مفيد فوزى
مفيد فوزى


نغمة نشاز فى مكتبة الإسكندرية!

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 04 أكتوبر 2020 - 08:00 م

 

مفيد فوزى

لا أريد أن أنبش فى الماضى ولكنى عاجز عن النسيان ولا اريد أن أمسك بيدى بلحظة ما فى الزمن الذى كان الأخ يتجسس على أخيه.

بيننا وبين الموضوعية فراسخ من الزمن.
مازلنا إلى هذه اللحظة نشخصن الأمور. اتحدث من منصة وطنية، يقال إنها منصة شخصية. اتحدث من رحم تجربة شخصية عشت وقائعها، يقال هذه مزايدة على الواقع.
أصف ما جرى لى انه تجاوزات عصر الأوامر الشفوية -الحقبة الناصرية- يرد عميد المهنة على رسالتي: كل ثورة ولها تجاوزات. اقول للاستاذ هيكل: التاريخ لن يغفر لأنه لايجامل. يقول لي: التاريخ يكتبه بشر لهم نوازع اقول له: للتاريخ ذاكرة وبعضهم احياء عاشوا الاحداث غيرالمنطقية، يرد: الاحكام الذاتية ليست وقائع تاريخية والمؤرخون يقودهم الهوى فى احيان كثيرة.
كل هذا جال بخاطرى وأنا أتلو شهادتى فى ثلاث دقائق عبر احتفالية بمرور نصف قرن على رحيل عبدالناصر.
ومنذ اللحظة الأولى لوجودى فى القاعة - امتثالا لدعوة ايقونة المكتبة د.مصطفى الفقى شعرت أنى اجلس بين «ناصريين صوفيين» رغم أن الفاضلة المثقفة هدى عبدالناصر قالت إن الناصرية انتهت برحيل ابيها خالد الذكر. واكتشفت أن أى كلمة تمس ذات عبدالناصر غير مرغوب فيها وأنى أقاوم تيارا عاتيا هم الناصريون الجدد الذين لم يعيشوا كما عشت الحقبة الناصرية ورأيتها وتفاعلت معها ومع أجنحتها وكنت أخاف من «مندوب الثورة» وهو أحد الزملاء المختارين بسبب الولاء المطلق وليس الكفاءة وأدركت قبل أن أنطق بكلمة أنى سأكون صادماً ومع ذلك لم أتراجع وقلت إنه ليس نظاما ملائكيا لا تدنسه اخطاء البشر، بل هو واقع مداس ونابض بالحياة.. واستعادت ذاكرتى ماكتبه يوما ناصر الدين النشاشيبى حين قال: غريب أمر المصريين يصفقون لحاكم أتى لهم بالنكسة ويرمون الاحجار على حاكم جلب لهم النصر والعزة!!
ففى صباح ذلك النهار ٣٠ سبتمبر، اخذت الاذن بالكلمة من الكاتب المحترم د.أحمد يوسف الذى يجمعنى به حب اللغة العربية ويحزن- مثلي-  لقنوطها. قلت من مقال منشور موثق وموجه لعميد المهنة وعماد الناصرية وكنا من خلال مقالاته بصراحة نقرأ كف الدولة. تلوت على الحاضرين ما وجهته لمحمدحسنين هيكل.
وكان أحدث وجه فى أسرة عبدالناصر حاضرا: جمال خالد عبدالناصر
>>>
قلت: أليس الميثاق رومانسيا ولايمت للواقع المصري؟
قلت: أليس الاتحاد الاشتراكى تجسيدا لمراكز القوى والنفوذ؟
قلت: لا أريد أن أنبش فى الماضى ولكنى عاجز عن النسيان ولا اريد أن أمسك بيدى بلحظة ما فى الزمن الذى كان الأخ يتجسس على أخيه.
قلت: هل تتذكر جيدا يوم فصلنى النظام الشمولى بتليفون واعادنى بتليفون دون تحقيق! وكنت قد كتبت مقالا انتقد فيه اسلوب الاتحاد الاشتراكى فى «تزويق» الصورة، فلما جاءنى رد الاجهزة كتبت أقول عندى الدليل وسأنشره، ولكنى تلقيت قرار فصلى بنفسى وعشت ١١ شهرا بدون  مرتب وعند روزاليوسف الدليل القاطع الساطع.
قلت: لماذا كنا نحرص خلال زيارات الاصدقاء على «موسيقى عالية الصوت» تخفى معالم ما نقول وكنا نخشى التسجيل. وبصراحة اكثر كان الخوف حاكما.
قلت: هل بالفعل كنت «تحمي» قامات أدبية كبيرة كتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف ادريس من بطش السلطة والسلطان اذا كتبت الاجهزة «تأويلا» لما جادت به قرائحهم؟
قلت: هل كان عبدالناصر على حق حين مزج السياسة بالعواطف وسمح بمساحة هائلة له.. وكان أمر جيش عامر نذيرا بالنكسة.
قلت: ماذا كان يبغى عبدالناصر من «التنظيم الطليعي» غير عيون تراقبنا ولاندري؟!
قلت: ولكن هيكل لم يقبل وكتب لى «ارجوك أن تجنبنا غربة الخطابات المفتوحة يوجهها احدنا للآخر كأنها دعوة الى  ملاكمة أو مصارعة وذلك نوع من الحفلات عالية الصخب وجرى ذلك فى غيبةمشروعية من أى نوع وفى غيبة مؤتمن على قواعد هذه المشروعية. نتطلع لحوار سياسى اترك لك بمهارتك التى شهدنا بها جميعا أن تضع القاعدة الحاكمة لطبيعته على نحو يضمن ألا يكون مزيدا من سهام منطلقة بكل قوة ذاهبة الى فراغ بغير نهاية.
>>>
وقلت: أن من أعظم فضائل السيسى حاكما: الوفاء. لقد اعاد الاعتبار بانصاف اللواء محمد نجيب أول رئيس جمهورية فى يوليو ٥٢. وكانت السلطة قد اعتقلت محمد نجيب طول حياته فى شقة نائية بالمرج ولم يسمح له بحضور جنازة ابنه الذى توفى ومحمد نجيب فى المعتقل الاجبارى. وما فعله الرئىس السيسى ان اطلق اسم محمد نجيب على قاعدة عسكرية فى مصر واعاد اسمه الى الاذهان ولجيل لم يعرفه ويعرف ظروف اعتقاله.
>>>
ستظل مكتبة الاسكندرية منارة فكر مثلما كانت ومن الطبيعى فى الندوات الفكرية التى يكثر فيها الجدل ان تبدو ايماءات اعتراض  واتهامات بالابتزاز. وابتسامات لامعنى لها. لكنى كنت اشعر بأنى «نغمة نشاز» وسط «نوتة ناصرية»! ثبت لى انى كنت اعزف وحدى وربما أعبر عن آخرين فى القاعة آثروا الصمت.
قناعات
١- كان المفكر سلامة موسى يلخص التقدم فى مصر فى كلمة واحدة هي: الضمير.
٢- أتحمس لفكرة «الوزير عند البحيرة» ان مغزاها العميق ان يخرج معاليه من مكتبه للهواء الطلق، ويفكر.
٣- من قال إن «الصحة النفسية» ترف؟ ذلك أن الانسان السوى عماد دولة قوية.
٤- فنجان قهوة مع صديق صديق وفضفضة مع رشفات القهوة تساوى زيارة لطبيب نفسى.
٥- لسنا وحدنا الكائنات فى الأرض. هناك النبات وهناك الحيوان وخص الله الانسان وحده بالعقل.
٦- أوقن تماما ان هناك مواهب مدفونة تحتاج فقط الى فرصة، نعم الى فرصة.
٧- عادة أصلى والقى بأثقالى الى ضابط الكل وانتظر سيناريوهاته السماوية.
٨- «مفرحات النفس» تعبير صكه د.خليل فاضل، ولكن ما اقل مفرحات النفوس.
٩- لايجب اعلاميا أن تكون كل الشاشات نسخة واحدة ورفقاء جيلى استهجنوا يوما هذا الاسلوب وانا أرى ان اختلاف التناول للمحتوى مهم جدا حتى لايحرك المشاهد الريموت لشاشات اخرى واهما أنها الحقيقة.
١٠- فى الفيس بوك، هناك بشر يفرضون الصداقة عليك وربما كنت غير راغب فيها. إنها التكنولوجيا وسنينها.
١١- حاكموا المحليات الفاسدة قبل محاكمة المخالفين.
١٢- لم يقرأ احد فنجانى المقلوب ولم أسع للابراج لاعرف حظى. انا اترك الامور لنصيبى من الحياة.
١٣- ألم الجسد لايساوى شيئا أمام الألم النفسى.
١٤- النشال أذكى من فريسته، وكورونا أخبث من المحترزين منها.
١٥- غضب الأطفال: ان نفهمه أفضل من المحايلة المؤقتة.
١٦- اسأل ولاتكف عن السؤال! سناء البيسى ذات مقال.
١٧- خالد ميرى وعمرو الخياط: أهلا بالثقة المتجددة.
١٨- كوميديانات هذا الزمن: زغزغة لا اكثر.
١٩- لعلك سافرت الى كل قارات الارض وربما تعرف اكثر من كتب الجغرافيا ولكن قارة تجهلها اسمها قارة النفس.

 

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة