مفيد فوزى
مفيد فوزى


يوميات الأخبار

حوار مع الشاعر أحمد رامى!

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 18 أكتوبر 2020 - 06:05 م

 

نجحت كورونا فى تصحير المشاعر، فلم أعد أشتاق إلا قليلا! هل نضبت الأشواق يا ربى؟

تعودت أن أحتفظ بأوراق حواراتى فهى غالية علىّ وأشعر أن كل حوار قصة حب بدأت بمكالمة تليفونية وتوالت فصولها اللقاء وتسجيل المقابلة وتفريغ الأشرطة. ثم تقديم الوجبة ساخنة للقارئ. أوراق الحوارات القديمة صار لونها أصفر من طول السنين. وعندما كنت أرتب مكتبتى المكتظة بالأوراق لمحت ظرفا أبيض أثار فضولى وكان حوار الشاعر أحمد رامى وتاريخه صيف ١٩٧٤ أى منذ نصف قرن. وقرأت الحوار وشعرت بقشعريرة. فقدكدت أسمع صوت أحمد رامى بين السطور، أحمد رامى الذى خاطب بعذوبة ما كتب قلوب جيلى وأجيال جاءت. عرفنا لوعة الحب وقسوة الفراق وحلاوة اللقاء فى عامية رامى.. الفصيحة! عرفناه عبر حنجرة أم كلثوم الذهبية.. وهكذا كان الحوار.. نصا.

هو القائل..
ياهل ترى قلبك مشتاق
يحس لوعة قلبى عليك
ويشعلل النار والأشواق
اللى طفيتها انت بأيديك
هو القائل
أنا لو نسيت اللى كان
وهان على الهوان
أقدر أجيب العمر منين
وأرجع العهد الماضى
أيام ما كنا احنا الاثنين
انت ظالمنى وأنا راضى
وهو الذى قال
أيها الفلك على وشك الرحيل
ان لى فى ركبك السارى خليل
وفرقت عيناى لما
قال لى حان الوداع
وبكى قلبى مما
ذاع فى الكون وشاع
انه شاعر الحب أحمد رامى.
رامى الذى رافق قيثارة الشوق أم كلثوم فى مشوار الفن.
انه رامى الإنسان صهرته الأحداث والآلام وذاق اليتم وتجرع العذاب، مصرى الوجدان، أوروبى الفكر ويحمل ثلاث شهادات عالية، يجيد اللغات الإنجليزية والفرنسية ويفهم الفارسية والتركية.
شاعرنا أحمد رامى تربطه بالمرأة علاقة حميمة انعكست على اشعاره ومن الممكن أن نقول ان أشعار رامى هى سيرة ذاتية له.
قلت للشاعر: ماذا اتعلمت من والدتك وما بصماتها عليك؟
قال رامى: كان أبى طبيبا يمارس الطب فى السودان.. فكانت أمى حنانا بلا حدود، وشربت أخلاقها وعاداتها! علمتنى أمى أن الفلوس وسيلة وليس غاية.
قاطعت الشاعر وسألته: هل كان للأم (المعنى) موقع فى أبياتك..
قال وهو يتذكر وبين أصابعه قلم رصاص يكتب به:
يا ملاك الحب.. يا روح السلام
طالع السعد على وجهك لاح
طاب لى بين ذراعيك المنام
وعلى نجواك شاهدت الصباح
أنت لى أوفى حبيب
من بعيد أو قريب
أنت أمى
من يواسينى إذا عز معينى؟
قلب أمى
من يناجينى إذا طال حنينى؟
طيف أمى
قلت للشاعر رامى: حدثنى عن أول غرام ببنت الجيران.
اكتشفت أنها كانت «قلة» ماء ترقد خلف ستائر الشباك.. وكنت أتصورها فتاة محافظة تغطى رأسها. لكنى أعترف لك كأنى أحببت فتاة صغيرة وكان حبا صامتا، وكانت عاطفتى ملتهبة. لا أحب الغزل بالعيون أو القوام، لكنى أتغزل بالوفاء والبعد والقرب. وقد صدمت عندما عرفت أن الفتاة أختى بالرضاع! وعندما تزوجت «الحبيبة» أطلقت اسمها على إحدى أولادى وأطلقت هى اسمى على واحد من أبنائها.
قلت لرامى: كيف علاج الصدمات يا شاعر الحب والآهات؟
قال: الزمن هو أعظم طبيب!
سألت شاعرنا: ما أول ما يلفت نظرك فى امرأة؟
قال: ذكاؤها وخفة دمها.
سألته: هل أنت جرىء؟
قال بسرعة: جرأتى فى المعانى التى أرسمها ولكنى خجول جداً
سألته: من هى المرأة الناضجة؟
قال: هى التى تعزف بذكاء على أوتار الرجل
سألته: هل عرفت المرأة الصديقة؟
قال الشاعر: أنا مؤمن أن الصداقة نوع من الحب. بل أرى أن الصداقة أبقى من الحب. صداقة ناضجة بين رجل وامرأة، تعيش وتعمر. وأنا ـ كشاعر ـ أرصد مشاعر المرأة وحيرتها وانفعالاتها. صحيح أن بين الحب والصداقة شعرة ولكنى أؤمن بالحب من أول نظرة.
سألته: المرأة «ملهمة» للفنان؟
قال: هى الواحة. هى النبض. هى الوقود. وكل امرأة لها بصمة فوق أبياتى، أعترف أنى أميل إلى (الهجر) وأخاف من السرور فى الحب (ما بين بعدك وشوقى إليك وبين قربك وخوفى عليك دليلى احتار وحيرنى). وأنا مدين للمرأة بكل ما نظمته من شعر وربما كانت كل أغنية وراءها امرأة.
سألت رامى: كيف تزوجت يا شاعر الحب؟
قال أحمد رامى وقد لمعت عيناه واعتدل فى جلسته: أنا رجل كنت أخاف الزواج. أصارحك لأنى أقرأ عينيك وهل تصدقنى؟
قاطعت شاعرنا بأدب: أنا أصدق كل ما تنطق به.
قال: أحيانا من إيماءة صغيرة، أشعر أن الإجابة لم تكن كافية
قلت بسرعة: نعم، هذه ترجمة الإيماءة. ان إصغائى الكامل أتصور أنه محرض على البوح الكامل!
ضحك رامى وقال: هذا فكر السائل!
قلت: هذا أسلوب المحاور!
قال رامى: أم كلثوم حذرتنى منك قالتلى رد على سؤالاته بتريث!
قلت: أنا فى حضرة أعظم الشعراء الذى سقانا العاطفة الجميلة من خلال أعظم حنجرة. هى حنجرة الست!
قال رامى: سمعت أنك فيروزى الهوى.
قلت: وكلثومى المزاج.
واستطردت: كنت أسألك عن زواجك قبل الجمل الاعتراضية.
قال: كنت مضربا عن الزواج. كنت أعمل حسابا لعاطفة الأب أنا شاعر رقيق القلب وقد ظللت بلا زواج حتى سن الأربعين كنت مشغولاً بالأدب والفن منذ عدت من فرنسا، قدمت عطاء فى الفن والشعر والسينما، حتى جاء يوم وقعت فى مطب الزواج. رأيت فتاة من أقاربى. عرفتها عن قريب. تزوجتها ربع ساعة فاقتنعت بها، فهى طيبة وتحب الحياة الأسرية وعندما عرضت رغبتى فى الزواج وافق أهلها وفى اليوم التالى قدمت «الشبكة» وكان زواجا موفقا. الشىء الذى عذبنى أنى حرمت زوجتى من تعليمها العالى. أنا فخور بها فهى تتحمل رذائلى كشاعر وكإنسان!
قلت: أم كلثوم على خريطة حياتك؟
قال أحمد رامى.. بصوته المنغم:
.. وهى قمرية تغنت على الفرع ولم تهم بالطيران
.. ثم أنت ولم نكد نعرف الدمع متى فيضه من الأجفان
.. خلقت آهة فكانت عزاء عن هموم الحياة والأحزان
.. وسرت أنه فكانت غناء يطلق الروح فى سماء الأمان.
.. ويراها الخلاق من خفة الظل ومن رقة النسيم الوانى
.. فإذا صورة تجلت إلى العين وغابت فى مستقر الجنان.
أنا لا أخاف
أنا لا أخاف من رئيس الجمهورية
كصاحب قلم بل أحترمه وأقدره
وأزهو به رئيسا يحمى قلمى من
بطش التأويل ويحمى بيتى من
الأوغاد الأشرار ويحمى هويتى
التى حاول الإخوان طمسها وينهض
بالبلد من مربع الصفر. أنا لو
أخاف منه أكون البادئ بالخطأ
ولكنى أكتب بلا خوف ولا
تردد لأنها المواطنة الحاكمة
وحاكم جاء من قلب الناس
ويعرف معاناتهم جيدا ويفهم
عذاباتهم وأمراضهم وهو كرئيس
يخاف الله، فلماذا أخاف
منه؟
قناعات
١- أتساءل دائما: هل التأمل والتحديق يحجبان لذات الحياة!.. ربما.
٢- الفهلوة ثقافة مصرية تستخدم فى غيبة الموهبة والعلم. والفهلوى شخصية عصرية فى المجتمع.
٣- تعمر المؤسسة الزوجية أكثر حين يصير الزوجان صديقين. وفى غياب الصداقة ينشط التربص والتنمر! تبدو العلاقة كحبل مشدود بين طرفين.
٤- احرص على قطعة الخشب أسفل المكتب التى أضع قدمى عليها لأنها تحمى من الجلطات «كلام أطباء لا اجتهادات».
٥- نسمة المساء أجمل ألف مرة من هواء التكييف.
٦- نجحت كورونا فى تصحير المشاعر، فلم أعد أشتاق إلا قليلا! هل نضبت الأشواق يا ربي؟
٧- أحتفظ بأجندات المكتب كل نهاية سنة. نعم، احتفظ بأيامي.. خضراء أعيش دهشة وربما غربة!
٨- قناعتك بالحياة ومساحة الرضا، تجعلك تبدو فى الأربعين ولو كنت عبرت السبعين!
٩- حرية الرأى تضيف وجهة نظر مختلفة- وخنق الرأى يروج لأخطاء بتستيف الأوراق!
١٠- فى الأفراح- هذه الأيام- لا تباعد اجتماعيا بل زحام تقليدى واصابات الوباء واردة ونحن الجناة!
١١- مقاه تحت السلم تتيح لزبائنها الشيشة رغم مطاردات ومداهمات تنشط ثم تفتر.
١٢- كان مصدر ثقافة عبدالوهاب السياسية التليفونية موسى صبري. وثقافة خلاصات القراءات من أنيس منصور، أما ثقافة التأملات والله والإنسان فكانت للدكتور مصطفى محمود.
١٣- الفيلم المصرى فقير فى نقل جماليات مصر الطبيعة، بينما المسلسل التركى ينقل بانوراما تركية مبهرة عبر أحداث المسلسل.
١٤- نعم المنصب يختبر الرجل وكذلك المرأة والفلوس بالطبع!
١٥- أنا أتصالح مع إنسان فيه الرجاء ويعرف الله. إنما اتصالح مع بنى آدم يخفى سكينا ليطعنني.. لا.. لا.. وألف لا.
١٦- امرأتان: واحدة سحبت بالفيزا كارت مبلغا ضخما من حساب طليقها والثانية رغم غضب مؤقت لم تسحب مليما من حساب زوجها لأنها متربية.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة