أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

عندما تتوسط مصر

أسامة عجاج

السبت، 17 أكتوبر 2020 - 06:38 م

«كثرة الطهاة يفسد الطبخة»، مثل شهير ينطبق على الأزمة الليبية، التى عانت منذ فبراير ٢٠١١، من تحويلها الدولة إلى ساحة مستباحة، يصول ويجول فيها كل من لديه قدرة أو يملك أجندة، أو يسعى إلى تحقيق مصالحه، فى دولة تعوم على أجود أنواع النفط والغاز، وثروات آخرى،واستمر الحال وتدهور عبر تسع سنوات من صراع مفتوح،حتى وصلت الأمور على الصعيد العسكرى إلى نقطة التعادل، بعد أن أعادت حكومة الوفاق فى بداية العام الحالى سيطرتها على كل مناطق الغرب، التى فقدتها منذ ابريل ٢٠١٩، وبعدها أدركت كل الأطراف الرئيسية الإقليمية والدولية، أنه لا حل عسكرى للأزمة، والحوار هو السبيل الوحيد لمنع البلاد من الانزلاق إلى حالة الفوضى، أو الذهاب إلى التقسيم، وبدأت قواعد اللعبة تتغير،،وأصبح الجميع من «طهاة الطبخة القدامى»، يسعى بدأب إلى ان يكون له دور فى دفع كل الأطراف إلى مائدة الحوار بين الفرقاء فى الشرق والغرب، وتنوعت العواصم خلال الأسابيع الماضية، التى استضافت بالفعل حوارات بين المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق وبين مجلس النواب، والأول يستمد شرعيته من اتفاق الصخيرات،الذى تم إقراره دوليًا بقرارات مجلس الأمن، والثانى من انه منتخب من الشعب، رغم نهاية ولايته، فكانت لقاءات أبو زنيمة فى المغرب، ومباحثات فى جنيف وبروكسل، وإعداد للقاء فى تونس، ومع ذلك فإن القاهرة تظل محطة استثنائية، فى مسار دعم التوصل إلى حل سياسى للأزمة، حيث دخلت على خط الوساطة بين أطراف الأزمة الليبية منذ حوالى شهر كامل، وسط ترحيب واسع ومقدر من الجميع، على خلفية قناعة بارتباط الأمن القومى للبلدين، بحكم الجوار الجغرافى،ووقائع التاريخ، بعد الموافقة على استقبال القاهرة، لوفد يضم عددا من أعضاء مجلس النواب فى طرابلس والمجلس الأعلى للدولة، وعدد من قيادات غرفة بركان الغضب، فى استجابة لإشارات حكومة الوفاق فى أكثر من مناسبة، على حرصها وتأكيدها على محورية الدور المصري، واستعدادها للدخول فى أى حوارات، تتناول مشاغل القاهرة الأمنية،وحفظ مصالحها فى ليبيا.
الزيارة أنهت التوتر المؤقت فى العلاقات، وأكدت انفتاح مصرى على المكونات والكيانات السياسية الليبية بدون استثناء، وخرج البيان المشترك بعد مباحثات القاهرة، التى استمرت أربعة أيام بالتأكيد على الإعلان عن خريطة طريق للحل لإنهاء المرحلة الانتقالية، بمواعيد محددة، ومنها إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية فى موعد أقصاه اكتوبر من العام القادم، على أن يسبقها الانتهاء من آلياتها الدستورية بعد موافقة اللجنة الدستورية على المشروع، والاستفتاء عليه، مع الإشارة إلى دور مصرى فى هذا الإطار،مع إعادة هيكلة المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق، من رئيس
و نائبين ورئيس حكومة مستقل، بموافقة مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، كما كانت النتائج على المستوى الثنائى مبهرة، ومنها الاتفاق على تفعيل عمل خطوط الطيران بين مصر والمنطقة الغربية، وتنظيم العمالة المصرية فى ليبيا، مع وضع وآلية مساعدة لليبيين المقيمين فى مصر فى القطاعات الخدمية والتعليم.
الاجتماعات الأخيرة التى شهدتها مدينتا القاهرة والغردقة خلال الأسبوع الماضي، وتنشيط الوساطة المصرية عنوانها الرئيسي، هو السعى إلى توحيد مؤسسات الدولة، كبداية صحيحة لحل الأزمة، حيث استضافت اجتماعات أمنية وعسكرية هى استكمال لجهد سابق،توقف لأسباب ليبية لتوحيد المؤسسة العسكرية، عقد ست جولات من الحوار أخرها فى مارس ٢٠١٨، كان قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى نتائج مهمة، كانت كفيلة بوقف التدهور بعد ذلك التاريخ، كما استضافت مصر اجتماعات بين ممثلين عن مجلسى النواب والدولة وأعضاء هيئة الدستور، للبحث فى مصير المشروع الذى تم إقراره ٢٠١٧
الجهد المصرى يحظى بدعم دولى،تمثل فى تصريحات من المسئولين الأمريكيين عن الملف الليبي، خاصة سفيرهم فى طرابلس، ومن بعثة الأمم المتحدة هناك التى تشرف على حوارات الليبين، وأصبح العالم فى انتظار «طبخة ليبية» خالصة.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة