة في أفريقيا والعالم العربي في مصر ومن خلال جمعية النور والأمل لرعاية الكفيفات وتهدف التجربة إلى رفع الوعي بأهمية المساواة والدمج المجتمعي لفاقدي أو ضعاف البصر، بالإضافة إلى تغيير النظرة السلبية والمفاهيم المغلوطة من خلال استبدال شعور التعاطف الزائف والتهميش إلى محاولة فهم والتعايش مع الآخر وأن المشروع غير هادف للربح ويدير نفسه بنفسه وأى عائد ينتج عنه يتم استخدامه فى تطوير التدريب، وخاصة أن المرشد يحتاج للتدريب المتواصل وعلى يد خبراء عالميين فى هذا المجال حتى يكون لديه القدرة على احتواء الزائر فى ظروف لم يعتد عليها أو لم يتعايش فيها من قبل ولذلك تم اختيار المرشدين بدقة متناهية فقد تقدم ما لا يقل عن 150 كفيفا وكفيفة للعمل بالتجربة ووضعنا معايير للاختيار منها هل الكفيف متقبل إعاقته وليس لديه مشكلة فى ذلك، وكان أهم سؤال عند اختيارهم هو هل ناقم على المجتمع بسبب إعاقته وبعض السلبيات التى يتعرض لها من الآخرين ولا متصالح مع نفسه ومع المجتمع والتعامل معه؟، وقد كان فتم اختيار 22 منهم 12 من الفتيات و10 من الرجال ومن مختلف المحافظات وليس من أماكن بعينها ووصلنا حتى الآن إلى ثلاثة آلاف زائر ولولا الإجراءات الاحترازية  لفيروس كورونا لكنا تخطينا هذا العدد بكثير، وعندنا تنوع فى استقبال الزائرين وأن يكونوا من مختلف الأعمار والفئات والطبقات.

اقرأ أيضا: حوار| أسرار من حياة ياسمين الخيام ابنه الشيخ الحصري


ولاحظنا خلال تجربتنا أن الناس لديها خوف كبير من فكرة الظلام الدامس وخلال الجولة بدأوا تقبل هذه الفكرة وقضاء بعض الوقت فى ظلام وهى محاولة لكسر الصورة النمطية للمكفوفين واعتماد على التخيل بشكل كبير من جانب الزائر وهى الطبيعة التلقائية للكفيف فى حياته مع وجود مرحلة بناء الثقة بينه وبين من حوله فى المجتمع وإدراك أن الظلام الدامس والقاتم هى البيئة الآمنة للكفيف وعليه أن يتعايش فيها وبالتالى إبراز الوعى المجتمعى من خلال التجربة أن عليكم دور هام فى بناء الثقة مع الكفيف وكما تمنيتوها خلال 60 دقيقة.

 

اقرأ أيضا: «نور حياة» طاقة أمل لأصحاب «العصا البيضاء».. وأطباء يكشفون أسباب وعلاج فقد البصر

محاكاة لحياة الكفيف خاضها 3 آلاف زائر رغم كورونا

محاكاة لحياة الكفيف خاضها 3 آلاف زائر رغم كورونا

محاكاة لحياة الكفيف خاضها 3 آلاف زائر رغم كورونا

محاكاة لحياة الكفيف خاضها 3 آلاف زائر رغم كورونا

محاكاة لحياة الكفيف خاضها 3 آلاف زائر رغم كورونا

محاكاة لحياة الكفيف خاضها 3 آلاف زائر رغم كورونا

محاكاة لحياة الكفيف خاضها 3 آلاف زائر رغم كورونا

محاكاة لحياة الكفيف خاضها 3 آلاف زائر رغم كورونا

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة