مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام
مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام


مفتي الجمهورية: إحياء نظام الوقف الإسلامي والتجديد في مجالاته «ضرورة»

إسراء كارم

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2020 - 03:54 م

قال مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام، إن اهتمام المسلم بالعمل الخيري أدى إلى كثرة الأوقاف، ورغبته في تحصيل الأجر من الله تعالى، وشعوره بهموم إخوته في الإنسانية، وحرصه على تخفيف المعاناة عنهم.


جاء ذلك في كلمته التي شارك بها في فعاليات الملتقى الدولي حول القضايا الفقهية المعاصرة في الاقتصاد والتمويل الإسلامي خلال الدورة السابعة لمهرجان إندونيسيا للاقتصاد الإسلامي الذي بدأت أعماله افتراضيا اليوم ويستمر حتى 31 أكتوبر الجاري.

 وأضاف فضيلته، أن المسلم مؤمن بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربه».

اقرأ أيضًا: مفتي الجمهورية: المطَّلِع على التراث الفقهي يعلم مشكلات عصره

وأوضح أن نظام الوقف استمر في التمدد خلال المجتمع الإسلامي، خاصة بعد ازدياد رقعة الدولة الإسلامية، وما تبع ذلك التوسع من تضاعف الموارد وتحسن الأحوال المعيشية، فزادت الأوقاف الإسلامية في العصر الأموي بشكل كبير جدا، نتيجة لزيادة الموارد، وهكذا ظلت الأوقاف مرتبطة بالحالة المادية العامة للمجتمع، وتناسبت طرديا مع معدلات الدخل.


وأشار إلى أن الوقف أدى دورا تنمويا عظيما على كافة الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والصحية وغيرها، ومثل دائما رقما كبيرا في معادلة تحقيق التكافل والتماسك المجتمعي.


ولفت إلى أن الأوقاف انتشرت بطول البلاد الإسلامية وعرضها، وصار الوقف ميدانا للتنافس ليس بين العامة فحسب، بل بين الأمراء والحكام أنفسهم، فانتشرت الأسبلة والمساجد والمستشفيات الوقفية.

وقال إنه ومع التزايد الكبير في الاهتمام بالوقف، ظهرت مجالات جديدة وملهمة للوقف، تعكس مدى اتجاه المجتمع نحو تطوير الوقف وشموليته، ومن تلك المجالات التي ظهرت من انتشار الأوقاف: الوقف على الحيوانات الضالة التي لا مأوى لها كالكلاب والقطط، والأوقاف على إعارة الحلي للأعراس، والأوقاف التي كان يشترى منها أوان عوضا عن الأواني المكسورة من الخدم لحمايتهم من غضب مستخدميهم، وهكذا تنوعت مجالات الأوقاف وانتشرت في البلدان الإسلامية مؤدية دورا بالغ الأهمية في تماسك المجتمع.

وقال مفتي الجمهورية، إن هذا الدور التاريخي للوقف على مر القرون السابقة يدفعنا إلى التفكير في إحياء دوره مرة أخرى في العصر الحاضر، والعمل على وضع الاستراتيجيات المناسبة لتفعيل دور المؤسسات الوقفية القائمة، واستحداث مؤسسات وقفية أخرى، وتطوير آليات نظام الوقف الإسلامي بما يضمن استعادة الدور الريادي لنظام الوقف في المجتمع.

وأضاف أن من هذه الآليات التي يمكن الاستفادة منها وتطويرها لتناسب العصر الحاضر؛ تقسيم الوقف حسب الحاجة المجتمعية، فعلى سبيل المثال لما كثرت الأوقاف بشكل كبير في بعض العصور اضطرت إدارة الأوقاف إلى زيادة دواوين الأوقاف إلى ثلاثة دواوين: ديوان للأوقاف الأهلية، وديوان لأوقاف المساجد، وديوان لأوقاف الحرمين الشريفين خاصة، وتلك الالية يمكن استعمالها اليوم وتطويرها لتناسب العصر الحاضر، فيقسم الوقف إلى إدارات تعتني كل إدارة منها بفئة معينة من الموقوف عليهم، مما سيؤدي بطبيعة الحال إلى تنظيم العمل والاستفادة القصوى من نظام الوقف وتحقيق غايته ومقاصده على النحو الأمثل.

وذكر أن من ذلك تخصيص إدارة مستقلة للوقف على المجال التعليمي، كالمدارس والمعاهد والجامعات، مما من شأنه أن يحقق أكبر قدر من الاستفادة بالأوقاف ورعايتها على الوجه الذي يضمن استمرارها في أداء دورها، خاصة في ظل الحاجة الماسة إلى دعم القطاع التعليمي، وزيادة الموارد والمخصصات الموجهة إلى التعليم وتطويره.


وأوضح فضيلته، أن من هذا الباب أيضا: مجال الرعاية الاجتماعية الذي يشمل رعاية الأيتام والفقراء، وكبار السن، والمسجونين، ونحو ذلك من الطبقات الاجتماعية التي تحتاج إلى عناية كبيرة، ولا تمتلك مصادر دخل مناسبة، فإن نظام الوقف يسعى من خلال الرعاية المقدمة لتلك الطبقات إلى ضمان حياة كريمة وتحصيل حقهم في التعليم والرعاية الصحية والغذاء المناسب. وهكذا في سائر المجالات التي يمكن للوقف أن يكون له دور فاعل فيها كالأوقاف المخصصة لدور العبادة، والأوقاف المخصصة للمستشفيات والمراكز الصحية، ونحو ذلك.


وأضاف أن نظام الوقف الإسلامي تمكن من تجاوز المعضلة الحقيقية، وهي ضمان الاستمرارية في تمويل العمل الخيري، والخروج من المأزق الذي تعرضت له العديد من المؤسسات الخيرية التي أدت دورها على مدار فترات زمنية متفاوتة ثم توقفت لعدم قدرتها على تأمين مصدر تمويل مستمر، ونضوب مواردها التي كانت تعتمد عليها، إلا أن نظام الوقف الإسلامي استطاع تأمين ذلك التمويل الثابت والمستدام مما ضمن استمرار العديد من المؤسسات الوقفية لقرون؛ وجعل من الوقف الإسلامي منتجا حضاريا متفردا أفرزته الحضارة الإسلامية التي عنت أولا واخرا بالإنسان وحقوقه وكرامته.


واختتم مفتي الجمهورية كلمته بأن إحياء نظام الوقف الإسلامي والتجديد في مجالاته وإدارته بما يتناسب ومتطلبات العصر أصبح ضرورة لا يمكن تجاوزها؛ حتى يستعيد نظام الوقف دوره في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم الإسلامي أجمع.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة