الكاتب الصحفي جمال الشناوي
الكاتب الصحفي جمال الشناوي


جمال الشناوي يكتب: للحكومــة والشعــب 

جمال الشناوي

الخميس، 22 أكتوبر 2020 - 11:19 م

يرى الفلاسفة وخبراء الإدارة، أن عقل الإنسان هو فقط من يقوده إلى الشر ويغريه بالهرولة إليه، ولا يتوقف الشخص إلا عند حدود النظام العام العادل وسقف القانون الصارم، فلا يجب أن نحتفل بانتصار غير تام .. ولا ينبغي أن نترك الأمر لمن ينشرون اليأس أو التشاؤم، فالأمل وحده يحقق النصر والفوز.

لا أعرف سببا للمراهنة على وعي عوام الناس، حتى لو صدقوا مرة أو مرات، فكما قال باني الدولة الأعظم في العالم، وقائدها المنتصر في الحرب العالمية الثانية دوايت أيزنهاور .. "الأفكار التي كانت رائعة في وقت ما، لا تكون جيدة دائما".
تجارب الرهان على وعي الناس كانت جيده في أوقات كثيرة، ولكنها قد لا تصنع النجاح المطلوب دائما، تجارب العالم الذي سبقنا جميعها، تؤكد أن وعي المجتمعات يصنعه القانون العادل الذي لا يميز بين الناس، حسب النوع أو الجنس أو المركز .
مازلت أذكر طوابير البسطاء أمام المقار الانتخابية فيما أطلق عليه السلفيون غزوة الصناديق، وهو استفتاء تعديل الدستور .. وساد خطاب الظلاميون بين الناس، ولم يكن هناك ربما من يملك وعيا كافيا سوى ثلث الشعب، زاد بعدها حتى تم طرد الإخوان ولكن يستحيل أن نترك مصائر الأمم فى رهان قد يخسر أو يحقق الفوز.
القانون الأعمى الذي لا يميز بين الناس هو طريق بناء مصر .. خاصة في زمن الجائحة أو الوباء الذي ينتشر بين الأمم المتقدم منها يضرخ قبل المتخلف.
ربما لا يعي كثيرون الآن أن بلادنا تعيش أجواء الحرب، ولا نملك رفاهية تضمن لنا النجاة سوى احترام النظام العام، وحقيقة أراها فرصة ذهبية لفرض القانون، لإصلاح تشوهات اجتماعية وأخلاقية نبتت في بلادنا منذ تطبيق سياسة الانفتاح وما صاحبها من ذيوع الفهلوة وانتشار الواسطة، التي تمنح من لايستحق كل الفرص .. وتستبعد الموهوب فقط لأنه عجز عن الوصول لمن يمنحه كارت توصية يفتح لها الأبواب وينقله إلى حيث لايستحق، مغتصبا مكانا ليس الأجدر به .. وتراكمت  السنوات حتى تبدلت كثير من الثوابت الإنسانية وحتى الدينية .. فقد تجد رجل الدين يكون حريصا على توظيف بناته وأولاده في شركات البترول حيث الراتب الكبير، ربما دون عمل حقيقي.. ويراه الرجل حلال، ويستطيع أن يجد لك مما دس على الأحاديث النبوية الشريفه ما يبرر له فعلته.

من رحم الأزمة نستطيع تحقيق النصر، ولكن علينا ألا نحتفل بفوز يلوح من بعيد إلا بعد تمامه .. ولنا أن نتعلم من تجربة المسلمين في غزوه أُحد ..عندما بدأ النصر على مرمى البصر، فتفرغوا لجمع الغنائم، وفشلوا في صد الهجوم المضاد.

في الحرب على كورونا، جاء الأداء نموذجا مثاليا في مواجهة أزمة كورونا، وقاد الرئيس الدولة وأجهزته يتابعون كل صغيرة وكبيرة، بل هناك أفكار استباقية يجري تطبيقها على الأرض، ولأول مرة منذ قرابة نصف قرن .. تجد الشعب هادئا واثقا أن الحكومة ستنقذه في الوقت المناسب .. نعم هذا واجبها، ولكن من المستحيل أن ننتصر على الفيروس مع هذا الكم من التراخي أو الإهمال وعدم الالتزام بقواعد الصحة والسلامة الشخصية.

من أبرز مكاسب هذه الأزمة هو تعاظم الثقة في أجهزة الدولة وخاصة الشرطية، التي تطبق حظرا للتنقل يكاد يكون نموذجا للتلاحم والتراضى على شراكة بين الشعب ومؤسساته وشرطته على التوحد .. وهي ميزة يجب البناء عليها.. لمرحلة ما بعد كورونا، ويتم تدعيم هذا التعاون الجيد الذي صاحب هذه المعركة التي نأمل بنصر في ختامها.

تلك الثقة وهذا التعاون، يكون كافيا في زمن ما بعد الأزمة لفرض القانون وإلزام الجميع به، والقضاء على الظواهر والسلوكيات السلبية التي نخرت عظام المجتمع لعقود.. وأرى أن وزارة الداخلية قادرة على تجديد الخطط وابتكار اساليب جديدة وحاسمه لتطبيق قواعد القانون ونصوصه.

خلت شوارعنا فى أيام كورونا الأولى من الباعة الجائلين.. وطبعا من الصعب القضاء عليهم لكن من السهل استغلال فترات التوقف لنقل هذه الأسواق إلى أماكن جديدة لتكون مواكبة لما قامت به الدولة من بناء وتطوير شامل، يصر الرئيس على استكماله رغم الصعوبات الاقتصادية التي سببها الفيروس القادم لنا من موطنه الأصلي على مسافة آلاف الأميال .. الرئيس يصر على توفير مساكن لائقة لأهلنا في العشوائيات والمقابر التي ظلت قضية يتاجر بها الساسة لعقود .. واستخدمها العدو كثيرا لبث اليأس والإحباط بين الناس .

نعم مصر قطعت شوطا كبيرا في القضاء على العشوائيات خاصة الخطرة منها.. وأنفقت الدولة المليارات من أجل حياة كريمة لهؤلاء البسطاء الذين سكنوا عششا من  الجهل والفقر والمرض .. في ظل  ترهل وتيبس للدولة في عقود سابقة.

أتمنى من الحكومة أن تسمع من وزير الداخلية احتياجاته لزمن ما بعد كورونا، حتى يصحو الشعب من كابوس الفيروس، ليجد مصر جديدة، يحلم بها الرئيس ويتمناها كل مصري مخلص لبلاده .. وأن يترافق ذلك مع تحركات من وزير التنمية المحلية، لإلزام المحافظين وفرق العمل التابعة لهم على وضع خطط تنقل المدن والقرى إلى المستقبل، والحقيقة أن الأرض ممهدة لذلك، بعدما تابعنا في الموجة الأولى بفخر حركة الشباب الذاتية في أربعة آلاف قرية في مصر لصد هجوم الفيروس.. تحرك آلاف الشباب بمبادرات ذاتية، لتطهير شوارع القرى وتوعية الناس، إضافة إلى جمع التبرعات لمساعده من فقد عمله نتيجة توقف بعضهم عن العمل .. وهي فرصة ذهبية للمحافظين ووزارة التنمية المحلية لدعم جيل جديد لديه من المسئولية الأخلاقية والوطنية ما يكفي لسد فراغات تنموية وسياسية كثيرة، خلفتها سنوات الفوضى ما بعد يناير، نعم هناك فرصة .. ولا أعرف كيف اقدمت وزارة الشباب على اغلاق مراكز الشباب أثناء الموجة الأولى لهجمات الفيروس، بدلا من أن تحولها لنقاط حصينة لصد هجوم الفيروس وحتى الأندية الاجتماعية.. يتوجب فتح المجال لها للعمل فى التوعية فى محيطها الجغرافى داخل المدن.

العمل للمستقبل والتفكير المستقبلى وقطع الطرق على صناعة اليأس والتشاؤم.. يجب أن يكون دستور حكومتنا التى باتت اقرب إلى قلب الشعب وهو يراها تتحرك لتسبق الأزمات.. ولعل النموذج المبشر الذي أسعدني كثيرا فى بداية الموجة الأولى.. هو ما أقدمت عليه كلية الطب بجامعة حلوان عندما شكلت فرق عمل من طلابها وتم تدريبهم على اعمال المكافحة الطبية.. السعادة في أعين أطباء المستقبل وهم يتحدثون عن ادوراهم في مستشفيات المواجهة كانت تحمل تصميم يبعث على الأمل.. ويحتم علينا عدم التهاون في استغلال هذه الأزمة لنخرج منها وقد "تورط" الجميع فى معركة بناء مصر القوية الجديدة ..التى باتت ملامحها باديه على مرى البصر.

                                  * * * *
أرى أن الشباب عاد إليه الأمل، بل تضاعف خلال هذه الأزمة وأداء الدولة المصرية التي تقاتل للحفاظ على حياة وكرامة كل مصري في الداخل أو الخارج .. مشهد الشباب وهم يلتقطون الصور رافعين جواز سفرهم المصري فخورين ببلادهم .. لا يجب أن تكون موضع تباهي وحسب، لكن علينا أن نبني عليها قواعد المستقبل، وندفع بهم إلى تحمل مسئولية القضايا العامة.. والمشاكل المجتمعية، فطاقات الشباب وحدها تستطيع اختصار زمن بناء الدولة القوية التي نحلم بها منذ سقوط الحلم مع نكسة 67 .

جيل واعد يمتلك من العلوم ما يجعلنا في مقدمة الأمم .. فمنذ اليوم الأول للموجة الأولى طالبت بتكليف طلاب كليات الهندسة وأساتذتهم بالعمل على تطوير معدات ضرورية فى صد هجوم الفيروس ..وشاهدت نموذج لغرفه تعقيم صنعها طالب فى جامعه زويل ، وفى اليوم التالى كنت فخورا بشباب ذات الجامعة وهم يقدمون 3 نماذج من اجهزة التنفس الصناعى ، التى تستخدم الدول الكبرى عمليات القرصنه للإستيلاء عليها.

وأبات احلم بإنتاج اول جهاز مصري خالص قريبا بإذن الله وإرادة رجل لا ينام كما هو باديا من أداء إدارته للأزمة

وتبقى كلمة أخيرة لذلك السياسي الذي عاد ليطل علينا برسالة التعالي والإملاء في التوقيت الخاطئ، وباللغة القديمة البالية.. وكان الأجدر به الانضمام إلى صفوف جيوش المواجهة ولو بكلمة دعم في أوقات الخطر .. كما عودنا على إطلالة كئيبة رخيصة مستغلا أوقات الأزمة لكسب لن يناله.
وكما بدأت اختم ..بمقولة أيزنهاور الذي قال في خطاب عام للشعب الأمريكى .."هناك من يستخدم كلمات أكثر من اللازم لقول أكثر مما يعرف".
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة