دراسة | الدستور القطري.. استعباد الشعب واستبداد الأمير
دراسة | الدستور القطري.. استعباد الشعب واستبداد الأمير


دراسة | الدستور القطري.. استعباد الشعب واستبداد الأمير

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 14 أكتوبر 2020 - 06:39 ص

- سلطات مطلقة للحاكم.. واختفاء تام للحقوق والحريات الخاصة

- لا وجـود للنقـابـات والأحـزاب.. وصـدور قـرار الحـرب «أمـر أميـري»

 

أعدت الهيئة العامة للاستعلامات دراسة متخصصة حول الدستور القطري وما يحتويه من تكريس للسلطة فى يد أمير البلاد، فى الوقت الذى يخلو فيه ما يسمى «الدستور الدائم» من أى ضمانات متعلقة بحقوق وحريات أفراد الشعب.


وقالت الدراسة إنه من خلال الأبواق الإعلامية التى استأجرت العاملين فيها من كل حدب وصوب، تتقمص الفئة الحاكمة فى «قطر»، دور المدافع عن الديمقراطية وحقوق الشعوب، وتوجه النصائح والانتقادات لغيرها من شعوب الأرض.. باستثناء الشعب القطرى.. المغلوب على أمره، والمحكوم بأحد أسوأ النظم السياسية على الإطلاق، نظام تم تصميمه أصلاً ليخدم «دولة المزرعة» أو «العزبة» التى يتحكم فيها وثرواتها ويستعبد شعبها «الأمير» وزبانيته وأعوانه من المنافقين والمستأجرين وشذاذ الأفاق ممن لديهم استعداد لبيع أنفسهم لهذا النظام الذى أنكر حقوق شعبه.. بل أنكر وجود شعب من الأصل فى قطر، وتفرغ للإساءة للشعوب الأخرى وإلقاء دروس فى حقوق الشعوب ومتطلبات الديمقراطية والحريات المحروم منها شعب قطر، باستثناء الطغمة المتحكمة فيه وفى ثرواته. وأضافت أن النظام فى قطر لم يعرف أى دستور للبلاد على مدى نحو 30 عاما منذ الاستقلال عام 1970 إلى أن صدرت وثيقة عام 2004 أطلق عليها «الدستور الدائم لدولة قطر» وهى وثيقة لم تفعل سوى تقنين نفس أسلوب السيطرة والاستعباد الذى مارسه حمد بن خليفة آل ثان ونجله تميم ضد شعبه قبل وبعد صدور هذه الوثيقة.


ووفقا لهذه القراءة المتخصصة التى أعدتها الهيئة العامة للاستعلامات، جاءت هذه الوثيقة المسماة «الدستور الدائم لقطر» خالية من الحد الأدنى للضمانات المتعلقة بحقوق وحريات أفراد الشعب، وحافلة فى الوقت نفسه، بكل ما يكرس السلطات المطلقة «للأمير»، وبما يكبل ويقيد ويهدر الحقوق الأساسية للمواطنين، وكل ما ورد به عن «مؤسسات» هى كيانات شكلية سرعان ما نزع الدستور نفسه صلاحياتها ومنحها للأمير سواء من خلال «تعيين» أعضائها أو التحكم فى قراراتها.


وتساءلت الدراسة: كيف لفاقد الشىء أن يعطى دروسا فيه؟ هذا هو حال نظام «عزبة» حمد آل ثانى وابنه.


دستور.. غير دستوري
وأشارت الدراسة إلى أن قراءة فى نصوص دستور قطر الذى جاء فى (150) مادة توضح الأسلوب الذى يُحكم به شعب قطر.. أسلوب لا مثيل له فى أى من النظم لا فى القرن الحالى أو الذى سبقه.


ولم ينص الدستور القطرى على حق إنشاء النقابات المهنية أو العمالية، ولم ينص على حق تكوين الأحزاب السياسية، كما أنه لم يحظر العبودية والاسترقاق والقهر والاستغلال القسرى للانسان ولم يجرم الاعتداء على الحقوق والحريات العامة التى يكلفها الدستور والقانون.


حقوق.. ولكن
وحظر الدستور القطرى فى المادة «٣٥» التمييزبسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أوالدين وأغفلت المادة النص على عدم التمييز على اساس العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعى أو الانتماء السياسى أو الجغرافى أو لأى سبب آخر، كما منع الدستور فى المادة «٣٦» القاء القبض على أى شخص إلا وفق احكام القانون، وكان من باب أولى أن ينص الدستور على عدم جواز احتجاز أى انسان إلا بأمر قضائى مسبب بدلا من عبارة إلا وفق احكام القانون، لان هذا النص يفتح الباب أما شرعنة الاعتقال الادارى دون العرض على جهات التحقيق، كما أن المادة لم تحدد مدة محددة تلزم الجهة التى تقبض أوتحجز الاشخاص بضرورة عرضه أمام جهات التحقيق خلال مدة محددة.

 

وهذا ما حدث بالفعل، حيث نصت المادة «٧» من القانون رقم «٥» لسنة ٢٠٠٣ الخاص بانشاء جهاز أمن الدولة على أن «استثناء من احكام قانون الاجراءات الجنائية، تكون مدة احتجاز من يسند اليه ارتكاب فعل من الافعال المتعلقة بالجرائم التى تدخل فى اختصاصات الجهاز «٣٠» يوما على الأكثر قبل عرضه على النيابة العامة، ولرئيس الجهاز اذا اقتضت الضرورة ذلك، أن يأمر بمنعه من مغادرة البلاد مدة لاتزيد على «٣٠» يوما، يجوز تمديدها بناء على أمر من النائب العام لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد لمدةأو مدد أخرى مماثلة، أى نص القانون على امكانية احتجاز شخص قبل عرضه على النيابة لمدة «٣٠» يوما كاملة.


ونصت المادة «٤١» على أن الجنسية القطرية وأحكامها يحددها القانون، دون أن تنص المادة على من له الحق فى اكتساب الجنسية، ولم يمنح القانون الجنسية لمن يولد من أم قطرية إلا بذات الشروط التى يمكن أن تمنح الجنسية لكل مقيم على أرض قطر من غير القطريين دون أى ميزة لولادته من أم قطرية وفى ذلك إخلال كبير بمبدأ المساواة بين الجنسين.


كما نصت المادة «٤٤» على أن حق المواطنين فى التجمع مكفول وفقا لاحكام القانون بدل ان يتم النص على أن هذا الحق يتم بالاخطار، دون احالة الأمر برمته الى القانون، الذى صدر بعد ذلك بأحكام تعسفية تمنع من التجمع. ونصت المادة «٤٥» على أن حرية تكوين الجمعيات مكفولة وفقا للشروط والاوضاع التى يبينها القانون، الذى صدر بعد ذلك بأحكام تعسفية تمنع من تكوين الجمعيات.


إبرام الاتفاقيات
أعطت المادة (٦٨) للأمير الحق فى إبرام الاتفاقيات الدولية، ولم يلزمه إلا أن يبلغها لمجلس الشورى مشفوعة بما يناسب من البيان، ويعد ذلك اعتداء صريحا على حق السلطة التشريعية الأصيل فى التصديق على معاهدات، ولم يستثن من هذا إلا معاهدات الصلح والمعاهدات المتعلقة بحقوق السيادة وإقليم الدولة، حيث اشترط الدستور لنفاذها أن تصدر بقانون، أى يتبع فى إصدارها ذات الإجراءات التى تصدر بها القوانين، وفى واقع الأمر مثل هذه الاتفاقيات المصيرية فى الكثير من الدول الأخرى، يجب أن يتم عرضها للاستفتاء الشعبى بنص الدساتير فى بعض الأحيان.


وتجاوز الدستور فى هذه المادة أيضا جميع الأعراف الدولية، حيث سمحت هذه المادة فى فقرتها الأخيرة أن تتضمن المعاهدة أو الاتفاقية شروطا سرية.


الأحكام العرفية
وتضمنت المادة (٦٩) الخاصة بإعلان الأحكام العرفية عواراً كبيراً، حيث منحت الأمير سلطة إعلان الأحكام العرفية فقط بالإرادة المنفردة، له ولم تفرض على الأمير الحصول على موافقة مجلس الشورى إلا لتمديد فترة سريان الأحكام العرفية فقط، كما لم تتضمن المادة أى إطار زمنى محدد لإعلان الأحكام العرفية، أطلقت سلطة الأمير فى إعلان الأحكام العرفية دون الرجوع للبرلمان وتحديد مدتها كما يشاء.


حالة الحرب
وتنص المادة (٧١) على أن «يصدر بإعلان الحرب الدفاعية أمر أميرى» أى تعطى هذه المادة الأمير الحق فى إعلان الحرب دون الحصول على موافقة مجلس الشورى، أو حتى إخطاره وبذلك قد يلقى الحاكم ببلاده إلى آتون الحرب وأهوالها، دون الحصول على إذن أو حتى رأى السلطة الوحيدة المفترض أنها المنتخبة فى البلاد.


أعطت المادتان (٧٢) و(٧٣) الأمير الحق المطلق فى تعيين الوزراء ورئيس الوزراء دون الحاجة للحصول على ثقة مجلس الشورى.


مجلس الشورى
ونصت المادة (٧٧) على أن «يتألف مجلس الشورى من خمسة وأربعين عضوا» يتم انتخاب ثلاثين منهم عن طريق الاقتراع العام السرى المباشر، ويعين الأمير الأعضاء الخمسة عشر الآخرين من الوزراء أوغيرهم، وتنتهى عضوية المعينين فى مجلس الشورى باستقالتهم أو إعفائهم».


ووفقا للمادة «111» من الدستور لا يسمح لمجلس الشورى حق سحب الثقة من الحكومة أو رئيسها، وحصر حق سحب الثقة من الوزراء فقط، واشترط موافقة ثلثى أعضاء المجلس لسحب الثقة من أى وزير.


وفى هذه المواد إهدار تام لسلطة المجلس الفعلية فى التشريع ومناقشة وإقرار الموازنة العامة، وحصر الرقابة على السلطة التنفيذية فى استجواب الوزراء دون الحكومة ورئيسها.


وفى النهاية فإن المادة «92» من الدستور بها نص يلزم عضو مجلس الشورى أن يقسم بالإخلاص للأمير وهو ما يحد من استقلالية العضو كأحد أعضاء السلطة التى تمارس الدور الرقابى على السلطة التنفيذية التى يترأسها الأمير.


عدم إجراء انتخابات
على الرغم من أن المواد «77 و78 و79 و80 و81» تنص على انتخاب أعضاء مجلس الشورى وتنظم الجانب الإطارى الدستورى لهذه العملية إلا أن النظام القطرى منذ صدور هذا الدستور ف 2004 لم تعقد انتخابات تشريعية واحدة طوال الستة عشر عاما الماضية، وبالتالى فان المجلس منذ 2004 حتى اليوم يتكون من أعضاء معينين من قبل الأمير بالكامل، ويتم تمديده بقرار أميرى، وأخر قرار صدر بتمديد المجلس حتى منتصف 2021 وفى ذلك اهدار لمواد هذا الدستور وانتهاك واضح لحق المشاركة السياسية الذى يكفله العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية.


السلطة القضائية
المادة 134 تحرم عزل القضاة من مناصبهم إلا فى حالات ينظمها القانون ولم تحدد المادة الاستثناء الذى يسمح بعزل القضاة بشكل تفصيلى، ولم يربط الدستور العزل بالمساءلة التأديبية، مما يجعل هذه المادة فضفاضة وتحتمل التأويل وبالتالى تفتح الباب لسيطرة الأمير ونظامه على القضاة والمنظومة القضائية برمتها من خلال ثغرات كالتى وردت فى هذه المادة المعيبة.


كما أن المادة 137 الخاصة بالمجلس الأعلى للقضاء لم تحدد عضويته أو كيفية تشكيله وتركت ذلك للقانون مما يفقد هذا المجلس ضمانات استقلاله بشكل كامل. والمادة 140 تركت للقانون أن يحدد الجهة القضائية التى تفصل فى المنازعات الدستورية وهذا فى ضوء ما سبق من مواد لا يوفر المناخ المناسب لإنشاء منظومة قضائية فعالة تحمى الدستور وتتأكد من تطبيقه فى التشريعات التى تصدرها السلطة فى قطر.


مواد أبدية
لم يقف الاستبداد عند اعطاء الأمير صلاحيات مطلقة وتحكمه فى كل أمور البلاد، بل امتد الاستبداد إلى تحصين المواد الخاصة بالحكم فى الدستور من التعديل، مع السماح لباقى المواد بتعديلها، حيث تنص المادة 145 من الدستور على أن «الأحكام الخاصة بحكم الدولة ووراثته لا يجوز طلب تعديلها».

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة