تجدد القتال بين أرمينيا وأذربيجان
تجدد القتال بين أرمينيا وأذربيجان


هل يتحول النزاع بين أرمينيا وأذربيجان إلى حرب إقليمية؟

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 18 أكتوبر 2020 - 05:41 ص

مروى حسن حسين

رغم الجهود الدولية التى تبذلها دول غربية من أجل احتواء التصعيد فى إقليم ناجورنى قره باغ تجدد اندلاع الأعمال العدائية بين القوات الأرمينية والأذربيجانية رغم التوصل إلى «هدنة إنسانية» بين الدولتين فى موسكو الأسبوع الماضي حيث تحققت توقعات الخبراء بأن الهدنة ستكون هشة ومتعثرة. وبمثابة استراحة أرادها كلا الجانبين لالتقاط الأنفاس، بعد أسبوعين من معارك متواصلة، تكبد فيها الطرفان كثيراً من الخسائر فى الأرواح والمعدات.


كما كشف تجدد المواجهات فى جنوب القوقاز عدم فعالية الأساليب السياسية القديمة، فلا نداءات روسيا ولا فرنسا ولا حتى مجلس الأمن الدولى تؤثر فى الوضع حتى الآن، لا سيما أن التغييرات التى طرأت على خريطة السيطرة فى ساحة المواجهات، لا تناسب لا باكو ولا يريفان.

حتى الان يبدو أن موسكو وحدها باستطاعتها أن تلعب دورا وسيطا مؤثرا فى أزمة جنوب القوقاز، وتدعو الأطراف إلى التفاوض مع انشغال واشنطن فى ملفات داخلية وقضايا أكثر أهمية، مع ظهور انحياز فرنسى عبر عنه الرئيس الفرنسى ماكرون فى أكثر من تصريح، ما دفع أذربيجان إلى إعلان أن باريس «ليست طرفاً محايداً».


فالأذربيجانيين يقاتلون لاستعادة ناجورنو قره باغ، ولم يصلوا حتى إلى أراضى الإقليم نفسه، كما ان أرمينيا خسرت خلال جولة المواجهات الأخيرة بعض المناطق، التى كانت قد سيطرت عليها خلال حروب التسعينيات، من دون الحصول على أى مكاسب سياسية تتعلق بإقليم ناجورنو قره باغ.

فى المقابل، لم تتمكن أذربيجان من استعادة كامل أراضيها، ويوجد مليون لاجئ آذري، هم ورقة ضغط داخلية على باكو، ينتظرون العودة إلى أراضيهم، حيث جرى تهجيرهم منها فى حرب عام 1991.

 وتقود روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا مجموعة مينسك، تحت مظلة منظمة الأمن والتعاون فى أوروبا، التى ترعى المفاوضات بين أذربيجان وأرمينيا منذ أكثر من 28 عاماً. إلا أن باكو لم تتمكن من السيطرة على الأراضى بالقوة، كما لم تستطع يريفان أيضاً الحصول على الدعم القانونى من الغرب أو من موسكو، على الرغم من اللوبيات الأرمينية الضاغطة فى واشنطن وعواصم أوروبية وتجمد النزاع.


عدم إحراز تقدم فى المفاوضات حول وضع الإقليم طوال السنوات الماضية يناسب الجانب الأرمنى أكثر، لأنه فى هذه الحالة يحتفظ بالسيطرة على جميع الأراضى الأذربيجانية المحيطة بناجورنو قره باغ، التى احتلتها خلال حرب عام 1994، حيث سيستخدمها كورقة مساومة فى عملية التفاوض، ولهذا تجد أذربيجان نفسها فى هذه الحالة هى الطرف المعنى بتغيير الوضع على خط المواجهة.


ورغم ان الاشتباكات الأخيرة أثارت المخاوف على أمن خطوط الأنابيب التى تنقل النفط والغاز من أذربيجان وبحر قزوين إلى أوروبا، لا سيما أن هذه المعارك هى الأسوأ منذ الحرب التى دارت بين عامى 1991 و1994 بين البلدين، وخلفت أكثر من 30 ألف قتيل من الجانبين، إلا أن استمرار المعارك العنيفة حول الإقليم، المتنازع عليه حاليا، أثارت مخاوف من اندلاع حرب مفتوحة بين أذربيجان وأرمينيا، قد تتطور فى النهاية لصراع آخر بين روسيا وتركيا. فموسكو ترتبط بتحالف رباعى مع أرمينيا بينما تدعم أنقرة سكان أذربيجان من العرق التركي، ما قد ينذر حال تصاعد الأزمة إلى حرب شاملة بينهما.

ولا تبدو فى الأفق أى مؤشرات على احتمال تراجع حدة القتال بعد دخول تركيا على خط الازمة إلى جانب اذربيجان . حيث تصر تركيا على أن الجهود التى تبذلها فرنسا والولايات المتحدة وروسيا لوقف العنف بين القوات الأذربيجانية والأرمينية مصيرها الفشل ما لم تكفل أيضا انسحاب قوات أرمينيا من الإقليم.

 وبالرغم من دعوات موسكو للبلدين بوقف إطلاق النار، فإنها تؤيد وتدعم أرمينيا، كما تعد أرمينيا حليفاً استراتيجياً واقتصادياً هاماً لموسكو، فروسيا تمتلك قاعدة عسكرية فى أرمينيا، وتملك نحو 40% من الاستثمارات الأجنبية فيها.فى حين يظهر الموقف الأمريكى والغربى بأنه على الحياد ويدعو لحل النزاع بين الدولتين.


وأسباب الحياد فى الموقف الأمريكى والغربى هو المصالح الاقتصادية والسياسية المشتركة مع أذربيجان وهى الدولة الغنية بالطاقة والتى على خلاف مع غريمى الغرب التقليديين روسيا وإيران.


ورغم ان إيران تؤكد انها فى وضعية حياد فى الصراع الاذرى الارمنى مع استعدادها للوساطة لكن مراقبين يرون ان المواقف الإيرانية أكثر قربا من المواقف الارمينية فى مواجهة اذربيجان بسبب المصالح التى تجمع البلدين اضافة إلى توجس طهران من سياسات اذربيجان وخاصة الدعم العسكرى الإسرائيلى لها.


يرى بعض المحللين إن استمرارالاشتباكات بين أرمينيا وأذربيجان بسبب الإقليم يشير بشكل واضح إلى خطورة الأزمات المبنية على اختلافات إثنية- حضارية وإلى دور الدول الإقليمية والعالمية الداعمة للفرقاء المتنازعين فى الميدان بشكل لا يستبعد حدوث مواجهة عسكرية إقليمية فى أى وقت قد تخرج فيه ظروف المواجهة المحلية عن الخط المرسوم لها، عفويا أو بتخطيط أحد الأطراف. 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة