رحلة لإنقاذ «الترسا».. لماذا يعيد تجار الأسماك السلاحف للبحر؟
رحلة لإنقاذ «الترسا».. لماذا يعيد تجار الأسماك السلاحف للبحر؟


حكايات| رحلة لإنقاذ «الترسا».. لماذا يعيد تجار الأسماك السلاحف للبحر؟

حسام صالح

الجمعة، 16 أكتوبر 2020 - 08:32 م

 

ينظر بعض الصيادين إلى السلاحف البحرية، أو «الترسة» كصيد ثمين، يحقق له ربح وفير، إذ يباع كيلو اللحم بمئات الجنيهات، بينما يراها التجار وسيلة للحفاظ على البيئة البحرية وضمان نمو الفروخ صيفا، لتنمو وتصبح بحريات كبيرة تستحق صيدها في الموسم الذي يبدأ في سبتمبر من كل عام.

 

وبسبب السلوكيات الخاطئة للصيادين انخفض الإنتاج السمكي، وبات التاجر والصياد متضررين من نقص بضاعتهم، وكان أحد تلك الأسباب الواضحة اصطياد السلاحف البحرية، أو بالأحرى عدم إطلاق سراحها عند وقوعها في الشباك، كونها تقع في موقع هام بالسلسلة الغذائية بالترتيب الذي يجعلها سبب في الحفاظ على صغار الأسماك.

 

عملية إنقاذ


يتحدث محمود نجم تاجر الأسماك، ويقول إنه يحصل على بعض أنواع الأسماك من سوق رمانة الواقع بين السويس والإسماعيلية والذي يعرض أسماك بحيرات «القنال»، وأثناء جولته في السوق قبل عام شاهد صياد يربط سلحفاة من أحد أطرافها بحبل، وهي تنزف ويعرضها للبيع.

 

اقرأ أيضًا| وجبة الترسة الإسكندراني.. «أكسير بحري» يزوج العانس ويدمر البيئة

 

أصر محمود على شراء السلحفاة، ليس لبيعها بل لعلاجها وإعادتها للمياه، فهو يعرف أنها ستعود عليه بالخير والنفع في موسم المُقبل.

 

 

ويضيف أنها كانت من نوع السلحفاة خضراء وهي مهددة بالانقراض، فصورها بوضعها الذي شاهدها عليه، وعرضها على صفحته بالفيس بوك ليطلب مشورة أصدقاءه، فما كان منهم إلا أن شجعوه على شرائها، فكان ذلك وتشاور مع التاجر على ثمنها، اشتراها بمبلغ 800 جنيه.

 

تكرر الموقف عدة مرات بعد ذلك مع نجم، وكلما رأى سلحفاة، تحدث مع الصياد ويتفاوض معه على سعرها، إلا أن السلحفاة الأولى كانت المحرك ليشتري فيما بعد 9 سلاحف ويعيدها للبحر.

 

اقرأ أيضًا| مقبرة السفن.. سيلفي يروي مأساة اختفاء مياه بحر الآرال

 

ويروي محمود، أنه أعلن عن موعد إطلاق السلحفاة بمنطقة كورنيش السويس، وبث فيديو لايف على صفحته بالفيس بوك، وهو يتحدث عن أهمية السلاحف للبيئة البحرية، إذ تتغذى على قناديل البحر والتي بدورها تأكل افراخ الأسماك التي لا يزيد طولها عن عقلة الأصبع والأقل، وهي التي يتضاعف حجمها بعد أشهر لتصبح أحد أهم مصادر البروتين.

 

خرافات حول الترسا


«لا يعلم الصيادين أهمية السلاحف»، يقول حسن غريب تاجر أسماك بسوق الانصاري، مضيفا إن الشائعات والحكايات الشعبية تتحدث عن فوائد تناول لحمها وشرب دمائها، فروجت تلك المعلومات المغلوطة للترسة، وأصبح بعض الصيادين والتجار الذين يعرضونها لديهم زبون لبضاعتهم.

 

ويوضح أن السلاحف الخضراء الموجودة بخليج السويس والبحر الأحمر، تسبح أحيانا للوصول إلى قناة السويس بحثا عن مكان هادئ لتضع بيوضها لكنها تقع في شباك صيادين الأسماك.

 

 

ويضيف أن السلاحف تمثل أهمية كبيرة ليست لغذاء الإنسان فقط من الأسماك، وإنما للبيئة البحرية بشكل عام، كونها تتغذى على قناديل البحر، والصغيرة منها تأكل العوالق والطحالب الموجودة في الماء والتي تضر بالشعب المرجانية، والتي تمثل قيمة اقتصادية كبيرة بمثابة رئة للمسطح المائي بخليج السويس والبحر الأحمر.

 

اقرأ أيضًا| «قيلولة الزرافة واستغراق الخفاش» .. ما مدة وطريقة نوم الحيوانات؟

 

وكلما زاد عدد السلاحف تناقصت عدد القناديل التي تتغذى على الأسماك، والعكس يحدث فتؤذي القناديل الانسان وتسبب في خسائر للأنشطة البحرية المتعلقة بالسباحة، كما تضر بالمخزون السمكي.

 

مقوي جنسي 


ويقول رؤوف عباده، تاجر أسماك إن سعر لحوم الترسة تتراوح بين 350 و400 جنيه، وتجد تلك البضاعة زبونها بسبب الاعتقاد بإن لحمها مقوي للجسم ويطيل العمر، ويذهب البعض لشرب دمها لنفس السبب.

 

وأمام وعي التجار وسعى النشطاء البيئيين في السويس لنشر ثقافة أهمية السلاحف البحرية وحث الصيادين على عدم صيدها، استجاب عدد كبير من أصحاب مطاعم الأسماك والمأكولات البحرية، فأعادوا سلاحف خضراء إلى بيئتها، بعد أن كانت خصصوا لها أحواض كبيرة داخل محالهم لعرضها كوسيلة لجذب الزبائن.

 

 

أما مرسي بدير وكيل مراكب صيد، فأهدى صاحب مركب سلحفاة صغيرة لابنه، فما كان منه إلا انه سلمها للنشطاء البيئيين وأعضاء مبادرة «بلو تيم» المهتمة بالحفاظ على البيئة البحرية.

 

اقرأ أيضًا| متلازمة داون للحيوانات.. سر زواج الأقارب بين ذوات الأربع

 

أعاد الفريق السلحفاة، ومع نشر فيديوهات لإعادة السلاحف الخضراء للمياه، أصبح المواطنين رقباء على تجارة لحومها، إذ ابلغوا فرع شئون البيئة عن أحد التجار رفض إعادة سلحفاة للبحر، وعندما توجه له مسؤولي الجهاز سلمهم السلحفاة خوفا من اتخاذ إجراءات قانونية ضده.

 

قاهر القناديل


وتقول انتصار حجازي مدير التوعية البيئية فرع جهاز شئون البيئة في السويس، أن دورة الحياة في الكائنات البحرية تعتمد على وجود كائن بحري يتغذى على كائن آخر، وإذا استمرت دورة الحياة دون تدخل الإنسان فلن يحدث خلل، لكن في حالة تناقص أعداد حيوان بحري بعينه أو نوع معين من الأسماك فإن ذلك يحدث خلل يؤثر على بقية الحيوانات في دورة الحياة.

 

وتضيف مدير التوعية، أن تناقص حيوان بحري كالسلحفاة، يعني زيادة قناديل البحر التي تتغذى عليها السلاحف، وهذا يفسر زيادة أعداد القناديل ومهاجمة المصطافين خلال الأعوام الماضية، فضلا عن تناقص أعداد الأسماك لأن القناديل تتغذى على أفراخ الأسماك التي تكاد تخرج من البيض.

 

 

وقالت «حجازي» إن الدراسات كشفت أن صيد السلاحف والتلوث البحري، هما أكبر عدوين لذلك الكائن البحري، وفسرت قائلة: «الاختلاف بين جسم القنديل الرخوي وأكياس البلاستيك لا تدركه السلاحف لذلك تأكل الأكياس التي يتركها المصطافين ورائهم ظنا أنها قناديل فتختنق وتموت».

 

وأكدت أنه لابد من توعية المصطافين بالتوازي مع حملات توعية الصيادين وتجار الأسماك، وتأثير السلوكيات الخاطئة على كائن بحري هام يتسبب نقصه في خسارة في الثروة السمكية.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة