د. أحمد الطيب
د. أحمد الطيب


مولد خاتم الأنبياء

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 26 أكتوبر 2020 - 09:15 ص

د. أحمد الطيب

رغم مرور ألف وأربعمائة وتسعة وأربعين عامًا، على مولد خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، لا تزال الإنسانية حتى هذه اللحظة، ترنو نحو هذا الإشراق الإلهى الذى انبعث شعاعه حول البيت الحرام فى مكَّة المكرَّمة، كلما تعثَّرت خطاها وادْلَـهمّ ليلها، وتاه دليلها فى ظُلُمات المادَّة ودنس الشهوات، وسعار التسلط، وغطرسة القوَّة.

وما كان لرسالة هذا النبى الكريم أن تكون ملهمة الحضارات على اختلاف توجهاتها لولا هذا البُعد الفوقى العجيب الذى تميَّزت به، وأعنى به بُعدَ «الآداب الإنسانيَّة العالية»، العابرة لحدود الزمان والمكان والأفراد والجماعات، وهو بُعدٌ اعترف به، وعجب له كثيرون، حتى من مؤرخى الغرب المنصفين، ممن رزقوا حظًّا من استقامة الشعور، ويقظة الضمير فى فهم معانى القرآن الكريم، وبلاغة السُّنَّة المشرفة، ووضعوا أيديهم على مبدأ «الإخوة الإنسانية الجامعة»، المتغلغل فى أطواء هذه الرسالة الخالدة: عقيدةً وشريعةً وأخلاقًا.. حتى قال قائلهم: «إنَّ محمدًا صلى الله عليه وسلم نبيَّ العرب لهو من أكبر محبِّى الخير للإنسانيَّة، وإن ظهوره للعالمِ أجمَع لهو أثرُ إرادةٍ عُليا، ولِقارة آسيا أن تفتخر بهذا الرجل العظيم» .. وحتى قالت الموسوعة البريطانية:  «إن محمدًا اجتهد فى سبيل الإنسانية جمعاء» وما أجمل ما قاله محمد هذا المعلم العظيم: «الخلق كلهم عيالُ الله، وتحت كنفه، فأحبُّ الخلق إلى الله مَنْ أحسنَ إلى عياله».

ولا يحتاج المتابع لسيرته العطرة إلى كبير عناء ليكتتف هذه الواشجة، وهذه الرحِمَ المشتبكة فى فلسفة هذا الدِّين، بين خلق الله جميعًا: مؤمنهم وكافرهم، صالحهم وطالحهم، وها هى مراجع السُّنَّة تروى لنا أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يقول عقب كل صلاة:
«اللهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَىْءٍ، أَنَا شَهِيدٌ أَنَّكَ الرَّبُّ، وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ»
«اللهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَىْءٍ، أَنَا شَهِيدٌ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ»
«اللهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَىْءٍ، أَنَا شَهِيدٌ أَنَّ الْعِبَادَ كُلَّهُمُ إخْوَةٌ».

وإذن فهى شهادات ثلاث: شهادة بالألوهية، وبالنبوة، وبالأُخوَّة الإنسانيَّة، وهى ذاتها شهادة على أن الإسلام إذا كان هو دينُ التوحيد الخالص فهو بالقَدْرِ نفسه دينُ الإنسانية كلها ودينُ المساواة بين الناس، ثم هو دينُ عصمة الدِّماء والأموال والأعراض.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة