تمشي الأيام وتحبك المؤامرة علي الثورة. ثورة يناير. ويتم التخلص شيئا فشيئا من شبابها ورموزها ويطول زكريا عبد العزيز ماطال غيره ويُتهم بتهمة لا معني لها
هل تذكرون كيف كان زكريا عبد العزيز ونادي القضاة صوتا هادرا أيام مبارك من أجل استقلال القضاء ؟ هل رأيتم زكريا عبد العزيزعصر يوم 28 يناير حين كاد يهاجمه بعض الشباب الذين لايعرفونه ثم تقدم من يعرفه فهللوا وكادوا يحملونه علي الأعناق ؟ هل رأيتم زكريا عبد العزيز يوم 29 صباحا يقف أمام مقهي ريش المغلق فأراه فيهتف باسمي أنا الذي لم أعرفه شخصيا من قبل ونذهب إلي مكتبي في منطقة معروف نتناول قهوة الصباح قبل أن ندخل الميدان الذي تركناه أمس عند الفجر ؟ يا له من حديث عن الأمل في وطن عظيم ينعم بالحرية والعدل والمساواة. كيف كانت عيني تقع عليه كل يوم ونتصافح وأراه يخطب هادرا في الجماهير المحتشدة في ميدان التحرير. لم يمنعه سنه ولا عافيته كما لم تمنع الكثيرين من عظماء هذا الوطن. تمشي الأيام وتحبك المؤامرة علي الثورة. ثورة يناير. ويتم التخلص شيئا فشيئا من شبابها ورموزها ويطول زكريا عبد العزيز ماطال غيره ويُتهم بتهمة لا معني لها وهي اقتحام مقر أمن الدولة في مدينة نصر وكل الشباب الذين كانوا هناك قالوا وقتها ويقولون حتي الآن أنهم بعد أن اقتحموا مقر أمن الدولة وحصلوا علي أوراق ظنوا انها هامة جدا قرروا إعطاءها لرجل ثقة فهاتفوه فأتي ولم يحتفظ بها الرجل. لم يكن في الاقتحام الذي لم يكن الاقتحام الوحيد في مصر. لكن كيف لرجل كافح من أجل استقلال القضاء هو وزملاؤه فكانوا بحق أكبر وقود لثورة يناير. كيف لهذا الرجل أن ينجو. اتهموه باطلا بتهمة الإخوان ولم يكن كذلك أبدا. طالته التهمة السخيفة وهي العمل بالسياسة ومن في مصر لم يكن له رأي بعد ثورة يناير والدنيا مشتعلة بالأحلام والآمال التي ضاعت. قولوا لي من لم يكن بالميدان أيام الثورة. قضاة وشيوخ وقساوسة ورجال جيش وكل طوائف المجتمع. آخر ما كنت اتخيل. لا والله ليس آخرها. بل كنت اتخيل فالحادث الآن أن كل من تجرأ يوما علي نظام مبارك لا مكان له في مصر. المسألة اكبر من كونها خلافا بينه وبين المستشار الزند الذي لم يبتعد عن العمل بالسياسة أبدا ! عزل زكريا عبد العزيز هو خطوة من خطوات الانتقام ممن قالوا يوما رأيا أو أخذوا موقفا من نظام مبارك الذي صارت سياسته في كل شئ هي السائدة الآن وبشكل أسوأ ووصلت بالبلاد إلي حافة السقوط فلا تعليم تقدم ولا صحة تحسنت ولا اقتصاد وقف علي قدميه وبراءات كل من أجرم من النظام وأعوانه تتالي علينا كل يوم ولا تصل لشباب الثورة بل تقف أمام أطفال مثل محمود محمد وعشرات غيره من الأطفال. الحديث عن التجاوزات طويل وكبير لكن لأظل في الحديث عن المستشار الجليل زكريا عبد العزيز وأتساءل :هل سيضيع التاريخ الحقيقي لهذا الوطن ؟ لا والله لن يضيع. سيكتب التاريخ يوما كل الحقائق. وليس مثل هذا العصر تتضح فيه الحقائق. وليس مثل هذا العصر لا يمكن أن تختبئ فيه الحقائق. ومن ثم لن تضيع حقيقة أن المستشار زكريا عبد العزيز لم يعمل بالسياسة كما عمل غيره ودفاعه عن حقوق القضاة قبل ثورة يناير كانت من أجل استقلال القضاء فاستقلال القضاء هو نجاة هذه الأمة وكل أمة. فلاتحزن سيادة المستشار نحن نعرف من أنت وسيحتفظ لك التاريخ بالمكان العظيم الذي يحسدك عليه الآخرون. أنت القاضي الذي حُوكمت وتمت إدانتك دون أن يستمع إليك أحد.