لماذا جاء التضرر من التاكسي الأبيض هل لأنهم بالفعل يعانون من أقساط وأعباء في ظل ركود السوق كما يقولون أم لعيوب وملاحظات في خدماتهم

سنظل نعشق المسلسلات من منطلق «ورانا إيه أدينا بنتسلي» الفارق أننا مللنا مسلسلات الأجزاء لصالح الحلقات المنفصلة المتصلة والفضل لتطور وسائل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التي لم تجعل العالم قرية صغيرة فقط بل جعلت العالم كله في ضغطة زر أو بالأدق مجرد تاتش.
كان سؤالنا التقليدي هو: أهلاوي ولا زملكاوي.. صعيدي ولا بحيري ولا الهوا رماك.. وعندما تتملكنا المعرفة نقول: إن كنت ناسي أفكرك.. والآن تعددت الأسئلة الحائرة: وطني ولا عميل ولا بين الاثنين.. بتعرف تسوق أم بتسوق العبط علي الشيطنة.. نرفع تذاكر مترو الأنفاق ولا نبقيها علي حالها.. نبيع الدولار في السوق الموازية ولا في السوق الرسمية.. وأخيرا وليس آخرا «إنت أوبر ولا كريم».
هكذا قادنا التطور لأن تشتعل معركة أوبر وكريم وأن نسوق قصصا علي مواقع التواصل الاجتماعي كلها تدور في فلك احكي يا شهرزاد.. الحكاية في الأصل خلافات بيزنس بين أصحاب التاكسي الأبيض وسيارات الملاكي التي تعمل أجرة وهي قضية قديمة فكثيرا ما يلجأ أصحاب السيارات الخاصة لاستثمارها كأجرة لبعض الوقت بهدف زيادة الدخل لكن هناك من يتصف بالشطارة والابتكار حول هذه الحالة الاضطرارية إلي بيزنس.
وحسنا فعلت حكومة المهندس شريف إسماعيل بسرعة التعامل مع القضية التي أثارتها في الأساس وقفات واحتجاجات التاكسي الأبيض وأتمني أن تخرج اللجنة التي شكلها رئيس الوزراء من سبعة وزراء بتصور شامل للخدمات التي تقدمها «أوبر وكريم» وما سيستجد من شركات.. ولعل وعسي تكون هناك قواعد ومعايير واضحة لترخيص مثل هذه الشركات حتي لا نفتح بابا جديدا للفساد. وأدعو اللجنة أن تراعي في ضوابطها ونسب خضوعها للضرائب والرسوم ظروف هذه الشركات الناشئة بحيث لا تثقل علي هذه الشركات بما يدفعها اضطرارا لزيادة أسعار الخدمة أو اختفاء الخدمة من الأساس وترك المواطنين فريسة للتاكسي الأبيض.
السؤال الآن: لماذا جاء التضرر من التاكسي الأبيض هل لأنهم بالفعل يعانون من أقساط وأعباء في ظل ركود السوق كما يقولون أم لعيوب وملاحظات في خدماتهم أبسطها العداد العطلان في معظم الأحيان أو العداد المضروب الذي يضرب الفزيتة في اثنين وأحيانا ثلاثة أم في المزاج الذي يتحكم فيه ويجعل الزبون الذي يريد الذهاب لشبرا من وسط البلد أن يصلها عن طريق مدينة نصر أو أكتوبر أو مناطق الزحام التي يتجنبها أصحاب التاكسيات البيضاء ويجبرون الزبون علي مكان الوصول.. فالمهم يركب ويدفع الأجرة ثم يكمل مشواره بالأوتوبيس أو مشيا علي الأقدام.
ليس عيبا أن نشجع المواطنين علي ابتكار أفكار جديدة متحضرة للبيزنس الخاص في ظل معدلات بطالة يعانيها المجتمع ككل بجانب كونها ستساهم في حل مشكلة النقل.. لكن الأهم أن تكون مثل هذه الأنشطة محكومة بقوانين وقواعد ووجود جهة رقابة وتنظيم للنشاط. فأي نشاط مهما كان نوعه حتما سيحتاج لعمال وحتما سيغطي احتياجاته من السوق وفي هذا تنشيط لحركة الاقتصاد.. كما سيدر بإيرادات للدولة في شكل ضرائب ورسوم.
مثل هذه المشروعات لابد من مساندتها بتشجيعها وتحفيزها وليس قتلها في المهد فملاحقة هذه الأنشطة لن يحل مشاكل التاكسي الأبيض التي يعرفها الجميع لأن هذه الأنشطة ما وجدت ولا وجدت إقبالا إلا لكونها تلبي احتياج وطلبا في السوق.. ولا شك أنها تساهم مع غيرها في تخفيف العبء علي الدولة التي تتحمل الكثير في خدمات النقل لكن دون طائل بسبب سوء الإدارة.
لعل مثل هذه الأنشطة التي نستهين بها تجيب علي السؤال العجيب المتكرر للدكتور سعد الجيوشي وزير النقل حتي كتابة هذه السطور وهو: لماذا يكسب التوك توك وتخسر السكة الحديد؟
العالم كله يشجع المشروعات التي تحمل في طياتها ابتكارا بل وينظمون المعارض للمبتكرين ورواد الأعمال ولعلنا نجعل من تجربة أوفر وكريم نموذجا للتطبيق التكنولوجي الناجح حسب أناس تعاملوا مع هذا النظام وأشادوا بتحضره وانتظامه. تعاملنا مع هذه القضية بعقلانية ورؤية لمصلحة المواطن سيثبت أننا تغيرنا بالفعل وودعنا للابد الأفورة في ردود الأفعال.
حرف ساخن:
في عيد الأم.. أدعو لأمي بواسع الرحمة وفسيح الجنات.. تحية لكل أم علي وجه البسيطة أعطت ولم تنتظر المقابل.. تحية لأم كل شهيد سهرت وربت بطلا راح فداء للوطن.. تحية لأمنا جميعا مصر التي أعطتنا الكثير والكثير ولم نعطها أي شئ.