عالم الآثار الدكتور حسين عبد البصير
عالم الآثار الدكتور حسين عبد البصير


صور| عبقرية المصريين القدماء.. رحلة تعامد الشمس على «أبو سمبل»

شيرين الكردي

الأربعاء، 21 أكتوبر 2020 - 01:06 م

قال عالم الآثار الدكتور حسين عبدالبصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، إن تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني في معبد أبو سمبل دليل على عبقرية الفراعنة الهندسية والفلكية والدينية، وإعلاء من شأن الفرعون في أعين شعبه والشعوب التي حكمتها مصر في ذلك الوقت.

 

وأضاف الدكتور عبدالبصير أن من أروع معالم معبد أبو سمبل الكبير اختراق شعاع الشمس باب المعبد ليصافح وجه رمسيس الثانى مرتين من كل عام فى ظاهرة هندسية وفلكية تثير الانبهار باستمرار، ويؤكد عبقرية المصرى القديم التي لها أدلة كثيرة لا تزال تحير العالم أجمع إلى اليوم الحالى.

 

وتعد ظاهرة تعامد الشمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثانى بذلك المعبد المهم حدثا فريدا ينتظره عشاق مصر في كل مكان بالعالم.

 

 

وكانت حالة المعبد جيدة إلى أن بدأ ارتفاع منسوب نهر النيل الذي بدأ ينتج عن بناء السد العالي وبحيرة ناصر، ما كان سببا قد يهدد بغرقه، ما جعل من الضروري نقله للحفاظ عليه من الغرق.

 

وكانت عملية نقل معبد أبو سمبل من أصعب عمليات نقل المباني على مر التاريخ، حيث كان التحدي كبيرًا أمام المهندسين المعماريين والأثريين على حد سواء كى ينجحوا فى تنفيذ ذلك المشروع العملاق، خصوصا أن التحدى الأصعب أمامهم كان الحفاظ على الزوايا الهندسية والقياسات الفلكية كى تستمر ظاهرة تعامد الشمس على وجه الفرعون الأشهر الملك رمسيس الثانى مرتين فى العام.

 

كما تم القيام بعملية إنقاذ المعبد أبو سمبل من الغرق عقب بناء السد العالى فى ستينيات القرن العشرين واستمرت تلك العملية عدة سنوات، وتم النقل إلى الموقع الحالي الذي فيه اليوم على الهضبة الشرقية بارتفاع نحو 64 مترا فوق الموقع القديم ونحو 180 مترا إلى الغرب من موقعه الأصلى.

 

 

وفوق المدخل يوجد كورنيش ضخم يحتوي على اسم الملك "رمسيس الثاني" ، ويضم جانب المدخل على اليسار نقشا يضم ألقاب الملك، ثم أجزاء المعبد المعمارية وصولا إلى قدس الأقداس؛ حيث يوجد تمثال الملك رمسيس الثاني بين تماثيل آلهة مصر الكبرى في تلك الفترة المهمة من تاريخ مصر الفرعونية حين تم تقديس نجم الأرض الفرعون رمسيس الثاني في حياته باعتباره إلها فى منطقة النوبة.

 

وفي بداية نوفمبرعام 1963، عملت فرق من خبراء المياه والهندسة والآثار، وفرق أخرى معاونة، ضمن خطة وضعتها منظمة اليونيسكو امتدت لأعوام، وجرى بموجبها تفكيك معبدي أبو سمبل، الكبير والصغير، وتقطيع آثاره لكتل محددة، وترقيمها ونقلها بعناية، ثم إعادتها إلى سابق عهدها، مستندة إلى واجهة صخرية أُعدت خصيصا لذلك.

 

ومن المدهش أن القائمين على العمل أعادوا حساب القياسات الدقيقة المطلوبة لكي تتعامد الشمس مجددا مرتين في العام على وجه تمثال رمسيس الثاني، وتمثالين آخرين عبر فتحة ضيقة داخل المعبد الكبير، في الثاني والعشرين من فبراير، والثاني والعشرين من أكتوبر تزامنا مع اعتلاء الفرعون للعرش وعيد ميلاده تباعا، وانتهى المشروع في سبتمبر 1968 باحتفال بهيج.

 

 

وبعد خمسين عاما من الانتهاء من مشروع أبو سمبل، تظل آثاره علامة بارزة على خارطة السياحة العالمية، رغم كونها في بقعة نائية.

 

بحيرة ناصر

 

يطل معبد أبو سمبل الكبيرعلى بحيرة ناصر في منظر جمالي رائع قلما أن يتكرر فى مكان أثرى آخر حيث تتزاوج زرقة السماء الصافية بزرقة المياه الرائقة ورمال صحراء مصر الصفراء النقية بصخور المعبد الداكنة وخضرة الأشجار والنباتات الموجودة فى المنطقة بسمرة أبناء مصر المميزة.

 

وتشتهر بحيرة ناصر بالصيد الممتاز لأسماك المياه العذبة، وبتكاثر التماسيح بها، لكن يظل المعلم الأبرز في وادي النوبة هو بلا شك معبد أبو سمبل نفسه، الذي ما زال قائما بعد ثلاثة آلاف عام على إنشائه، مدللا على الإرث المشترك للبشر، وكيف أمكن لصرح شيده الإنسان أن يدعم جهود الحفاظ على الآثار في بقية العالم.

 

 

ولولا الجهود التي بذلها الخبراء في القرن الماضي، لربما احتجب ضوء الشمس عن معبد أبو سمبل، ولم يجد المستكشفون - حسبما تقول روسلر - طريقا إليه إلا "غوصا في أعماق الماء، أو بالنظر إليه من خلال أرضية قارب زجاجي، خوفا من أسنان التماسيح !"

 

والجدير بالذكر أن معبد أبو سمبل الكبير من روائع فن العمارة فى مصر القديمة، وتتصدر تماثيل الملك رمسيس الثانى الأربعة الجالسة واجهة المعبد التى تشبه الصرح ويبلغ كل تمثال من هذه التماثيل حوالى 22 مترا، ويحيط بهذه التماثيل تماثيل أصغر واقفة تجسد أم الملك وزوجة الملك، وتماثيل أكثر صغرا تصور أبناء وبنات الملك الممثلين واقفين بين قدمى الفرعون.

 

 

وحدث زلزال في العصور القديمة أثر على التمثالين المحيطين بالمدخل إلى المعبد مما أدى إلى تساقط الجزء العلوى من التمثال الجنوبى، بينما عانى التمثال الشمالى منهما بشكل أقل ضررا من التمثال السابق وتم ترميمه فى عهد أحد خلفاء الملك رمسيس الثانى، وهو الملك سيتى الثانى فى نهايات عصر الأسرة التاسعة عشرة.

 

 

ويضم معبد أبو سمبل آثارا بُنيت على مدار عشرين عاما في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، ويعد بشكل عام من بين أبرز الأبنية التي لا تزال قائمة إلى يومنا هذا، ويضم المعبد الكبير إلى جواره معبدا أصغر، بُني تكريما لنفرتاري مليكة الفرعون رمسيس الثاني.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة