عبلة الروينى
عبلة الروينى


نهار

الضوء الطليق

عبلة الرويني

الإثنين، 26 أكتوبر 2020 - 07:50 م

عندما أصدر عماد أبو صالح ديوانه (الشاعر مهندس العالم) ٢٠٠٢، أوضح حضور أمل دنقل فى الديوان، بأنه (الوحيد هنا الذى أسمح لروحه أن تحضر فى كتابي).. وقبل يومين عندما حصل عماد أبو صالح على (جائزة سركون بولص) عن مجمل أعماله الشعرية.. أهدى جائزته إلى الشاعر أمل دنقل (حصان مصر الجامح فى ساحة الشعر العربى الحديث).. وبرغم اختلاف عالم الشاعرين، واختلاف قصيدتيهما، لكنهما يلتقيان فى سعيهما الدائم نحو الحرية.. ولعل عماد أبو صالح أحد الذين رسم أمل دنقل صورهم على جدارية قصيدته (آه ما أقسى الجدار.. ربما ننفق كل العمر كى ننقب ثغرة.. ليمر النور للأجيال مرة.. ربما لو لم يكن هذا الجدار.. ما عرفنا قيمة الضوء الطليق)...
حيثيات جائزة سركون بولص التى منحت هذا العام لعماد أبو صالح نصت على (أن قصيدته الحرة أخذت إيقاعها الخاص.. لغة وموسيقى وبساطة، كتعبير عن ذائقة جديدة.. ذائقة معبرة عن دقائق الحياة اليومية، مترفعة عن السائد فى لغة الشعر اليومي).. وعماد أبو صالح شاعر حر بالفعل.. الأدق إنسان حر تماما.. تخلص مبكرا من كل الأثقال، واختار أن يسكن صفاءه وعزلته، بما يسمح له بكتابة قصيدة أكثر بساطة وحرية... لا يقيم الشعارات داخل القصيدة.. لا يهتف فى التظاهرات، وينام حين تقوم الثورة.. لا يكتب عن الحق ولا العدل ولا الحرية.. لكن قصيدته عادلة وحرة..
تناقضات وتعارضات متشابكة تصوغ عالم أبو صالح الشعري.. هو المتباعد، المتعفف، المستغني، المنعزل، المتعالى.. لكن قصيدته هى الأكثر حضورا وتأثيرا.. وهو المعقد جدا، المركب جدا، يدهشنا ببساطته.. وهو القاسى المسكون بالحب.. والشرير الممتلئ بالجمال.. فى كثير من القصائد يسخر من صورة أمه أو صورة أبيه، يقسو أحيانا.. لكن جلباب أمه المتسخ بالعرق والتراب، يمسك به باكيا، وهى تخرج غاضبة من البيت.. هو أعمق صورة للحب.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة