أرشيفية
أرشيفية


حكايات الحوادث| تهرب من جحيم زوجها بـ«رحلة إلى الآخرة» مع طفليها

علاء عبدالعظيم

الجمعة، 09 أكتوبر 2020 - 09:56 م

ضاقت بها سبل الحياة، واعتقدت أن الموت هو طوق النجاة بالنسبة لها ولطفليها الصغيرين وقرة عينيها، وأرادت ألا تتركهما في هذه الدنيا بقسوتها، معتقدة أنها أشفقت عليهما من العذاب، وأرادت أن تصطحبهما معها إلى حيث أرادت.


احتدمت الخلافات بين الزوجة وزجها، ووصلت معه إلى طريق مسدود، امتدت أصابعها تمسح دموعها، والأحزان تعتصرها، والأوهام تمزقها، ولم يعد هناك ما ينغص عليها حياتها إلا شيء واحد، وهو معاملة زوجها، وقسوته.


باتت ليلتها، لم يغمض لها جفن، تحتضن طفليها الصغيرين، وشيء ما بداخلها يهب كالعاصفة تقتلع من نفسها جذور الأمل، وغمامة اليأس المرير يزحف إلى صدرها فيطمس أحلامها، وتشعر بأنها حائرة، وتبكي بكاءً مريرًا، ولم تعد متمسكة بالحياة، وشعرت بأن الحياة تلفظها، وتتحداها، واتخذت القرار، بأن وقوع البلاء خير من انتظاره، فأصبحت لا تقوى على الصبر فالموت آت آت، فلماذا التأخير؟ فالموت أحب إليها من الضنى، والشقاء، ومقاييس الناس لا تعجبها، فالمال عندهم كل شيء، والأنذال كُثر، والطيبون كالماس في الندرة. وليس ما في الدنيا ما يغريها فأرادت أن تودعها بإرادتها، وفي عينيها صرامة حزينة، وتصميم رهيب.


وجاءت ساعة الصفر، بعدما خيم الظلام، وأسدل الليل ستائره، تحتضن طفليها الصغيرين، ٥ سنوات، و٦ سنوات، بينما كانت الشبورة على شاطئ الترعة كثيفة، تتحرك كتلها في ثقل، والأشجار يخيل لمن يراها أنها كتل بشرية تتمايل كالأشباح، والماء ساكن لا حركة فيه، والصمت يلف المكان، والنجوم في السماء تأتي وتمضي فيزيد المنظر رعبا.. وأخذت تنظر إلى الماء في شرود، وقامت بتقبيل طفليها، قبلة الوداع، ولم تراودها نفسها ولو لبرهة، وقفزت قفزة قوية، لتقبع وطفليها في قاع الترعة، ولقوا حتفهم جميعا. 

اقرا ايضا| بعد 24 ساعة زواج.. حكاية زفاف إلى الآخرة

وبعد ٣ أيام طفت جثة الأم وطفليها فوق سطح الماء، وتمكن رجال الإنقاذ النهري من انتشالهم، أمام مدينة بني مزار، بمحافظة المنيا، وبإخطار اللواء محمود خليل، مدير أمن المنيا، تم تحرير المحضر اللازم، وأحيل إلى النيابة التي صرحت بدفن جثة الزوجة، وطفليها، وتولت التحقيقات.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة