وفدا مجلس النواب والدولة الليبيان في المباحثات التي استضافتها القاهرة
وفدا مجلس النواب والدولة الليبيان في المباحثات التي استضافتها القاهرة


تفاؤل حذر قبل وضع المحاور الأساسية لحل الأزمة الليبية

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 18 أكتوبر 2020 - 05:48 ص

سميحة شتا

ما إن تظهر بوادر انفراجة وحلحلة للأزمة الليبية المعقدة والمتداخلة فى أطرافها المحلية والدولية منذ سنوات، إلا وتعود العقبات من جديد، لتقف حجر عثرة أمام «التفاوض السياسي» للصراع فى ليبيا بشكل نهائي، رغم الجهود الدولية المكثفة التى تشهدها عواصم إقليمية ودولية ممتدة من القاهرة إلى برلين، ومن جنيف إلى بوزنيقة المغربية.


على مدار الأيام والأسابيع الأخيرة، كانت مؤشرات التفاهم الإيجابية والبنَّاءة غالبة على مباحثات الفرقاء الليبيين، سواء فى مصر، أو المغرب، لكن سرعان ما تأرجحت تلك التفاهمات بين انقسامات الداخل العميقة وتشابك الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية ومصالح بعض أطراف الخارج فى استمرار الصراع.


كاد «عدم التوافق» بين وفدى مجلس النواب والدولة الليبيين بشأن المسار الدستورى والذى يعد أحد أكثر الملفات «تعقيداً» يطيح بالمباحثات المكثفة التى استضافتها القاهرة برعاية الأمم المتحدة لثلاثة أيام، وهو ما أخر صدور البيان الختامى للجولة. حيث لم يتمكن وفدا الفرقاء الليبين من تجاوز الخلاف حول الأفكار المقترحة بشأن إمكانية كتابة دستور ليبى جديد أو تعديل مشروع الدستور المجمد، منذ الإعلان عن الانتهاء من مسودته عام 2017»، وأضافوا أن الخلافات تركزت على «شكل المواد وصياغتها المتعلقة بالحكم المحلى وإدارة شؤون البلديات فضلاً عن المواد المتعلقة بتوزيع الثروة والنفط بالاستحقاقات الانتخابية المقرر أن تشهدها ليبيا فى الفترة المقبلة بعد إنجاز الحل السياسي».

وفى بيانهم الختامى المقتضب، اتفق وفدا مجلس النواب ومجلس الدولة فى ليبيا على «إنهاء المرحلة الانتقالية والوصول لصيغة توافقية حول الدستور واستكمال المناقشات بشأنه لاحقاً». كما اتفق الحاضرون جميعاً على ضرورة إنهاء المرحلة الانتقالية والبدء فى ترتيبات المرحلة الدائمة.

وأعرب الوفدان عن رغبتهما فى عقد جولة ثانية فى مصر لاستكمال المناقشات البناءة حول الترتيبات الدستورية.. تأتى صعوبة المباحثات الراهنة التى تستضيفها دول إقليمية ودولية عدة، فى تعاملها مع الملفات الشائكة التى تتضمنها الأزمة الليبية، وتثير انقسامات جوهرية بين الأطراف المتصارعة فى الداخل الليبي.وتشمل تلك الملفات، توزيع المناصب السيادية وإدارة النفط وشكل المؤسسة العسكرية الموحدة، ودور الجماعات المسلحة، فضلاً عن شكل السلطة المستقبلية فى البلاد.

يرى البعض أن المبشر فى سياق المباحثات بين الأطراف الليبية فى الوقت الراهن، التى تستضيفها عواصم إقليمية ودولية، هو التنسيق المتواصل بينها والمتابعة المستمرة مع الأطراف الدولية الفاعلة والأمم المتحدة لمخرجات تلك الجولات الحوارية، وهو ما يعكس رغبة المجتمع الدولى فى المضى قدماً بالمسار السياسي، حيث أحرزت جولات بوزنيقة والقاهرة والغردقة، وكذلك مباحثات جنيف والترتيبات السابقة لمؤتمر برلين 2، بعضاً من الاختراقات الجوهرية، إلا أنها اصطدمت فى بعض تفاصيلها مع الواقع المعقد والمتشابك للصراع الليبى وأطرافه الداخلية.. تأمل ألمانيا على تسريع الجهود لتحقيق وقف لإطلاق النار بين طرفى النزاع. فى حين تسعى مسارات التحركات المصرية فى الملف فى الأيام الأخيرة؛ إلى الوصول لمرحلة الاقتراب من المفاوضات النهائية.

ومع مضى المباحثات بين الأطراف الليبية قدماً، ثبت وجود نوعاً من التنافسية بين الأطراف الداخلية والمحلية، بعد أن استشعر بعض منها أنها قد تكون خارج مخرجات الحل النهائى بسبب إصرارها على تعقيد الأوضاع على الأرض وعدم الالتزام بما يتوافق بشأنه المجتمع الدولي.

كما تبين وجود أطراف من مصلحتها تعطيل الحل السياسى وأخرى تسعى لإتمامه، فكان إشراك تيار سيف الإسلام القذافى (نجل العقيد الليبى الراحل) فى تلك المباحثات، أحد العوامل الجديدة فى أغلب تلك الحوارات الدائرة الآن. وهناك تقارير عن خطط روسية لتهيئة سيف الإسلام لمرحلة مقبلة، ورهانها عليه إذا جرت انتخابات فى ليبيا، اعتماداً على قاعدة نظام والده الشعبية الواسعة، بخاصة غرب ليبيا وجنوبها.

تشير التطورات الراهنة فى الأزمة،بحسب بعض المراقبين، إلى كثير من التفاؤل رغم بعض التباطؤ الذى قد يصيبها بين الحين والآخر. حيث تلعب الأطراف الدولية دوراً مهماً فى الأزمة الليبية بالوقت الراهن، قد يفضى إلى حل مرتقب وانفراجة مرجحة لذلك الصراع الممتد منذ سقوط نظام القذافى عام 2011. مع ضرورة الحذر من الوقوع فى الأخطاء ذاتها التى شهدتها محاولات الحل السابقة.

ويرى محمد الزبيدي، المحلل السياسى الليبى وأستاذ القانون الدولى «إمكانية حل الإشكاليات العسكرية فى المسار العسكرى والأمنى الذى تتبناه القاهرة، الذى سيفضى إلى تشكيل لجان تقوم باختيار مجموعات أو فرق من الجيش والشرطة، تثبت وقف إطلاق النار وتحمى السلطة المستقبلية، قد تكون البداية الحقيقية لإنهاء الصراع فى ليبيا، معتبراً أن «اللقاءات العسكرية قد تكون فى الوقت الراهن الأكثر جدوى، والقادرة على حلحلة الأمور والأوضاع على الأرض».

وبحسب الزبيدى «هناك رغبة دولية حالياً فى تشكيل حكومة موحدة بين الشرق والغرب، لكن الخلاف يكمن فى اختيار من سيمثلها ومقرها ومن يحميها، فضلاً عن الضمانات الحقيقية والفعالة لتنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه»، مشيراً إلى «النقطة الأبرز فى كل ما يجرى هى محاولات لحلحلة الصراع فى ليبيا هى جلوس الأفرقاء من جديد على طاولة الحوار مباشرة، سواء فى بوزنيقة، أو الغردقة، أو جنيف».

وفيما يرجح البعض احتمالية إتمام التسوية السياسية فى ظل الجهود الدولية الراهنة وعودة واشنطن إلى المشهد، يعتبر البعض الآخر إن عودة التنافس والحرب الباردة بين موسكو وواشنطن فى ليبيا يمكن أن يعقد الأزمة، فموسكو لها حلفاء وشركاء فاعلون فى ليبيا، ويخشى من ضغطها عليهم لعرقلة مساعى الحل الأمريكية، لا لشيء إلا لأنها جاءت من واشنطن.. ووجّهت واشنطن، على مدار الأشهر الماضية، رسائل واضحة ومبطنة إلى موسكو تحذرها من محاولة الهيمنة على المشهد الليبي، مطالبة بوقف إمداداتها العسكرية لحليفها فى الشرق قائد الجيش الوطنى المشير خليفة حفتر.

فى المقابل، ردت موسكو بتحرك دبلوماسى جديد، وذلك بإعلانها مؤتمراً حول ليبيا يجمع 100 شخصية من الأقاليم التاريخية الثلاثة للبلاد، إضافة إلى حلفائها القدامى من أنصار نظام القذافي، معتبرة أنها تسعى لمعالجة الأزمة الليبية، ما اعتبره مراقبون رداً على تحركات واشنطن ضد خطط وأهداف موسكو الاستراتيجية فى ليبيا، ومحاولة لسحب الملف الليبى من الإدارة الأمريكية.. لهذا فأن الحديث عن اتفاقات نهائية أمر سابق لأوانه لأن الرؤى لا تزال متباعدة، فضلاً عن التوترات الحادة بين الأطراف الدولية المتداخلة بالمشهد.
 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة