تتميز مصر العظيمة عن كثير من البلاد حولها بأنها لا تتساهل في شعائر دينها سواء أكان ذلك إسلاميا، أو مسيحيا، فالأجراس في الكنائس تصفق لسامعيها ويستيقظ علي جرسها شعب مصر كله من المسلمين والمسيحيين، والأذان يملأ سماء القاهرة بصوت : الله أكبر ويستريح له الناس، ويستمتعوا بصوت مؤذنيه العذب، ومن لم يكن في القاهرة ويسكن في صحراء جرداء من صحاري مصر يسمع الآذان من كافة الإذاعات والقنوات، ويهرع إلي التلبية : دقائق معدودات ليرح نفسه، ويسكن جأشه ونبينا صلي الله عليه وسلم كان يأمر سيدنا ( بلال) أن يرفع الأذان ويقول له: ( أرحنا بها يا بلال) ويرتفع صوت بلال بـ(الله أكبر )، أي أكبر من كل مشاكل الدنيا التي تزلزل النفوس، وأخبارها التي توجع القلوب، وإن كانت هذه المشاكل التي يريد علاجها المصطفي صلي الله عليه وسلم في زمنه: بالأذان وبالصلاة موجودة في زمنه عليه الصلاة والسلام ويطببها بنداء الله أكبرـ فإننا في أزمنتنا هذه أحوج ما نكون إلي ذلك. لكثرة الهرج، والمرج والخزعبلات والشائعات التي تتدفق علي أسماعنا ليلا ونهارا.. لدرجة أن الناس من كثرة الأخبار السيئة التي تنشر بينهم في الفضائيات يحتاجون إلي راحة نفسية ولو دقائق فيسمعون في كل فضائيات مصر: نداء( الله أكبر) فتطمئن النفوس، ولو لحظات، وهذا الإعلام في فضائياتنا: بالأذان : سنة حسنة لا تحمل إلا الخير، ومن سنها في إعلامنا لا يمكن أن يحرم من ثواب الله عز وجل فله ثوابها وثواب من عمل بها إلي يوم القيامة،،، غير أنني فوجئت -وأنا اسمع قناة النيل للأخبار وهي من القنوات المحترمة بخلاف القنوات التي علمت الناس الصياح وقلة الذوق كما يعلم الجميع- فوجئت أن النشرة انتهت، ولم أسمع أذانا، وأنا بعيد عن أماكن العمران، فسألت من معي: هل رفع الأذان في القناة ولم أسمع ؟ فأجابني إن هذه القناة حذفت الأذان واستبدلته بخبر عنه فقط !. فقلت لماذا ؟ فقال إدارتها أصدرت قرارا بذلك !!،، قلت سبحان الله، أذان: الله آكبر يُحذف وبقرار عجيب بدون روية، ولا دراسة ؟!، وهل منع الأذان سيكون إضافة للقناة وتطورا عملاقا لها؟ ألم يعلم متخذو قرار: (اسكات الله أكبر) في أروع قناة : أن النتائج ستؤدي لما يلي : أولا : أنهم قد تعدوا علي الرسالة الإعلامية الهادفة وهم لا يشعرون، فالأذان في اللغة معناه : الإخبار،، والإعلام به ورفعه هو إخبار للناس بدخول فرض الله عز وجل في هذا الوقت، وهذا الأمر من أصول العمل الإعلامي بل هوقرار إعلامي بالدرجة الأولي،، ومن يسكته يكون قد تعدي علي أصل أصيل من أصول العمل الإعلامي.
ثانيا : هذا بالإضافة أنه قد يساعد علي ترويج أفكار المتطرفين ضد الدولة إذ يشيع هؤلاء أن هذا العمل من قناة حكومية دليل علي محاربة الحكومة لشعائر الدين إن لم يكن الدين نفسه، وما أكثر النفوس المريضة التي يمكن أن تصدق هذا بعد أن تري الأذان في كل القنوات يرفع ماعدا قناتنا المصرية الإخبارية فلابد أن نساعد في إسكات هؤلا لا إسكات الأذان.
ثالثا : معلوم أيضا أن هذه القناة أحوج من غيرها لرفع نداء الله أكبر فهي علي طوال اليوم تحقن الناس بنشرات متتالية فيها أخبار الدم والقتل مما يؤدي إلي التوتر والإحباط وإشاعة مناخ من السلبية في النفوس، فإذا ذكر الله اطمأنت النفوس، ونزلت السكينة في كثير من القلوب، وذلك ما أخبر به رب العالمين سبحانه القائل: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
وأخيرا أنبه بنصيحة إن كنت أهلا لها والدين النصيحة وأقول : إن نداء الله أكبر لا يجب أن يسكت أبدا في قنواتنا، ف (بالله أكبر) كان نصر المصرين في أكتوبر رمضان، وبنداء( الله أكبر) عبرنا أكبر حاجز ترابي في التاريخ، وبنداء (الله أكبر) ُرفعت الأعلام في سيناء، وطُرد اليهود، وقطاع الأخبار من وقت إنشائه في مصر يقطع نشراته الهامة ويعلن الأذان، وصوت العرب من وقت نشأتها وهي: تذيع الأذان للعرب جميعا وللعالم، (وماليزيا) الدولة الآسيوية المسلمة تذيع الأذان بأصوات القراء المصريين، وتختار أعذب الأصوات، (وأندونيسيا) مؤذنوها في قنواتها مصريون أفاضل، (والباكستان) لا يسكت في قنواتها نداء الرحمن، بل إن أكبر القنوات (البريطانية) في رمضان الماضي : رفعت الأذان، وأسمعت الدنيا نداء «الله أكبر» وهي غير مسلمة !!، فما بالنا بقناة مصرية في بلد الأزهر الشريف يتخذ القائمون فيها قرارا بوقف الأذان.