رحلة البحث عن شريك.. معارك المصريين مع «الجاموفوبيا»
رحلة البحث عن شريك.. معارك المصريين مع «الجاموفوبيا»


حكايات| رحلة البحث عن شريك.. معارك المصريين مع «الجاموفوبيا»

إسراء كارم

الأحد، 11 أكتوبر 2020 - 07:18 م

الخوف لا يمنع الموت ولكنه يمنع الحياة.. 7 كلمات لم يطلقها الأديب الراحل نجيب محفوظ هباءً في روايته «أولاد حارتنا»؛ بل واقع يرتبط بالقرارات المصيرية وربما يلازم المصريين عند اتخاذ قرار الارتباط.

 

هل انتظرت كثيرًا لأن تكبر وتجد شريك حياة لتبدأ معه مشوار العمر لكنك بعد أن وصلت لهذا الأمر شعرت بـ«رهاب» كبير من الإقدام على خطوة الارتباط أو الزواج؟.. هذا باختصار هو «الجاموفوبيا».

 

لا تنشأ الجاموفوبيا من فراغ؛ بل دائمًا تكون نتاج أمور أخرى تسببت في  الخوف من مسألة زواج، وربما لأحداث تتعلق بالطفولة مثل عدم الاستقرار ووجود مشاكل بين الوالدين، أو نتيجة تجربة مؤلمة تتعلق بالتخلي أو الخيانة، مع الاحتفاظ بأسباب أخرى مثل الخوف من المسئولية أو التقيد أو تحول شريك الحياة.

 

 الأعزب.. المكتئب الأول

 

رغم اعتقاد كثيرين بأن «العزوبية» هي الأفضل وأن الزواج يعد القرار الأسوأ على الإطلاق، تؤكد دراسات نفسية حديثة أن الشخص الأعزب هو الأكثر اكتئابًا من المتزوج.

 

اقرأ للمحررة أيضًا| زوجة لثلاثة رجال «معًا».. أحتاج اهتمام كل واحد فيهم

 

وفي مصر، يكاد يجمع كثير من الشباب على أن مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورًا كبيرًا في التخويف من قرار الزواج؛ إذ تتحدث «خلود» قائلة: «أنا فعلا كل ما يتقدم لي عريس بحس باكتئاب.. وأقارن مع المشاكل اللي بشوفها طول الوقت على السوشيال ميديا.. خيانة وضرب وبخل وغيره.. وأرفض بأي حجة رغم إن نفسي يكون عندي بيت وولاد».

 

 

أما بعض الرجال فيؤمنون بأن كل «الستات نكدية» وليس لهم «كتالوج» في التعامل، فيقول «مازن»: «صحابي دايما يحكوا لي مشاكلهم بعد الجواز واللي كلها تتلخص في إن مراتتهم نكديين ومهما عملوا ما بيعجبهمش.. فبصراحة بشوف إن الجواز ده آخر حاجة ممكن أفكر فيها، وخصوصا إن كل صحابي المتجوزين بيحسدوني على إني سينجل».


اتهامات للأهل

 

ربما يكون الخوف من الزواج عائدًا إلى الأهل أنفسهم، وهنا يروي «محمد» بمرارة قائلا: «أنا كرهت الجواز حرفيا بسبب أمي وأبويا.. والغريب إنهم كانوا واخدين بعض عن قصة حب سنين.. لكن مع المسؤولية وغياب أبويا فترات عن البيت.. العلاقة بينهم بقت خلافات مستمرة وللأسف كانوا بيدخلوني أنا وإخواتي أطراف فيها».

 

 

ويحكي كذلك: «أبويا وأمي فضلوا كده لحد ما تم الانفصال بينهم وبشكل وحش.. وكل ما بنت تعجبني وأحس إني هبدأ أفكر أرجع في تفكيري تاني لأن البدايات مختلفة تماما عن الصراعات اللي بعد كده».

 

اقرأ للمحررة أيضًا| باب خلفي للتحرش.. العالم السري لـ«موديلز» الملابس والبشرة

 

وبعد مرور وقت طويل يكتشف الطرف الذي يخشى الزواج أنه في مأزق، منه ما يتعلق بالإنجاب بسبب التقدم في العمر، ومنه انخفاض القدرة على التواصل، وقد يكون عدم وجود شخص مناسب بسبب العمر أو القبول بأي شخص لعدم وجود اختيارات.

لم يترك خبراء علم النفس مجالا لقضايا الزواج إلا وفتشوا فيه، وفي هذه القضية تحدث الخبير روبيرت سبيرا، أنه كان على ارتباط بفتاة لمدة 3 سنوات، ويحلم بالإنجاب منها، ولكن فاجأته بأنها تنفصل عنه في مكالمة لا تتجاوز الثلاث دقائق.

 

هنا أدرك سبيرا أنه استثمر كل السعادة في شخص واحد، لافتا إلى أنه أيضا استثمر سعادته في تصرف شريكته بشكل معين، فالشعور بالسعادة غير معتمد على أي شيء أو أي شخص، والشعور المؤلم بعد الهجران هو أحد الأعراض ولكن السبب أعمق بكثير وهو استثمار السعادة في شخص أو شيء أو علاقة.

 

ماذا عن الدين؟

 

بحديث رواه البخاري ومسلم يرتبط بالزواج نقلاه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء».

 

اقرأ للمحررة أيضًا| الانفصال السري بين الأزواج.. حبس انفرادي تحت سقف واحد

 

وفي الآية الكريمة: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، ويؤكد الدكتور مجدي عاشور، مستشار مفتي الجمهورية، أن عدد الشباب والفتيات الذين لم يتزوجوا في مصر وصل إلى 13 مليون شاب بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

 

 

وواقع مرير ترجمته الأرقام نفسها بارتفاع نسبة العزوف بين الشباب إلى ٥٧٪ عند الذكور و٤٣٪ من الإناث، وهناك ٨ ملايين و٦٠٠ ألف فتاة من سن ١٨ إلى ٣٥ سنة يبحثن عن ابن الحلال.

 

الدكتور عاشور يؤمن بأن جزءاً كبيراً من مشكلة الخوف من الزواج يتمثل في «العولمة»، ولعل في موقع «فيسبوك» أحد أبرز سماته؛ حيث يتعرض المتصفح للكثير من الصور الخليعة والتي إن لم يكن متزوجا قد لا يستطع أمامها أن يعف نفسه.


مع فيسبوك، تتزايد قناعة الشاب بأن كل شيء متاح أمامه ولا يوجد لديه احتياج للزواج لأن أمامه وسيلة سهلة للتحدث مع الفتيات بحرية دون قيد ويرى ما يريد رؤيته، في حين أن الدين يسعى لـ«الاستعفاف» وهو الذي من شروطه أن يتم بالحلال.

 

وما بين هذا وذاك، ينصح عدد كبير من المتخصصين في مجال الإرشاد والتوعية اللجوء إلى مدرب معتمد للمساعدة في تخطي هذه الأزمة والعثور على شريك الحياة المناسب دون أي خوف.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة