وثيقة تتحدث عن هجوم مصري - سوري مشترك
وثيقة تتحدث عن هجوم مصري - سوري مشترك


47 عاما.. ولا يزال جرح إسرائيل فى «أكتوبر» غائراً!

محمد نعيم

الثلاثاء، 06 أكتوبر 2020 - 11:17 م

- «معلومة ذهبية» قادت انتصار المصريين

- ارتباك القادة أمام «أجرانات».. و«خناقة» جولدا وديان مع زعيرا

- طيار إسرائيلي: زملائى هربوا أمام «الوحوش» المصريين يوم الغفران


رغم مرور 47 عامًا، يبدو أن حرب أكتوبر لم تضع أوزارها بعد.. الجرح الغائر يأبى اندمالًا حتى الآن.. ولازال جلد الذات يؤرق دهاة الحرب فى إسرائيل، ويفرض عليهم سؤالًا إجباريًا كل عام: كيف فعلها المصريون؟! لكن من فعلها ما برح صامتًا، ويؤثر كعادته ردًا بالأفعال لا الأقوال، ويكتفى بعقيدته الراسخة: «وإن عدتم عدنا»!!

رغم مرور 47 عامًا على انتصار أكتوبر 73، لازالت إسرائيل تبحث أسباب الهزيمة، وتفتش فى أوراقها القديمة، للإجابة على سؤال: كيف فعلها المصريون؟ من بين تلك الأوراق وثائق سريَّة جديدة، أزاح أرشيف الجيش الستار عنها قبل أيام، وتضمنت جانبًا مهمًا من مراسلات وتحقيقات لجنة «أجرانات» مع قادة إسرائيل حول قصور «يوم الغفران» على الجبهتين المصرية والسورية.

وتعود الوثائق إلى ما قبل نشوب الحرب بأربعة أيام، وتحديدًا فى 2 أكتوبر 73، حينما أعدت الاستخبارات العسكرية (أمان) تقريرًا نعتته بـ«بالغ السريَّة»، وجاء تحت عنوان «مراجعة الاستخبارات الخاصة - تقييم خطةسوريا لاحتلال هضبة الجولان».


غير مرجح


التقرير أوضح: «لدينا معلومات تتوقع هجومًا سوريًا كاسحًا على هضبة الجولان نهاية سبتمبر 73، ومن المقرر أن تشارك فى الهجوم الفرق السورية الخمس.. خطة الهجوم تبدو كما لو كانت خطة عملياتية سورية رئيسية، وأن السوريين قد تلقوا تدريبات عليها طيلة عام كامل؛ لكن تنفيذها فى هذا التوقيت وعلى المدى القريب غير مرجح، وفقًا لتقديرنا».

وأفاد تقرير (أمان)، بحسب الوثائق السريَّة، أنه رغم سماح الوضع على الجبهة السورية بشن هجوم؛ إلا أن فرص اندلاع الحرب مستبعدة، نظرًا لانعدام مؤشرات تعاون المصريين مع السوريين فى عمليات قتالية ضد إسرائيل، خاصة أن السوريين لن يقدموا على الخطوة دون تعاون المصريين. وفى حين كان معلومات إسرائيل غير واضحة حول ما يجرى على الجبهة المصرية، وضعت الاستخبارات العسكرية تصورات خاطئة فى تقدير الموقف، خاصة أن مصر كانت قد استعدت بالفعل لهجوم متزامن على إسرائيل.

وبدا الأمر مغايرًا عند مقارنة معلومات الجبهة السورية بنظيرتها المصرية، إذ أوردت الوثيقةمعلومات مفصلَّة، دارت فى مجملها حول كيفية هجوم ثلاث فرق مشاة سورية على إسرائيل، لاحتلال قطاع بعمق يتراوح ما بين 8 إلى 10 كيلو مترات فى الجولان، لتستكمل فرقتان مدرعتان عملية الاحتلال حتى الأردن. وتزامنًا مع إعلان حالة التأهب القصوى فى سلاح الجو السورى وأسلحة أخرى، نصت الخطة على احتلال هضبة الجولان فى يوم واحد فقط.

عشية الغفران

وأزاح أرشيف الجيش الإسرائيلى الستار عن تقرير آخر، يتضمن ما وصفه بـ«المعلومة الذهبية»، وهو تقرير استخباراتى بالغ الأهمية، تلقته إسرائيل عشية يوم الغفران فى تمام الساعة 16:45، وجاء فيه: «علمنا أن سوريا طردت الخبراء السوفييت، وأن الطائرات بدأت فى نقلهم بالفعل من دمشق إلى موسكو»، وأضافت مصادر التقرير أن السوريين برروا الطرد بقولهم: « إن مصر وسوريا تعتزمان شن حرب على إسرائيل».

بعد وصول المعلومة تل أبيب، أعدت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تقريرًا فوريًا، بغرض رفعه إلى المستوى السياسي، ووصفته بأنه «عاجل»، لكن نقله إلى رئيس الوزراء، ووزير الدفاع، ورئيس الأركان، تأخر حتى الساعة 6:35 صباح يوم 6 أكتوبر، أو بعبارة أخرى: قبل ساعات قليلة من اندلاع الحرب؛ أو أن القيادة السياسية تسلمته بعد عشر ساعات ونصف من وصول المعلومة.

ووفق مراسلات لجنة «أجرانات» التى يجرى الكشف عنها حاليًا، ادعى قائد الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية آنذاك، اللواء إيلى زعيرا، أنه لا يتذكر ما إذا كان قد تلقى تعليمات بتأخير رفع المعلومات الاستخباراتية، رغم أن مساعده البحثى العميد آريا شيلو أكد أن زعيرا كان مسؤولًا عن التأخير. وأوضح شيلو فى رسالة إلى لجنة «أجرانات»: «بعد أن تلا مساعد رئيس شعبة الأبحاث العقيد جيرا التقرير كلمة بعد أخرى على رئيس الاستخبارات العسكرية زعيرا، أمره الأخير بإرجاء وصول التقرير إلى المستوى السياسي، وبالتالى تجمَّدت حركة التقرير فى مكانها لمدة عشر ساعات ونصف الساعة».

خديعة العملاء

لم يجد زعيرا تبريرًا يرد به على اعترافات العقيد شيلو أمام أعضاء اللجنة سوى بقوله: «كان تقديرنا للمعلومات أنها لا تضيف جديدًا، وكنا نأمل تلقى مزيد من المعلومات المهمة من عملائنا قريبًا، خاصة أنهم وعدونا بذلك فعليًا».

وعبر لجنة «أجرانات» اشتبك زعيرا مع المستوى السياسي، حينما تبادل الجانبان اتهامات حول المسؤولية عن الهزيمة فى حرب أكتوبر؛ وفى حين قالت رئيسة الوزراء جولدا مئير فى شهادتها: «كان الوضع سيتغير كثيرًا إذا وصلتنى هذه المعلومات الذهبية فى وقتها»، بعث وزير الدفاع حينئذ موشى ديَّان بورقة صغيرة إلى زعيرا، قال فيها: «لماذا لم تبلغنى بهذه المعلومات وقت وصولها؟».

لكن زعيرا انتفض حينما استشعر رغبة جولدا وديَّان تحميله مسؤولية سوء التقدير بمفرده، وقال فى مراسلة مثيرة لأعضاء اللجنة: «لست مسؤولًا وحدى عن القصور، وإنما شاركنى المسؤولية المستوى السياسى أيضًا، إذ فشل تمامًا هو الآخر فى تقدير الموقف، واستخف بقدرة المصريين والسوريين على شن الحرب». ومضى مدافعًا عن نفسه: «لم تكن هناك علاقة بين خطط دفاع الجيش الإسرائيلى وأى تقدير قدمته».

إلى جانب كل ذلك، أوضح رئيس الاستخبارات العسكرية (أمان): «فى الحقيقة أعتبر نفسى شريكًا فى مسؤولية خطأ تقدير نوايا العدو.. لا أنكر مسؤولية الأخطاء التى سأعيش أسيرًا لها طول حياتي. لكن المسؤولية فى ذلك تنطبق أيضًا بالتوازي، إن لم تكن أكثر، على المستوى السياسي، الذى كان شريكًا فاعلًا وناشطًا فى سوء التقدير».

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة