لا أظن أننا غافلون عن أسباب الرقي والتقدم، وبالتأكيد اطلعنا علي تاريخ الأمم التي ارتقت وتقدمت ولم يعد سر كيف تقدمت تلك الأمم، ونحن نتحدث عن التعليم ليل نهار، ووزير التعليم نفسه يتحدث عن التعليم، ومع ذلك يرضي عن تعليم تلقيني يقدس تراثا مليئا بالخرافات ويتعمد إغفال مبدأ المواطنة، ويكتفي سيادته ككل وزير بمحاربة طواحين الدروس الخصوصية والسناتر، ويتباهي بأنه حضر خطة للحفاظ علي سرية امتحان الثانوية العامة، ويتعامي أن سر البلاء هو نوعية تعليمه الذي يحافظ عليه.
فلا رؤية محددة ولا دور تنويري ولا فلسفة واضحة المعالم للنهوض بالتعليم من كارثته التي تتمدد بغمامة ضخمة تلتف حول أعين أبنائنا فلا يرون سوي سواد كراهة العالم، امتحانات تكبل عقولهم وتقتل فيهم روح النقد والمبادأة، ولا أي إحساس لدي المسئولين بخطورة غياب الوعي النقدي المسئول عن أي تطوير يمكن أن يحدث بالمجتمع، ولا أحد يدرك خطورة أن تظل المؤسسة التعليمية بعيدة عن حركة المجتمع والمتغيرات العالمية والمحلية المتسارعة سوي بالحديث في المؤتمرات والميكروفونات.
ليس اختراعا أن التعليم هو القاطرة الوحيدة المأمونة للخروج من نفقنا المظلم ونفاقنا المريض، ولا أعلم من هذا الحريص علي أن يكون تعليمنا قنبلة موقوتة تخرج لنا جيشا من المتعطلين والمتطرفين والإرهابين ، ألم يقل رأس الدولة إن الإنسان هو المعجزة ، ومع ذلك تعليمنا يخرب المعجزة !
فلا اندهاشة نراها ترتسم علي وجه المسئولين من حديثهم الببغاواتي عن أهمية التعليم، ويرضون عن تقديم فوضي تعليمية وننتظر منها رقيا وتقدما، فوضي بفعل فاعل وبتدبير خبير تربوي في تأخر الأمم وإبعادها عن سلم الرقي والحضارة، مناهج تفرز لنا دواعش تكره الآخر ولا تفهم ضرورة التقدم وتزدري أديان الآخرين ولا تري في الوطن سوي حفنة من تراب نجس، تعليم يؤكد أننا نربي دواعشنا الصغيرة.