محافظة شمال سيناء
محافظة شمال سيناء


القوة الناعمة في سيناء.. عشر سنوات عجاف

صفوت ناصف

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2020 - 12:43 ص

القائمون على الثقافة لا يهتمون بالرؤية القومية.. والمؤسسات الثقافية لا تقوم بدورها

 

لشمال سيناء تاريخ كبير في مجال الأدب، ساهم في إثراء الحياة الثقافية في مصر، فدائما كان رجال الثقافة في سيناء في طليعة رجال النشاط الثقافي في مصر، لكنها تأثرت بشكل واضح من تداعيات أزمة وباء كورونا، كما تأثرت بمحاولات الجماعات الإرهابية نشر الفكر المتطرف بها، في المقابل كانت الدولة في حاجة لاتخاذ تدابير احترازية للمحافظة على المواطنين، فتقلص النشاط الثقافى، والاجتماعى، كما يحدث فى العالم، لكن هل هذه التدابير فقط هى العامل المؤثر على مسار الحياة الثقافية فى شمال سيناء، وهل تقوم المؤسسات الثقافية الرسمية بدورها فى منطقة بهذه الأهمية لمصر خاصة أنها حائط الصد الأول ضد العدو التاريخى لمصر من جهة الشرق، وهل أثرت هذه التدابير الاحترازية على الأدب؟ وللإجابة عن هذه الأسئلة أجرينا هذا التحقيق..

 

بداية يوضح الشاعر والناقد محمد ناجى حبيشة شمال سيناء أن الثقافة الشعبية المصرية ليس لها حدود، والمؤسسات الثقافية في مصر كثيرة ومتنوعة ولكن هذه المؤسسات لها دور محدود جداً علي مستوي شمال سيناء، حيث يقتصر دورها علي المسابقات الأدبية التي تعرف أسماء الفائزين مقدماً رغم الإجراءات الإدارية المحكمة التدبير والمحكمين من أهل الثقة لا من أهل الخبرة، ولذلك ينظر إليه المشاركون على أنه عملية شكلية تخضع للأهواء فلا يقبلون عليها بجدية. 

 


وأضاف أن نوادي الأدب بشمال سيناء مبنية على الصراعات بعد أن تسلل الفكر الظلامى إليها، فسيناء في خطر حقيقى، والمؤسسات المعول عليها قيادة حركة التنوير في المجتمع منشغلة بتغيرات المواقع القيادية، ما أبعدها عن دورها الأساسى فى المجتمع، مشيراً إلى أن المؤسسة الثقافية فى مصر تتقدم إلى الخلف، فشمال سيناء ليس لها حضور في المشهد الثقافي بالشكل الملائم لتراث المنطقة، فالخصائص السيناوية والتراث السيناوى لا يلقي الاهتمام الكافى، مشيراً إلى أن الاهتمام يقتصر علي المؤتمرات، وطبع بعض الأعمال بطريقة غير محايدة فى التقييم، بالإضافة إلى أن بعض القائمين على الثقافة فى شمال سيناء ليس لهم رؤية قومية لقيادة المجتمع بروح التسامح والمحبة وقبول الآخر، لافتاً إلى أن مشكلات سيناء اجتماعية ثقافية قبل أن تكون مشكلة أمنية، وهو ما يتطلب تغيير نظرة المسئول الثقافى والمؤسسات الثقافية إلى التنمية الثقافية المستهدفة لتكون المنطقة شوكة فى ظهر إسرائيل، بدلاً من أن نكون شوكة فى ظهر مصر، وعموما المؤسسات الثقافية بشمال سيناء هى الحاضر الغائب.

 


فيما يؤكد الكاتب عبدالله السلايمة شمال سيناء أن الثقافة فى جوهرها هي تبديات للتحولات التى تحدث على أرض الواقع، من الطبيعي أن تنعكس العشر أعوام العُجاف الأخيرة التى عاشتها سيناء على المشهد الثقافي فيها، فقد عانت سيناء خلال تلك الأعوام حالة ركود ثقافى، زاده مواتاً فشل المؤسسة الثقافية الرسمية فى أن تصنع مشهداً ثقافياً يتعامل مع المرحلة وتحولاتها السيسوثقافية، لافتاً إلى أنه مقابل هذا المشهد الغائم كان هناك بعض الإنجازات الفردية التى حققها بعض المبدعين في مجالات الإبداع الشعري والقصصي والروائي، وهناك مشهد ثقافى يتشكل الآن لعل أبرز مظاهره «ملتقى العريش الثقافى» الذي تسعى معي نخبة من أدباء شمال سيناء لعقده خلال الفترة (24- 25) أبريل المقبل في إطار احتفالات شمال سيناء بعيد تحريرها القومي السابع والأربعين. 

 


وطالب السلايمة أن تستجيب الجهات المسؤولة في محافظة شمال لتحقيق الحلم في انعقاد الملتقى الذي يهدف القائمون عليه الوقوف مع الدولة في مواجهة ما تبقى في رؤوس البعض من أفكار ظلامية، وكواحد من بينهم أكد بأنه لا يمكن للدولة مواجهتها بمفردها، ما لم تفسح المجال لأن يقوم المثقفون بدورهم بتقديم ثقافة واعية وأفكار تنويرية قادرة على اجتثاث الإرهاب من جذوره، وهذا ما نحاول القيام به من خلال سعينا لعقد الملتقى كخطوة أولى فى هذا الشأن.

 


أكد الشاعر حاتم عبدالهادى شمال سيناء أن جائحة كورونا قد أثرت على كل مناحى الحياة العامة والخاصة، ومنها الأدب، لكن الأدباء استثمروا حاجتهم إلى العزلة؛ لا العزل ووظفوا طاقاتهم الإبداعية لخدمة الأدب، كما أن الحظر قد قرر العزلة الإجبارية والتى أثرت على ذائقة المبدع فبدأ يعتصر عقله، وجوارحه لإنتاجية أدب يساوق اللحظة الراهنة، ويتماشى معها، مشيراً إلى أن جائحة كورونا قد جاءت بخير على الأدباء والكتاب والمبدعين، وأجبرتهم للجلوس في البيت، حيث أنتجت العزلة «أدب السكون والصمت، أدب المنزل، أدب العزلة»، وهم من المسميات الموجودة في الآداب الأوربية، إلا أنها ليست معروفة عندنا كثيراً، فبحث الأدباء في تاريخ «أدب المرض» والجائحة، وأطروا له، فهناك إبداع ظهر أثناء الحرب العالمية الأولى والثانية نتيجة تفشى وباء الكوليرا، والطاعون آنذاك، وقد رصدت ذاكرة الأدب مئات الأعمال الشعرية والروائية التى كتبت عن ذلك، كما رصدت الآن الذائقة الأدبية، وما زالت أدب الجائحة، أو الأدب ما بعد عالم كورونا، وهو أدب ما بعد حداثى إذ أنه وليد اللحظة الراهنة، ويعد ظاهرة عالمية، لأن الوباء انتشر في العالم كله، فى وقت واحد، وقد رأينا الشعراء فى مصر والعالم العربى، بل وفى العالم كله يتبارون في رصد الجائحة فى إبداعاتهم، كما تبارى الروائيون، وكتاب القصة استفادوا كثيراً في رصد هذه الظاهرة البيئية الصحية العالمية في قصصهم، خاصة أن القصة قد تراجعت كثيراً، وتقدمت الرواية، إلا أننا رأينا كتاب القصة يكتبون «الأدب التوثيقى» الذى يؤطر لمثل هذه الظواهر العالمية المخيفة، والتي أخافت العالم، وإصابته بالهلع، وربما الجنون فى فترة وجيزة من عمر تاريخ الأمم والشعوب .

 


وحول الإرهاب والأدب أكد حاتم أن تأثيرات الإرهاب على الأدب هى تأثيرات عميقة، وجوهرية، خاصة أنها تصيب المبدع برهبة وهلع شديدين، والإبداع مع الرهبة والرصاص، لا يمكن أن تؤتى له ثمار، ومع ذلك تصدى كثير من الأدباء لهذا الوباء الجديد، وهذه الأصوليات الفكرية والعقائدية والتي أثرت على تحولات الأدب، وإنتاجيته، لكنها أخرجت لنا «أدب الكوارث والأزمات» و«أدب الهلع والخوف» وكلها قد تتعلق بسيكولوجيا المبدع، ومدى تأثير الإرهاب على النفس، إلا أن الإرهاب لم ينجح في تكميم الأفواه، بل رأينا الكثير من الأعمال الأدبية والفنية: فى الفنون التشكيلية والمعارض، وفى كتابات الصحافيين ترصد هذه الظاهرة العالمية الجديدة- القديمة، والتي ربطها الظلاميون الجدد بالدين للأسف، وحاربوا للوصول إلى خلافات مزعومة، والإسلام بريء منها بالكلية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة