انتظروا خريطة «الديناصورات» فى مصر
انتظروا خريطة «الديناصورات» فى مصر


الدكتور محمد سامح مدير إدارة الجيولوجيا والحفريات بوزارة البيئة: انتظروا خريطة «الديناصورات» فى مصر

بوابة أخبار اليوم

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2020 - 12:30 م

 

ندى البدوى

أكد الدكتور محمد سامح مدير إدارة الجيولوجيا والحفريات بقطاع حماية الطبيعة ومدير محميات المنطقة المركزية بوزارة البيئة، أن الوزارة تعمل على تنفيذ خطة لتحديث مواقع التراث الطبيعى وتطوير خطط الإدارة البيئية لها، وأوضح فى حواره لـ"آخرساعة" أن مصر تُنافس العالم من خلال مواقع المكاشف الجيولوجية والحفريات التى تُمثل حلقة هامة فى فهم تطور الحياة على الأرض وتأثرها بتغير المناخ، والتى تُعد قيمة مُضافة لتعظيم مجالات السياحة البيئية لدينا. مشيرًا إلى أن المتحف المفتوح المُعد بمنطقة جبل قطرانى بمحافظة الفيوم يحوى حفريات وتكوينات جيولوجية فريدة، ولا يوجد له مثيل عالميًا، حيث يعتبر أطول مسار طبيعى يأخذ الزائر فى رحلة عبر الأزمان الجيولوجية التى طرأت على الكوكب.

 

> حدثنا عن طبيعة قطاع الجيولوجيا والحفريات؟
ـ يستهدف القطاع تنمية المحميات ذات البعد الجيولوجى التى تضم تكوينات جيولوجية وحفريات لكائنات حية تعود إلى ملايين السنين، وذلك عن طريق تطوير خطط الإدارة البيئية بما يضمن استدامة الموارد الطبيعية بها. فمصر لديها تراث طبيعى هائل تزخر به المحميات الطبيعية، فبخلاف الثراء الكبير للتنوع البيولوجى فى البيئة البحرية لدينا، يأتى هذا القطاع من المحميات على رأس المواقع التى يمكن أن نُنافس بها عالميًا، حيث نجرى حاليًا تحديثًا للمعلومات المتعلقة بملفات مواقع التراث الطبيعى لدينا، بتحديد المواقع التى لها تنافسية عالمية تمهيدًا لتقديمها لقائمة التراث الطبيعى العالمى التابعة لمنظمة اليونسكو.


> ما معايير منظمة اليونسكو لاختيار مواقع التراث الطبيعى العالمى؟
ـ هناك لجنة من أهم الخبراء على مستوى العالم معنية بتقييم واختيار المواقع المُتقدمة، منهم خبراء الاتحاد الدولى لصون الطبيعة.وهناك 10 معايير وضعتها اليونسكو لاختيار مواقع التراث العالمى، منها ما يختص بتقييم مواقع التراث الثقافى، وتُحدد المعايير الأخرى اختيار مواقع التراث الطبيعى، بأن يكون للموقع المُتقدم جمال منقطع النظير، والمعيار الآخر يختص بالتنوع البيولوجى للموقع، ما يعنى وجود كائنات حية مهددة بالانقراض تعتمد عليها كائنات أخرى، التنافسية لدينا أقل فى هذا البند مقارنة بمناطق أخرى فى جنوب شرق آسيا والبيئات الاستوائية والمحميات الواقعة فى غابات الأمازون، التى تحوى تنوعًا هائلاً من الكائنات الحية.

كما تحوى القائمة المواقع المتعلقة بالبيئات الطبيعية النادرة التى تعيش فيها كائنات بعينها لا يمكن وجودها فى بيئات أخرى، أما المعيار الذى ننافس فيه بقوة هو المعنى بالمواقع التى تُعد أيقونة لتغير الحياة على الأرض، أى أنها تمثل قيمة فى اكتشاف تكوين الأرض، وفى الغالب يكون له علاقة بالجيولوجيا والحفريات.


> ما أهم مواقع المكاشف الجيولوجية والحفريات لدينا؟
ـ لدينا العديد من المواقع الثرية. أود أن أوضح أولاً أن تميز مصر فى ذلك يرجع لطبيعتها الجغرافية التى تغطى الصحراء 95% من مساحتها، ما يعنى وجود مكاشف لجميع العصور الجيولوجية التى تُمثل عمر الأرض، خاصة أن مصر بعيدة عن البراكين وحزام الزلازل، ما يجعلها مُحتفظة بطبقاتها الأرضية وما تحويها من حفريات. منها محمية الدبابية فى محافظة الأقصر، التى تحوى آثارًا جيولوجية عيارية تعود للزمن المفقود قبل 65 مليون عام، وهو ما لم يتم اكتشافه على مستوى العالم، فكونه موقعًا فريدًا يرشحه بقوة لقوائم التراث الطبيعى العالمى، لذا نعد حاليًا خطة لإدارة المحمية وإجراء الكشوف بها. ومنطقة المغرة الواقعة جنوب مدينة العلمين بمحافظة مطروح، فرغم أنها لم تعلن كمحمية طبيعية بعد لكنها من المناطق المهمة، التى تعود إلى العصر الميوسين بحفرياته النادرة. غير المحميات الطبيعية بمحافظة الفيوم ومناطق التراث الطبيعى التى تتخللها، ونحن ننفذ حاليًا خطة لتنمية منطقة جبل قطرانى بالمحافظة التى تمثل نموذجًا لبداية الحياة، من خلال الحفريات والتكوينات الجيولوجية التى يضمها الموقع. حيث يحوى الموقع حفريات لنصف الكائنات الحية التى تم اكتشافها على وجه الأرض، فعلى مستوى العالم تم اكتشاف 28 رتبة من الكائنات، 14 رتبة منها جرى رصدها واكتشافها فى جبل قطرانى. لذا يعد هذا الملف من أقوى الملفات التى نسعى لتقديمها لليونسكو، وتكمن عناصر قوته فى عدد الكائنات الحية الموجودة به التى تم اكتشاف حفرياتها، فضلاً عن سنوات البحث والدراسة التى خضع لها الموقع على مدار قرن من الزمن، من قِبل البعثات الأجنبية التى كانت تتوافد عليه خلال القرن الماضى، قبل أن تبدأ مؤخرًا الكوادر المصرية بالعمل فيه.


> وهل هناك خطة لتنمية منطقة جبل قطراني؟
ـ هذا الموقع لم يكن مُستغلاً سياحيًا بالشكل الكافى، لذا وضعنا خطة للإدارة البيئية للمنطقة وأعددنا متحفًا مفتوحًا بطول 28 كيلومترًا، لوضعه على خريطة السياحة البيئية بدعم من مشروع البرنامج البيئى للتعاون المصرى الإيطالي، كما انتهينا من أعمال البنية التحتية الأساسية لإدارة الموقع بشكل مستدام، والتى تشمل بوابات التأمين والمبانى الإدارية الخاصة بكوادر المحمية، بخلاف دورات المياه ومناطق تقديم الخدمات للسائحين، فحسب خطة الإدارة التى وضعناها سيُتاح للزوار أشكال مُتعددة من السياحة البيئية، نعمل على تنفيذ مخطط لإقامة مناطق للتخييم حددنا مواقعها بالفعل، ومناطق خصصناها للسكان المحليين لعرض منتجاتهم اليدوية التى تمتاز بها المحافظة وتقديم المأكولات التقليدية للزوار، كما استعنا بالعديد من السكان المحليين للعمل معنا كراصدين بيئيين، خضعوا لتدريب مكثف للتعامل مع الموارد الطبيعية بجبل قطرانى وحمايتها وإرشاد الزوار ومرافقتهم. وأؤكد أن خطط الإدارة تعتمد أيضًا على شركائنا من الجهات الأخرى المعنية، مثل المحافظات ووزارة السياحة، هناك بعدٌ تنموى أيضًا فى عملنا، حيث إن خطتنا تتماشى مع خطة التنمية التى تنتهجها الدولة، لذا نعمل على تنمية مواقع التراث الطبيعى والمحميات الواقعة بالمناطق الأكثر فقرًا واحتياجًا.


> ماذا يقدم المتحف المفتوح بجبل قطرانى للزوار؟
ـ هذا المتحف فريد من نوعه على مستوى العالم، ويُعد أطول مسار طبيعى يأخذ الزائر فى رحلة عبر الأزمان الجيولوجية التى طرأت على الكوكب، والتى ترصد تغير المناخ وتأثيره على الأرض والكائنات الحية، مدعمة بعيّنات ونماذج لحفريات بعض هذه الكائنات التى استخرجناها من الموقع، حيث يستطيع تخيّل شكل الحياة خلال تلك العصور، التى تنقسم إلى ثلاثة عصور جيولوجية تبدأ من العصر الأيوسينى الذى بدأ قبل 40 مليون عام يليه عصر الإليجوسين وصولاً إلى العصر الحديث. كما تدل نوعية الحفريات على طبيعة البيئة التى كانت سائدة آنذاك، فمن بيئة الغابات لدينا 1126 شجرة مُتحجرة فى الموقع، غير الحفريات التى تُشكل أجزاء من الأفيال والنمور والتماسيح والطيور التى عاشت فى ذلك العصر. هناك أيضًا حفريات فريدة أخرى تضمنها العرض المفتوح، منها عينات للقرد المصرى «الإيجيبتوبسكس» الذى يمثل جزءا من تطور وجود الإنسان على الأرض، والاكتشافات الحديثة منها حوت «المصريسيتس». ويعتمد على العرض المفتوح للكائنات بتدرج وجودها فى المنطقة تاريخيًا، فكرتنا أن يكون الموقع بمثابة كتاب مفتوح يتمكن الزائر من قراءة حتى الصخور، وفهم دلالات التركيبات الجيولوجية وألوانها وإلى أى العصور تعود.


> كيف يُمكن للزائر غير المُتخصص قراءة هذه التكوينات الجيولوجية وفهم دلالاتها؟
ـ يمكن ذلك بمساعدة اللافتات الإرشادية التى وضعناها واللوحات التى تقدم معلومات عن هذه العصور وبمساعدة المُرشدين والباحثين البيئيين فى الموقع، وهذا تحديدًا ما نهدف إليه، أن نُتيح هذه المعرفة بصورة مبسطة للغاية وممتعة للزائرين والسياح من غير المُتخصصين، لإطلاعهم على قيمة الموقع والتراث الطبيعى الذى يحويه، وتكمن متعة الزائر فى معرفة الزمن الذى يقف فيه.
> كيف يتم اكتشاف واستخراج الحفريات الطبيعية؟
ـ عملية الكشف والاستخراج والترميم مُكلفة وشاقة وتتطلب وقتًا ومجهودًا كبيرًا، ونستخدم فيها تقريبًا المواد التى تستخدم فى ترميم الآثار، منها مواد كيماوية معينة للصق والتقوية، نجرى عليها معالجات معينة لتتحمّل عوامل التعرية من الرياح والأمطار. جميع الكشوف التى عملنا عليها تمت على أيدى كوادر مصرية تم تدريبها من خلال مدرسة الحفريات الفقارية. نعمل حاليًا على اكتشاف الحيتان البرمائية، ونخطط لإعداد خريطة للديناصورات فى مصر، خاصة تلك التى تنتمى إلى أواخر العصر الطباشيرى قبل 30 مليون سنة، مازال هناك نقص فى المعلومات عالميًا عن هذا العصر وما حدث للديناصورات لتنقرض.


> كيف تحدث عملية التحفّر للكائنات الحية؟
ـ عملية التحفّر لأى كائن حى تخضع لعوامل عديدة وتمر بمراحل مختلفة على مدار الزمن، بأن يكون للكائن بالأساس هيكل صلب، أى لا يكون من الرخويات أو الكائنات الغضروفية، وحتى يتم التحفّر يجب أن يُدفن بصورة سريعة بعد موته، لتحدث عملية الإحلال المعدنى بخروج النخاع من العِظام وإحلاله بمادة السيليكا الموجودة فى الصخور، بحيث يتحوّل على مدار السنين إلى مايُشبه الهيكل الصخري، هذه الظروف كثيرًا ما تحدث فى قاع البحار بسبب الرواسب، لذا نجد أن أغلب الكائنات التى تخضع للتحفّر تنتمى إلى البيئة البحرية. هناك أيضًا حالات استثنائية ونادرة للتحفر تحدث فى بيئات أخرى، كأن يتجمّد الكائن الحى ويبقى على هيئته مثل الحفريات التى تُكتشف فى سيبيريا والبيئات الجليدية.


> حدثنا عن مدرسة الحفريات الفقارية.
ـ تأسيسها كان حلمًا قديمًا، بأن يكون لدينا كوادر متخصصة ومُدربة من المصريين فى مجال استخراج ودراسة الحفريات الفقارية، لثراء البيئة المصرية بهذا التراث الطبيعي، فخلال سنواتٍ طويلة لم يكن هناك غير بعثات أجنبية تعمل فى هذا المجال بمصر.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة