كريستالينا غورغييفا
كريستالينا غورغييفا


قدم 280 مليار دولار قروض للدول الأعضاء.. 

صندوق النقد الدولي يرسم ملامح علاج الاقتصاد العالمي في المرحلة القادمة 

شيماء مصطفى

الثلاثاء، 06 أكتوبر 2020 - 07:16 م

 

ناقشت كريستالينا غورغييفا، مدير عام صندوق النقد الدولي، أوضاع الاقتصاد العالمي وأولويات السياسة العامة قبل الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي 2020، في حديث مع منوش شفيق مدير بورصة لندن.

وأكدت كريستالينا غورغييفا، مدير عام صندوق النقد الدولي، أنه الاقتصاد العالمي أمامه مسارا من الصعود الطويل للتغلب على الأزمة وبناء اقتصاد أكثر صلابة، لمواجهة الأزمة والدفع لتحقيق التحولات الاقتصادية.

وقالت: "نحن نرى أربع أولويات عاجلة في هذا الخصوص؛ أولا، الدفاع عن صحة البشر: فالإنفاق على العلاج والاختبارات ورصد المخالطين يمثل ضرورة حتمية. وهو ما يسري كذلك على التعاون الدولي الأكثر قوة لتنسيق تصنيع اللقاحات وتوزيعها، خاصة في أشد البلدان فقرا. فلا سبيل سوى هزيمة الفيروسفي كل مكان لتأمين التعافي الاقتصادي الكامل في أي مكان.


ثانيا، تجنب سحب الدعم الذي تتيحه السياسات قبل الأوان: مع استمرار الجائحة سيكون من الضروري الإبقاء على الإمدادات الحيوية في مختلف قطاعات الاقتصاد، وإتاحتها للشركات والعمال – مثل التأجيلات الضريبية، وضمانات الائتمان، والتحويلات النقدية، وإعانات دعم الأجور. ومما يحمل الأهمية نفسها مواصلة العمل بالسياسة النقدية التيسيرية وتنفيذ إجراءات السيولة لضمان تدفق الائتمان، وخاصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومن ثم دعم الوظائف والاستقرار المالي. أما إذا قطعنا هذه الإمدادات قبل الأوان، فإن الصعود الطويل سيصبح هبوطا حادا.


ثالثا، ستكون مرونة سياسة المالية العامة وجرأتها من الأهمية بمكان حتى تترسخ أقدام التعافي: فقد أحدثت هذه الأزمة تحولات هيكلية عميقة الأثر، ولا بد أن تؤدي الحكومات دورها في إعادة توزيع رأس المال والعمالة لدعم هذا التحول.


ويقتضي هذا توفير دفعات تنشيطية لخلق فرص العمل، لا سيما في مجال الاستثمارات الخضراء، والتخفيف من حدة التأثير على العمالة، بدءا من إعادة تدريبهم وتأهيلهم لاكتساب مهارات جديدة إلى توسيع نطاق تأمينات البطالة وإطالة مدتها. وستكون حماية الإنفاق الاجتماعي مطلبا حيويا من أجل الانتقال العادل إلى وظائف جديدة.


رابعا، معالجة المديونية – لا سيما في البلدان منخفضة الدخل: فقد دخلت هذه البلدان مرحلة الأزمة بمستويات مديونية مرتفعة بالفعل، وهي أعباء لم تزدها الأوضاع إلا ثقلاً، فإذا كان لها أن تكافح الأزمة وتواصل تقديم الدعم الحيوي من السياسات؛ وإذا كان لها أن تحول دون ضياع مكاسب التنمية التي حققتها على مدار عقود، فإنها ستحتاج لمزيد من العون – وعلى وجه السرعة. وهذا يعني إمكانية الحصول على المزيد من المنح، والقروض بشروط ميسرة وتخفيف أعباء الديون، على أن يقترن ذلك بتحسين إدارة الديون وزيادة الشفافية. وفي بعض الحالات، سيتعين التنسيق على المستوى العالمي لإعادة هيكلة الديون السيادية، بمشاركة كاملة من الدائنين من القطاعين العام والخاص.


وتابعت: "في كل هذه المجالات، بإمكان البلدان الأعضاء الاعتماد على صندوق النقد الدولي، وسوف نساعدها طوال رحلة صعود الجبل، وسنسعى جاهدين للقيام بدور "المرشد الجبلي، وسوف نعمل على إرشادهم بإسداء المشورة السليمة على مستوى السياسات، وسنقدم التدريب الذي قد تحتاجه بعضها. والأهم من ذلك، سنكون على استعداد لتقديم الدعم المالي والمساعدة في تخفيف أعباء الديون لمن قد لا يجدون سبيلا للنجاح بغير ذلك".


وأضافت: "لقد قمنا بالفعل بتوفير التمويل على نحو غير مسبوق من حيث السرعة والنطاق لعدد 81 بلدا، فقد بلغت التزاماتنا بتقديم القروض أكثر من 280 مليار دولار – وصدرت الموافقة بالفعل على أكثر من ثُلث هذا المبلغ منذ شهر مارس الماضي، ونحن على أهبة الاستعداد لتقديم المزيد، فلا تزال لدينا موارد ضخمة في طاقتنا الإقراضية الكلية التي تبلغ تريليون دولار لكي نضعها في خدمة بلداننا الأعضاء وهي تسلك مسارها نحو الصعود".. ومرة أخرى أقول إن عملية التسلق هذه ستكون شاقة. وستقتضي شق مسارات جديدة لصعود الجبل. فلا يسعنا ببساطة أن نعيد بناء الاقتصاد القديم، بما ينطوي عليه من انخفاض النمو، وانخفاض الإنتاجية، وارتفاع عدم المساواة، وتفاقم أزمة المناخ".


وأكدت مدير صندوق النقد الدولي، أن الدول بحاجة إلى إصلاحات أساسية لبناء اقتصاد أكثر صلابة – اقتصاد أكثر اخضرارا، وأكثر ذكاء، وأكثر احتواء للجميع – أي أكثر ديناميكية. وهذا هو ما ينبغي أن نوجِّه إليه الاستثمارات الضخمة اللازمة لتحقيق تعافٍ قوي ومستدام، وتشير دراسة بحثية جديدة أجراها الصندوق إلى أن زيادة الاستثمار العام بنسبة 1% فقط من إجمالي الناتج المحلي في مختلف البلدان المتقدمة والصاعدة يمكن أن تخلق ما يصل إلى 33 مليون وظيفة جديدة، ونحن نعلم أنه، في حالات كثيرة، يمكن للمشروعات الخضراء ذات التصميم الجيد أن تولد المزيد من الوظائف وتحقق عائدات أعلى، مقارنة بالدفعات التنشيطية التقليدية من المالية العامة.


وقالت: "نعلم أيضا أن العمل جار لتسريع وتيرة التحول الرقمي، مما يبشر بزيادة الإنتاجية وتوفير وظائف جديدة بأجور أعلى. وبإمكاننا إطلاق هذه الإمكانات بإعادة تجهيز النظم الضريبية بأدوات جديدة وبالاستثمار في التعليم وفي البنية التحتية الرقمية. وينبغي أن يتمثل هدفنا في إتاحة الفرصة لكل إنسان للحصول على خدمة الإنترنت والمهارات اللازمة للنجاح في اقتصاد القرن الحادي والعشرين".


وأشارت إلى أن كل هذا يمكن أن يتحقق – لأننا نعلم أن الأجيال السابقة كانت تملك من الشجاعة والعزيمة ما جعلها تتسلق الجبال التي اعترضت طريقها. وقد حان دورنا الآن؛ وها هو الجبل الذي يعترضنا، وعلى حد تعبير أحد متسلقي الجبال: "بإمكانك أن تبلغ قمة أي جبل، فقط إذا ما أنت واصلت الصعود، والأمر ذاته يسري على مسار الصعود الطويل والسياسات اللازمة للمضي قدما. وإذ يربطنا معا حبل واحد، فسوف نتمكن من التغلب على الأزمة وبناء عالم أكثر رخاء وأكثر صلابة ينعم به الجميع.
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة