رحلة للسلام.. عيد «إسياحت» بصمة أهل سيوة في إنهاء الخلافات
رحلة للسلام.. عيد «إسياحت» بصمة أهل سيوة في إنهاء الخلافات


حكايات| رحلة للسلام.. عيد «إسياحت» بصمة أهل سيوة في إنهاء الخلافات

مدحت نصار- محمد الحسيني- أحمد الطحاوي

الخميس، 22 أكتوبر 2020 - 06:30 م

على بعد عدة كيلو مترات من القاهرة وبالتحديد في سيوة، يحتفل أهالي الواحة ذو الوجوه البشوشة والملامح الطيبة والعيون الثاقبة باحتفالٍ مميزٍ يُسمى «إسياحت» الذي يُعد من ضمن العادات والتقاليد الثابتة لديهم. 

 

بين الصخور والهدوء والجو الساحر يتسارع الجميع في المشاركة في هذا الاحتفال باعتباره تجمع وسياحة «حبًا في الله»؛ بل قانون يفرضه شيوخ قبائل الواحة.

 

خلال الليال القمرية من شهر أكتوبر سنويًا، تشتهر واحة سيوة باحتفالها الذي خلد للبشرية على مدار 160 عامًا، بعيد السياحة ويطلق عليه باللغة الأمازيغية «إسياحت» ويقصد بها السياحة في حب الله، والمصالحة والمسامحة بين أهالي واحة سيوة، ويطلق عليها أيضاً أعياد الحصاد، لأنها تأتى عقب الانتهاء من حصاد محصولي التمر والزيتون. 

 

اقرأ حكاية أخرى| مولد النبي «المصري».. احتفال قبطي و300 ريال فرنسي «نقوط نابليون»

 

منذ الساعات الأولى للصباح حتى المساء تتواصل الاحتفالات ويبدأ أهالي واحة سيوة في اعتلاء جبل الدكرور، بمشاركة السائحين من الجنسيات المختلفة بـ«إسياحت»، إذ يتوافد الجميع على الواحة، خلال هذه الفترة، لمعايشة طقوس الاحتفالات الفريدة والخاصة بأهلها.

 

 

مراسم الاحتفالات تتلخص في إعداد الطعام في العراء ونحر الذبائح وتجهيز الساحات وأماكن الإقامة بين الحطب والنار، وفي خلفية المشهد مؤثرات صوتية تردد الأذكار والتواشيح الدينية باللغتين العربية والأمازيغية، بينما يتجمع كبار السن في حلقات للذكر ومدح الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام لإضفاء لمسات من السلام الداخلي على النفوس في هذا اليوم.


يعتبر أهالي سيوة هذا اليوم بمثابة مؤتمر عام للسلام في الواحة، ويطلقون عليه "يوم المصالحة" أجواء هادئة تحتضنها الواحة بفضل قبائلها وشيوخها وشبابها. 

 

اقرأ حكاية أخرى| «دفن الأحياء» في سيوة.. تفاصيل 3 أيام داخل الرمال الساخنة 

 

على مدار ثلاثة أيام متواصلة، يترك جميع رجال سيوة منازلهم وأعمالهم للصعود إلى جبل الدكرور؛ حيث مدينة «شالي» أو سيوة القديمة، والإقامة في البيوت القديمة أو داخل الخيام طوال الاحتفال وتصفى الخلافات ويتصالح المتخاصمون وإنهاء أية خلافات مهما عظمت أو صغرت بين أهل الواحة.

 

 

وينشدون ليلاً تحت ضوء القمر والأشعار التي تتحدث الرسول الكريم، ويحرص الأطفال والشباب والرجال على المشاركة، كما تقوم الفتيات بالتواجد بمنطقة الاحتفالات منذ الصباح حتى بعد العصر ثم يغادرن ساحة الاحتفال، أما النساء نظرًا لطبيعة الأعراف بسيوة فإنهم لا يتواجدن بساحة الاحتفالات.

 

قبل 160 عامًا، تجمعت قبائل سيوة الغربيين من ذوي الأصول العربية المقيمين في السهل مع قبائل الشرقيين ذوي الأصول الأمازيغية الذين سكنوا جبل الدكرور، لحل الخلافات التي اندلعت بسببها معارك وحروب بينها، رغم أنهم جميعًا يتحدثون لغة تجمع بين العربية والأمازيغية.

 

اقرأ حكاية أخرى| شبيه النبي محمد.. رحلة نقل رأس الحسين «عائمة» لمصر

 

ولكن زادت حدة الخلافات في الآونة الأخيرة بعدما  نزل الشرقيين من جبل دكرور، وتمت المصالحة بينهما على يد الشيخ محمد حسن المدني الظافر مؤسس الطريقة المدنية الشاذلية في سيوة.

 

 

وحرص الظافر على احتواء الجميع داخل الواحة على رأسهما الشرقيين والغربيين لوضع معاهدات سلام وتجديد المصالحة سنويا، دون تفرقة بين صغير أو كبير رافعين شعار " كلنا سواسية في حب الله وترديد الذكر".

 

ومن هنا جاء مسمى عيد السياحة؛ إذ يجلس الجميع على الأرض يتناولون الطعام معا والمصالحة وحل المشاكل، ولا بزال هذا النظام بكل تفاصيله متواصلا حتى وقتنا الحاضر.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة