صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


معاناة فاقدي البصر في شوارعنا.. «العصا البيضاء» تحتاج نظرة

إيهاب صبرة

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2020 - 11:26 م

في منتصف أكتوبر من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي للعصا البيضاء، اعترافاً فيه بحركة المكفوفين التي نقلتهم من حياة التبعية إلى المشاركة الكاملة في المجتمع، ويرجع اختيار هذا اليوم العالمي بعدما أوصى الأعضاء الفخريين في المجلس العالمي لرعاية المكفوفين، في اجتماعهم الذي عقد في فبراير من عام 1980 بباريس، أن يكون ذلك اليوم من كل عام يوماً للمكفوفين، وقد بدأ استخدام العصا البيضاء عام 1931، وهي رمز استقلالية المكفوفين، وأصبحت  اعترافاً صريحاً بقدرة الكفيف على العمل والإنتاج المنفرد والاعتماد على النفس.

ويعد «يوم العصا البيضاء»، رسالة لكل المجتمعات من أجل اتباع قواعد التعامل مع المكفوفين، وتقديم المساعدة لهم في الطريق أو المرافق العامة ولتشجيعهم على الانخراط بشكل أوسع بالمجتمع، ولذلك كان الاحتفال بهذا اليوم ضرورة لبث التوعية والتثقيف وإرشاد المواطنين بكيفية مساعدة الكفيف في عبور الشوارع وعلى الرغم من هذا الاحتفال العالمي الذي يؤكد على ضرورة مساندة ودمج ودعم الكفيف في المجتمع،  إلا أن هناك نسبة ضئيلة من المكفوفين بمصر من مستخدمي العصا البيضاء  ونبصر في أعماق ذوي الإعاقة البصرية، لنعرف ما هي ردود أفعالهم وتقبل المجتمع لفكرة وجود العصا البيضاء كأحد أداة وآلية دعم المكفوفين.

في البداية، يشير الدكتور عصمت نصار أستاذ الفلسفة الإسلامية والفكر العربي الحديث بجامعة القاهرة فرع الخرطوم، إلى أن المجتمع يعاني من أزمة شديدة في تقبل فكرة وجود العصا البيضاء كأحد آليات معاونة للشخص ذوي الإعاقة البصرية، لأن الغالبية العظمى من الناس مازالوا في مخيلتهم أن الشخص الكفيف هو إما أن يكون فقيهًا أو قارئاً للقرآن الكريم أو فذاً جداً في الفن مثل عمار الشريعي أو سيد مكاوي أو من الجهابذة مثل الدكتور طه حسين، الذين نبغوا في العلم أو الفن وبالتالي مسألة تقبل شخص كفيف، ويتحرك بالعصا البيضاء ليست متقبلة بشكل كبير وإعانة الكفيف، هو فرض عين وليس فرض كفاية، وهو فعل يحتاج إلى وقفة واهتمام أكبر من الدولة ويتابع نصار بقوله لي صديق حكى أنه في أحد المرات يتحرك بالشارع ومعه عصاه البيضاء، التي تعتبر دليله في الطريق، ويعتقد بعض الأشخاص أنهم في مرحلة سنية صغيرة بخطف العصا منه، مما أدى لوقوعه أرضاً وإصابته.

أما عن تجربته الشخصية - والكلام مازال على لسان دكتور عصمت – فيحكي: "بعد استلامي كارنيه الخدمات المتكاملة الخاص بالأشخاص ذوي الإعاقة ذهبت إلى مكتب البريد للاستفسار عن بعض الأمور به وسألت عن الشباك المخصص للتعامل مع ذوي الإعاقة، فإذا بمدير المكتب يوجه إساءة بالغة لي وتلفظ بألفاظ سيئة وطردني من المكتب، ولم يتعامل معي كإنسان قبل أن أكون شخصاً من ذوى الإعاقة". 

ويتعجب  ماهر طلعت رئيس المنتدى المصري للأشخاص ذوي الإعاقة من بعض الناس عندما يسألونه: "أنت مش ماسك عصايا ليه معاك وأنت ماشي علشان تعرفك الطريق"، معقباً: "هل تعرفون أهميتها لنا كأشخاص ذوي إعاقة بصرية وتجهلون دوركم في تقبلها أو على الأقل عدم الإساءة أو التقليل من قيمتها، فكثير من المجتمع يجهل دوره في ذلك ويسيء إلينا بل إن الدولة وعلى مدار عملي أكثر من 20 عاماً في قضايا وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، لا تقدم لهم أي خدمات إلا ما تقدمه وزارة الداخلية في اليوم العالمي للعصا البيضاء، من تخفيضات على رسوم خدمات التقديم للحصول على الأوراق الثبوتية مثل البطاقة أو جواز السفر للكفيف وأحياناً تقدمها مجاناً في هذا اليوم أما باقي الوزارات أو الهيئات فحدث ولا حرج والوضع يختلف بالخارج عنا والفرق شاسع في ثقافة التعامل مع الكفيف وعصاه البيضاء وأحياناً تقف مواكب رسمية وكبار الساسة حين يمر كفيف بعصاه في الشارع أو على وشك العبور من طريق لآخر وهو ما حدث معي أثناء مشاركتي في أحد المؤتمرات بتونس وهى دولة عربية وليست أوروبية وكذلك الحال في الإمارات العربية المتحدة فما بالك بدول غربية.

ويلتقط أطراف الحديث الدكتور عبد الباسط عزب رئيس المركز العربي للإعلام المناصر للأشخاص  ذوى الإعاقة، أن الطرق ممهدة بالخارج للتعامل مع عصا الكفيف من حيث طبقات الأرض الممهدة وتنوعها بشكل يلائم العصا وبقوالب لها دلالة فى كل خطوة ويستوعب الكفيف ذلك بل إن أعمدة  إشارات المرور تتفاعل مع العصا بشكل تكنولوجى عجيب أثناء مروره مع إتاحة كل الخدمات بسلاسة ودون تعقيد أو صعوبات إذا ما تم التفاعل مع أداة الكفيف  الممثلة فى العصا البيضاء فى التعامل مع المحيطين به.

وطالب معتز الهادي نائب رئيس المنتدى المصري للأشخاص ذوي الإعاقة مكاتب التأهيل بتوفيرها ومنحها للأشخاص ذوى الإعاقة البصرية مثلها مثل باقى الأجهزة التعويضية التى تمنح للإعاقات الأخرى  وفاجئنى  بقوله هل تعلم أن المركز النموذجى لرعاية وتوجيه المكفوفين يتيح انواع من العصا البيضاء بخامات رديئة وسيئة للغاية على الرغم من أنه أكثر جهة منوط بها تقديم أفضل خدمات للكفيف وأن توفر ذلك المنتج بأفضل الخامات مضيفاً أن  مجتمعنا غير متقبل الفكرة  وارحب بكل  ابتكار يخرج بنا من نفق تجاهل أو عدم قبول فكرة العصا فى المجتمع ومع توفيرها بخامات جيدة وتتلائم مع الطفرة التى تحدث فى  السنوات الأخيرة فى الطرق والإنشاءات. 

وتشير هدى الأنشاصي خبير بوزارة التربية والتعليم إلى أن مستخدمى العصا البيضاء فى مصر يصل إلى 30% وهو إحصاء غير رسمى ويرجع ذلك لبعض من  الأمور ومنها أن السيدات والفتيات يعتبرونها (عيبة) وان المجتمع سيعرف وقتها انها كفيفة وبحاجة للمساعدة  بجانب أن بعض الأهالى لا تفضل إستخدام اطفالهم للعصا البيضاء رفضاً لفكرة إعاقتهم وبالتالي لا يقومون بتدريبهم عليها من الصغر وتتابع بقولها إن العصا البيضاء ترمز إلى الاستقلالية للكفيف، ولها أشكال وتصاميم متنوعة، ومؤخرا أصبح لها ألوان مختلفة للتفريق بين الأشخاص المكفوفين وغيرهم من ذوي الإعاقة، كالأشخاص المكفوفين والصم في نفس الوقت.

ويتفاوت الاعتراف بالعصا البيضاء من دولة لأخرى من ناحية التشريعات النيابية أو قوانين المرور، وبعض الدول لا تعترف بها أبدا وهي أداة يستخدمها الكفيف للتحرك في محيطه، وعادة ما تكون عصا طويلة وصلبة ذات رأس معدني أو بلاستيكي. يمكن أن يبسطها الكفيف أمامه ويعيد طيها ليتحسس طريقه ولتحذيره من وجود أية عوائق أو تغير في المكان ، كما أن العصا البيضاء تدل الآخرين في المجتمع على أن حامل هذه العصا شخص كفيف فإذا ما أتقن الكفيف استخدامها، يمكنه حينئذ من انجازأعماله ومهامه اليومية بسهولةإن الكفيف الذي يتقن المشي بمفرده باستخدام العصا البيضاء شخص قد تقبل إعاقته البصرية ومتعايش معها، وهي رمز لفقدان البصر وتؤكد على حق المكفوفين في ممارسة نفس الحقوق والمسؤوليات التي يتمتع بها الآخرون. لقد حررت العصا البيضاء المكفوفين وسمحت لهم بالتحرك والانتقال بأمان ومن انواع العصا البيضاء
 العصا الرمزية وهي عصا يستخدمها المكفوفين وضعاف البصر والمسنون أيضا للدلالة على أن صاحبها لديه مشكلة ما في الإبصار دون أن تتوفر بها المعايير اللازمة للعصا البيضاء الخاصة بالحركة والتنقل و العصا الإرشادية
وهي عصا يستخدمها المكفوفين لمعرفة نوع الأرضية التي يسيرون عليها وحواف الأرصفة ودرجات السلم وكذلك لحماية الجزء الأسفل من الجسم فقط ، ويكون طولها فوق خصر الجسم بقليل ،وتصنع أطراف هذه العصي من النايلون أو الألمونيوم و العصا الطويلة
وهي أكثر العصي استعمالا في التنقل والترحال بصورة مستقلة ، وينبغي أن يكون طولها عند الجزء الأسفل من القفص الصدري ، ومن ثم فان طولها يختلف من إنسان لآخرويستطيع الكفيف من خلال العصا الطويلة أن يكتشف العقبات التي قد تعترض طريقة قبل الاصطدام بها وتصنع أطرافها من النايلون وتأخذ هذه الأطراف عدة أشكال منها الشكل المدبب أو الكروي أو المخروطي و عصا السير العادية
ويستخدمها المكفوفين وضعاف البصر والمبصرون دون أن يكون لها مواصفات خاصة ،وعادة ما تكون من مادة خشبية صلبة تتحمل الاتكاء عليها أحياناً و عصا هبل 
وهي عصاه مقوسة تشبه مضرب التنس إلى حد كبير وتستخدم في الأرضيات غير المناسبة
للعصا الطويلة مثل المناطق ذات التضاريس الوعرة والطرق الصخرية و ينبغي أن يصل طولها إلى ما فوق الجزء الأسفل من القفص الصدري والعصا الاليكترونية 
وهي عصاه اليكترونية مصممة على شكل العصا البيضاء الطويلة لكنها تقدم للكفيف ترددات 
فوق صوتية يشعر بها تحت يده عندما تصطدم بعقبة معينة في طريقها كما أنها تستطيع استكشاف العقبات في كل الاتجاهات على مسافة خمسة أمطار وتصنع أطراف هذه العصا من مادة الرصاص
ويؤكد محمد جاد أن المجتمع سيصبح مؤهلاً لتقبل فكرة العصا البيضاء إذا كثُر استخدامها من قبل المكفوفين وخاصة من الأشخاص الذين كف بصرهم بعد ما كانوا مبصرين بجانب زيادة الاعتماد على وجود بيئة وبنية تحتية تتوافر معها هذه الأداة لأن بدون هذا التناغم ستفقد الفكرة رونقها وتفشل ولن تلقى رواجاً أو قبولاً من المجتمع فالعلاقة هنا طردية وعلى الأشخاص ذوى الإعاقة البصرية التعامل معها دون خجل حتى يتقبل المجتمع تطبيق الفكرة وبشكل رحب
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة