داليدا : بنت ٫٫ الإيطالية
داليدا : بنت ٫٫ الإيطالية


داليدا.. فراشة شبرا الإيطالية

أخبار النجوم

الإثنين، 19 أكتوبر 2020 - 04:05 م

عماد فؤاد

فراشتنا اليوم ولدت يوم 17 يناير سنة 1933 بحي شبرا العريق، لأبوين إيطاليين من المهاجرين إلى مصر أوائل القرن العشرين، عند ولادتها حملت اسم يولاندا كريستينا جيجليوتي، تعود أصولها إلى جزيرة كالابريا في جنوب إيطاليا، تمنت منذ صغرها أن تكون مغنية، وهي الأمنية التي قادتها إلى تعلم العزف على أكثر من آلة موسيقية وتلقي دروساً في الغناء.

تشبثت بحلم أن تكون ممثلة، خاصة بعد أن عرفت أن الممثلة الإيطالية الشهيرة Eleanor Duse تمتّ لها بصلة قرابة، وعلى الرغم من سنوات الطفولة العادية في كنف أسرتها الإيطالية بالقاهرة، بدأت يولاندا الاصطدام مبكراً بخوف أبيها عليها منذ كبرت وبدأ جمالها يكتمل للعيان، لكنها نجحت في تحقيق أحلامها بعد ذلك بسنوات وأصبحت تعرف في جميع أنحاء العالم باسم داليدا، الصوت الملائكي الجبار الذي غنى بالعديد من اللغات، وجعلها تتربع على عروش قلوب الفرنسيين، مشوار طويل من الصعاب والشجن خاضته يولاندا كريستينا جيجليوتي كي تصبح داليدا التي نعرفها اليوم.

في العام 1951، كانت داليدا في سن الـ 18 من عمرها، شجعها جمالها الآخاذ على المشاركة في مسابقة صغيرة لملكات الجمال كانت تقام في القاهرة تحت اسم «Miss ondina»، وحصلت داليدا على لقب ملكة الجمال الأولى فيها، وهو ما شجعها بعد ذلك بثلاث سنوات على خوض مسابقة ملكة جمال مصر لعام 1954، والتي حصلت أيضاً على لقبها الأول عن جدارة، وكانت الجائزة وقتها حذاء نسائي من الذهب الخالص، ولم تستمر رقابة والد داليدا الصارمة عليها طويلاً، حيث أصيب بأزمة قلبية وتوفى على أثرها، ما دفع داليدا إلى أن تتحمل بعضاً من مسئوليات الأسرة، فبدأت في تعلم الطباعة على الآلة الكاتبة وعملت سكرتيرة في إحدى شركات الأدوية، إلا أن فوزها بلقب ملكة جمال مصر منحها الفرص الكثيرة للاحتكاك بعالم ستوديوهات السينما المصرية، وأطلقت يولاندا على نفسها اسم دليلة كإسم فني، وكان أول فيلم تشارك فيه كدوبليرة هو الفيلم الأمريكي «Joseph and his brother»، والذي صورت بعض مشاهده في الأقصر، وأثناء تصوير هذا الفيلم قابلت داليدا شاباً مولعاً بالتمثيل اسمه ميشيل شلهوب، سيعرفه العالم أجمع فيما بعد بإسم عمر الشريف، ووقع في حب يولاندا التي سيعرفها العالم أجمع فيما بعد باسم داليدا منذ النظرة الأولى.

لم تهتم داليدا باهتمام الفتى الوسيم عمر الشريف الذي كان يكبرها بعام واحد، وسافرت بعد تصوير مشاهدها في الفيلم الأمريكي مباشرة إلى العاصمة الفرنسية باريس بحثاً عن الشهرة، والتي وصلتها يوم 24 ديسمبر سنة 1954، وهناك حاولت بكل ما تملك من قوة عرض موهبتها على صناع السينما الفرنسية دون جدوى، حتى نفذت نقودها وقررت العودة من جديد إلى مصر، وفي طريقها من باريس إلى المطار تعرفت على الرجل الذي سيغير مجرى حياتها، كان اسمه «رولاند برجر»، ويعمل كمدرب صوت للمطربين، وبعدما استمع إلى صوتها وهي تغني، أقنعها أن تتخلى عن حلم التمثيل وأن تبدأ بالغناء، وبدأ بإعطائها دروساً مكثفة في الصوت، وحين رأى أن داليدا بدأت في الغناء بشكل سليم، نجح في أن يجعلها تغني في بعض النوادي الليلية في باريس مستخدمة اسمها الفني «دليلة» الذي اختارته وهي في مصر.

تقاسمت داليدا السكن في شقة باريسية صغيرة مع صديقة لها، وفي البناية ذاتها كانت تلمح كل صباح جاراً وسيماً يسكن قبالتها، وحين تجرأت داليدا وتعرفت عليه قدم نفسه لها بكلمتين مقتضبتين: «اسمي آلان ديلون، وأحاول أن أكون ممثلاً»، ومنذ هذا التعارف ربطت صداقة عمر بين داليدا وآلان ديلون، كانت تغني في أحد النوادي الليلية، وفي النهار تجوب مع آلان ديلون مكاتب المنتجين السينمائيين بحثاً عن فرصة هنا أو هناك، وحين تصبح الحياة أقسى على أحدهما، كان الآخر يتولى مسئولية إطعام صديقه، في هذه الأثناء بدأ اسمها يعرف في النوادي الليلية في باريس، وحين أشار لها البعض أن اسمها الفني دليلة غريب ويوحي بشيء من العدوانية، قررت أن تمزج بين اسمها الحقيقي يولاندا وبين اسمها الفني دليلة، لتخرج باسمها الذي عرفت به بعد ذلك: «داليدا»، بعدها تعرفت على مدير أشهر قاعات الموسيقى في باريس، ومن خلاله وضعت قدميها على أول طريق النجاح والشهرة.

يمكننا القول إن داليدا نجحت في بلوغ الشهرة التي كانت تتمناها طيلة حياتها، إلا أنها عاشت الكثير من علاقات الحب الفاشلة وغير المستقرة، ففي بداية حياتها الفنية أجرت عملية إجهاض أصابتها بالعقم مدى الحياة، وفي سنة 1967 التقت بالمطرب الإيطالي الشاب «لويجي تينكو» وكان لا يزال في بداية طريقه وأحبته سريعاً، لكنه سرعان ما فاجأها بإطلاق الرصاص على رأسه بعد فشله في أحد المهرجانات الغنائية، وكانت داليدا هي التي اكتشفت جثته بعد انتحاره، وهو ما شكل أول حادثة زلزلت حياتها، وربطتها بالانتحار.

في أواخر الستينيات تعرفت داليدا على شاب فرنسي يدعى «موريس لوسيان» وتزوجته بعد قصة حب سريعة وهشة، لكن بعد شهور قليلة من الزواج تنفصل عنه بعد أن وقعت في غرام الرسام الفرنسي جين سوبيسكي، ولكن في مساء 11 سبتمبر سنة 1970 ينتحر زوجها الأول موريس لوسيان بإطلاق الرصاص على رأسه، بعد أن رفضت داليدا العودة إليه، ليشكل انتحاره الحادثة الثانية التي تزلزل حياتها من جديد.. وإلى الأبد، بعدها تدخل داليدا فى علاقة مع الفيلسوف والكاتب الفرنسي أرنو ديجاردان، لكنهما سرعان ما ينفصلان لأنه كان متزوجاً، وفى 1975 ينتحر صديقها المقرب المطرب مايك برانت الذى ألقى بنفسه من شرفة شقته فى باريس، وكذلك ينتحر ريتشارد شانفرى الذى ارتبطت به داليدا من عام 1972 وحتى 1981 باستنشاق الغاز العادم من سيارته، وبعد ريتشارد دخلت داليدا فى الكثير من العلاقات غير المستقرة، أدت بها في النهاية إلى ما لم يكن أحد يتخيله.

تركت داليدا ما يقرب من 500 أغنية في تسع لغات هي الفرنسية والإسبانية والإيطالية والألمانية والعربية واليابانية والهولندية والتركية، إضافة إلى 12 فيلماً أبرزهم «اليوم السادس» للمخرج العالمي يوسف شاهين، لكنها بعد سنوات من النجاح الفني والفشل في الحب، فاجأت داليدا محبيها في جميع أنحاء العالم بخبر انتحارها يوم 3 مايو سنة 1987، بعد أن تناولت جرعة زائدة من الأقراص المهدئة في مسكنها بالعاصمة الفرنسية باريس، وحين اكتشفوا جثتها وجدوا بجوارها ورقة صغيرة كتبت عليها: «سامحوني، الحياة لم تعد تحتمل».

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة