دار فاطمة الزهراء للأيتام
دار فاطمة الزهراء للأيتام


عصابة الإهمال داخل دار أيتام عين شمس

بوابة أخبار اليوم

الجمعة، 16 أكتوبر 2020 - 01:07 م

أسماء سالم

أسوأ ما في الحياة، أن تستغل محتاجًا لرعايتك أو من يلجأ لحمايتك، سواء كان كبيرًا أو صغيرًا، والأبشع هنا أن تتجسد الخسة والحقارة بكامل صورتها؛ أن يغيب عقلك وضميرك، وتعتدي على طفلة أو طفل سواء بدنيا أوجنسيا، وأنت تعرف أنه لن يستطيع صدك ولا مقاومتك!.

هذا بكل أسى وأسف ماحدث في إحدى دور الأيتام بالقاهرة منذ خمس سنوات، عندما تجرد الكبار المقيمون بالدار من كل معاني الإنسانية، واعتدوا على 35 طفلا من الأيتام، الكارثة بل الصدمة هو في موقف المشرفين على هذه الدور، حيث قال أحدهم بكل ببجاحة : نعرف أن هذا يحدث كثيرًا!.

اكتشفت إحدى المشرفات بدار فاطمة الزهراء للأيتام في عين شمس، أثناء مساعدتها أحد الأطفال بالدار في الاستحمام وجود علامات غير طبيعية في جسمه، وبعد سؤاله عما حدث له، عقدت جلسة نفسية مع الطفل، قال: إن أحد تلاميذ الثانوي بالدار اعتدى عليه جنسيًا! صُعِقت المشرفة، وسارعت بعرض الأمر على المدير التنفيذى للجمعية وسكرتير الجمعية، وكان الرد الصدمة «أن هذه الأفعال متوقعة فى أى تجمع للأبناء من الجنس الواحد وأنهم على علم بها»، كما أبلغاها بأنه لايمكن عرض الطفل على الطبيب وأنه لا يوجد طبيب في الدار بالأساس، ورفض كلاهما اقتراحها بفصل الأولاد البالغين عن غيرهم من الأطفال.

لذلك تقدمت المشرفة بشكوي للنيابة الإدارية، التي أمرت بالكشف الطبي على أطفال الدار، وتبين تعرض 35 طفلًا من أصل 80 للاعتداءات الجنسية المتكررة.

وكشفت التحقيقات، أن طبيب التأمين الصحى بالمدرسة الإبتدائية، التى يدرس بها أبناء الدار، كان قد قام بتوقيع الكشف الطبى على التلاميذ، وتبين تعرض 34 طفلًا، من أصل 45 منهم لاعتداءات جنسية متكررة، إلا أنه لم يتخذ أى إجراء، كما أوضحت التحقيقات، عدم وجود إضاءة فى أماكن متعددة بالدار خاصة خلف المبانى، وأعلى سطح المبنى، وهى أماكن تبين فيما بعد أنها كانت تستغل فى الاعتداءات الجنسية على الأطفال، وعدم وجود أى أفراد أمن داخل الدار بصفة عامة، وانتشار القمامة فى بعض الأماكن بالدار دون مراعاة للحد الأدنى للنظافة الواجبة فى مثل تلك الدور.

كما كشفت التحقيقات، عددًا من المخالفات الأخرى بالدار تمثلت فى عدم وجود مدير حاصل على مؤهل تربوى، للتعامل مع الأطفال بدور الأيتام، وعدم وجود طبيب أوممرضة ولا توجد أى رعاية طبية من أى نوع، ووجود عجز شديد فى عدد المشرفين بالدار، وعدم وجود أى توعية للأطفال بخصوص خطورة تلك الممارسات الشاذة، وعدم الفصل بين الأطفال والبالغين، وقد أدى ذلك إلى قيام البالغين منهم بالاعتداء الجنسى المتكرر على الأطفال، وتعيين عدد خمسة من أبناء الدار للعمل فيها كمشرفين اجتماعيين رغم عدم صلاحيتهم أو تأهيلهم للتعامل مع الأطفال بالدار.

كما تم الكشف عن عدد من المخالفات المالية والخاصة بدفاتر وسجلات التبرعات والصندوق والبنوك والأصول الثابتة وعدم إجراء جرد لمخازن الجمعية، مما أدى إلى عدم اكتشاف وجود فروق بين الرصيد الدفترى والرصيد الفعلى بالزيادة فى بعض الأصناف الموجودة بالمخازن، وبالعجز ببعض الأصناف الأخرى.

وتكشفت أيضًا مخالفات لمدير المدرسة الإبتدائية مثل تقاعسه عن اتخاذ الإجراءات اللازمة، حيال ما تم اكتشافه من إصابة عدد من تلاميذ مدرسته التابعة لإدارة عين شمس التعليمية، والمنتمين لدار فاطمة الزهراء الإيوائية، وذلك بعدم حصر التلاميذ الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي، وغيره وإبلاغ أولياء أمورهم وعدم إبلاغ الإدارة التعليمية التابعة لها المدرسة بهذا الأمر، لاتخاذ الإجراءات اللازمة فى هذا الشأن، مما ترتب عليه استمرار تلك الاعتداءات على أولئك الأطفال دون رادع.

فيما جاءت مخالفات رؤساء حى عين شمس المتعاقبين، وسكرتير عام الحي، أنهم لم يرصدوا، كلٌ خلال فترة عمله، حالات الاعتداءات الجنسية والشذوذ الجنسى، التى تعرض لها أبناء دار فاطمة الزهراء الإيوائية، ولم يتخذوا الإجراءات اللازمة حيالها بعدم إعداد تقارير بتلك الحالات وإبلاغ اللجنة العامة لحماية الطفولة بمحافظة القاهرة بها رغم كونهم وبصفاتهم رؤساء وأعضاء باللجنة الفرعية لحماية الطفولة بحى عين شمس، وفقًا للقانون.

من جهتها، أخطرت النيابة الإدارية، مديرية التضامن الاجتماعى بالقاهرة لاتخاذ إجراءات تأديب المشرفين والأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين وأمين المخزن بدار فاطمة الزهراء الإيوائية ومدير وسكرتير جمعية إنقاذ الطفولة، عن عدم إتخاذ الإجراءات حيال المخالفات الفنية التى شابت أعمال الدار الإيوائية.

ووجهت لهم التهم، من الأولى حتى الحادية عشر، وهن 9 أخصائيات اجتماعيات بإدارة عين شمس الاجتماعية ورئيستا قسمي الأسرة والطفولة، لم يتابعن أعمال دار مؤسسة فاطمة الزهراء الإيوائية، مما ترتب عليه عدم اكتشاف المخالفات التي شابت أعمال هذه الدار في محاور البيئة والبنية والتجهيزات والممارسات المهنية والرعاية الصحية، وحماية الطفل ومناصرته، وكفاية وكفاءة العاملين، حيث لم يتخذن الإجراءات القانونية اللازمة بشأن هذه المخالفات بعدم تفعيل أحكام قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم 74 لسنة 2002.

والمتهمات من الثانية عشر حتى الثامنة عشر، وهن أخصائيات اجتماعيات بمديرية التضامن الاجتماعي بالقاهرة، لم يتابعن أعمال الإخصائيين الاجتماعيين بقسم الأسرة والطفولة، بإدارتي عين شمس وغرب القاهرة الاجتماعية، حيث لم يطالعن سجلات وتقارير الزيارات بقسم الأسرة والطفولة بالإدارتين الاجتماعيتين بشكل دوري، كما لم يقمن بالمرور الميداني على دار ومؤسسة فاطمة الزهراء الإيوائية، مما ترتب عليه عدم اكتشاف المخالفات الفنية التي شابت أعمالها، وأهملت المتهمة الثامنة عشر الإشراف على أعمال المتهمات من الثانية عشر حتى السابعة عشر مما ترتب عليه التردي في المخالفات.

ولم يتخذ المتهمان التاسع عشر والعشرون، مدير مدرسة وطبيب الصحة المدرسية، الإجراءات اللازمة، حيال ما تم اكتشافه من إصابة عدد من تلاميذ مدرسة دار الطفل الابتدائية بنين التابعة لإدارة عين شمس التعليمية، والمنتمين لدار فاطمة الزهراء الإيوائية، بمشكلات طبية في بعد توقيع الكشف الطبي عليهم بمعرفة طبيب التأمين الصحي، وذلك بعدم حصر التلاميذ المصابين وإبلاغ أولياء أمورهم وعدم إبلاغ الإدارة التعليمية رئاسته بهذا الأمر لاتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الشأن.

وأكدت التحقيقات أن المتهم الحادي والعشرين، مدير التضامن الاجتماعي بالقاهرة، حتى السابع والعشرين وهم من قيادات وزارة التضامن الاجتماعي لم يقوموا بأي أعمال تطوير فعلية وجدية بالدار مما ترتب عليه وجود الكثير من القصور بهذه الدار.
ومن الثامنة والعشرين وحتى الرابع والثلاثين وهم مديرو المنطقة الطبية والقوى العاملة والتعليم بعين شمس ورؤساء حي عين شمس على فترات مختلفة لم يرصدوا حالات التعدي والشذوذ الجنسي التي تعرض لها أبناء الدار وعدم إعداد تقارير بتلك الحالات وإبلاغ اللجنة العامة لحماية الطفولة بمحافظة القاهرة بها.

وأكدت التحقيقات، أن المتهم الخامس والثلاثين بالتضامن الاجتماعي، لم يقم بتفعيل دفاتر وسجلات التبرعات والصندوق والبنك بجمعية إنقاذ الطفولة ولم يقم بإجراء أعمال الجرد المفاجئ على مخازن الجمعية، مما ترتب عليه عدم اكتشاف وجود فروق بين الرصيد الدفتري والرصيد الفعلي ببعض الأصناف الموجودة بمخازن دار فاطمة الزهراء الإيوائية المسند للجمعية إدارتها، وذلك بالزيادة في بعض الأصناف والعجز في البعض الآخر.

وبعد سماع اقوال المتهمات والمتهمين، قضت المحكمة التأديبية برئاسة المستشار حاتم محمد داوود وكلٌ من المستشارين أدهم محمد ومحمد أبو العيون وفوزي عبد الهادي وأمانة سر محمد حسن راضي، بمعاقبة المتهمين بعقوبات متفاوتة ما بين الوقف عن العمل لمدة شهرين مع صرف نصف الأجر، وخصم عشرون يومًا، وغرامة تعادل سبعة أمثال الأجر الوظيفي.

وفي سياق متصل، قامت وزارة التضامن الإجتماعى بتغير ادارة جمعية فاطمة الزهراء وتعين إدارة جديدة تسلمت مهامها لضمان عدم تكرار مثل هذا الحادث المأسوي.

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة