حتي عالم التحليل النفسي الأشهر فرويد مبدع مصطلح النرجسية لوصف نوع من الشخصيات المريضة المغرمة بحب ذاتها يري أنها شخصية صعبة ومحيرة، فيبدو النرجسي منغمسا مع الآخرين ويعاملهم كما لو كانوا امتدادا له أو علي أنه معجب بهم فقط لأنهم قادرون علي قضاء حاجاته ، ومع ذلك ينقص النرجسي احترام الآخرين فيحاول تعظيم نفسه ونسب القيم الفاضلة لذاته.
وتستطيع التعرف علي النرجسي عندما يتحدث كأنه يهذي، فيمجد أفكاره وآراءه ويبدو عالما ببواطن الأمور، ويستغرق في هدوء مصطنع وتكيف اجتماعي ملائم وفعال لكنه يغطي به تشويها عميقا في علاقاته الداخلية مع الاخرين وكرهه لهم، طموحه زائد يريد كل شيء فأخبيل العظمة بداخله تجاور الشعور بالنقص، وميله لاستغلال الآخرين وعدم الرحمة بهم يتبدي في حديثه المغلف بالعطف والحنان.
عزيزي القاريء انظر حولك تري النرجسية باتت ظاهرة مميزة للعديد من الشخصيات من حولنا ، كأن ثورتي يناير ويونية أمرضت البعض وأظهرت نرجسيتهم وعادت بهم لمرحلة الطفولة فلا يرون في الآخرين سوي أسباب لتحقيق طموحاتهم التي يغلفونها بالوطنية وحب مصر.. ولا تصمت الشخصية النرجسية فتعشق الرغي وتصدر تخيلاتها للآخرين وعنهم، وتتوهم خطرا داهما ومؤامرات من الداخل والخارج.
ويري ذلك النرجسي أنه تفرغ رغم مشاغله من أجلنا حتي يحبط المؤامرة علينا، ويري ما لا نراه ويأسف لأن البعض لا يأخذ بمقترحاته، ويتحدث عن القيم والمباديء وهو أبعد الناس عنها ومع ذلك وبطرق ملتوية يستطيع الحصول علي أصوات دائرته وبات ممثلا للشعب ولا يعلم أنه يمثل نفسه وطموحه الأناني في اعتلاء مقدمة الصفوف، شخصية حيرت علماء التحليل النفسي وأدركوا أنها عاهة نفنسية مستديمة لأنها نرجسية.