صورة موضوعية
صورة موضوعية


حكايات من السجون| ليلة حمراء تقود مهندساً شاباً إلى الآخرة 

د.محمد كمال

الخميس، 29 أكتوبر 2020 - 06:02 م

◄ليلة حمراء تقود مهندساً شاباً إلى الآخرة

◄كاميرا المراقبة فضحت المستور

 استأجر شقة بعيدًا عن العيون لتكون مقرًا لملذاته وسهراته، طوال عدة سنوات، اعتاد على ارتكاب نفس الفعل في أماكن مختلفة إلى أن جاءت لحظات النهاية، لم تكن النهاية عادية وإنما نهاية مأساوية قضت على الأخضر واليابس حيًا وميتًا، وترك لعائلته وأسرته ميراثًا من الفضيحة ستظل تلاحقهم ولن تمحوها السنوات ولن تغفلها السجلات الرسمية التي سطرها الطب الشرعي ومحضر الشرطة، الذي أكد أنه تعرض للقتل بعد قضائه سهرة حمراء مع فتاتي ليل، تفاصيل مثيرة ضمتها أوراق القضية التي بدأت ببلاغ غياب وانتهت باكتشاف الفضيحة الكبرى المقترنة بجريمة قتل. 

قصة سينمائية

 قصة سينمائية شديدة الحبكة الدرامية، مهندس شاب في بداية العقد الرابع من عمره، اعتاد أن يعيش وسط الناس بشخصيتين مختلفتين، شخصية المهندس المحترم حسن السير والسلوك والسمعة، ومثال للزوج والأب المثالي، أما شخصيته الثانية التي أخفاها عن الجميع فهي مختلفة تمامًا عن شخصيته الحقيقية، كان يعشق السهر والفرفشة والنزوات المختلفة، سارت حياته على هذا المنوال دون أن يشعر به أي شخص أو يُكتشف أمره، وحتى تظل كافة نزواته خارج حدود المراقبة ولا يتم كشف أسراره، غلف حياته بسياج من السرية والحذر، مستغلًا طبيعة عمله كمهندس، ما يتطلب كثرة تنقلاته من مكان لآخر ومن محافظة إلى أخرى.

كان يتعمد عدم إقامة علاقات جيرة أو صداقة أو حتى كلام من أي نوع حتى لا يمنح الفرصة لكثرة السؤال، كان معروفا داخل الأوساط القريبة منه بأنه مهتم جدًا بنفسه وعمله، وكان هذا هو الجانب المعروف عنه، الشخصية الملتزمة التي اعتاد الظهور بها أمام الناس والأصدقاء في العمل ووسط الأقارب، أما الشخصية الأخرى فكانت مختلفة تمامًا فهو بعد انتهاء العمل يذهب لسهرات الفرفشة داخل أحد الملاهي الليلية، يمضي بعض الوقت، ثم يتوجه إلى شقة الملذات بصحبة إحدى الفتيات وبعض الأصدقاء، هكذا كانت حياته وطبيعته يعيش بشخصيتين مختلفتين، وكأنه يعانى من انفصام في الشخصية.

السهرة الأخيرة

كان المهندس الشاب يمتلك من الوسامة والمال ما يجعله يأمر فيطاع، وبحكم سهراته في الأماكن الراقية تعرف على فتاة أثارت انتباهه منذ أول لحظة شاهدها فيها، اتفق معها على قضاء سهرة حمراء في وكر الرذيلة الخاص به مقابل مبلغ من المال، وافقت الفتاة على العرض السخي الذي قدمه لها، خصوصًا أنه أجذل لها في العطاء، ويبدو أن هذه الفتاة كانت تختلف بشكل كبير عن سابقيها، حيث تعلق بها بشدة واستمرت معه لفترة ليست بالقليلة، لكن بمرور الوقت لاحظت الفتاة ثرائه الفاحش، كما أنه ينفق ببذخ، ما دفعها لتدبير حيلة ذكية لسرقته مستغلة تعدد علاقاته النسائية، اقترحت عليه في إحدى المرات اصطحاب صديقة لها لقضاء سهرة حمراء بين ثلاثتهم، ودون تردد وافق المهندس الشاب، وهو لا يعلم ماذا تخبئ له الساعات المقبلة؟، لم يكن يعلم أن هذه السهرة هي آخر سهرة في حياته الصاخبة المتقلبة بين النقيض والنقيض.

خطة فاشلة

كانت الخطة التي رسمتها الفتاتان تقضي بمحاولة إفقاد المهندس وعيه من خلال وضع المخدر له في العصير أثناء سهرتهم معاً ومن ثم سرقة متعلقاته والكروت الائتمانية خاصته بالإضافة إلى سيارته الفارهة، كل شيء سار في الخطة كما هو مرتب له بالضبط باستثناء أمر واحد فقط غير من مجرى التفاصيل تمامًا ودفع بالجميع إلى حافة الهاوية، بعد وضع المخدر في العصير يبدو أن كميته لم تكن كافية، ما جعل الضحية في وعيه بعض الشيء وشعر بكل ما يحدث حوله، نشبت بينه وبين الفتاتين مشاجرة عنيفة حاول خلالها المجني عليه الإمساك بالفتاتين ومحاولة منعهن من سرقة متعلقاته لكنه كان في حالة من عدم الاتزان الكامل، ما دفع الفتاتين لطعنه بالسكين حتى يتخلصا منه ثم نجحتا في الفرار وتركتاه غارقًا في دمائه. 

رائحة كريهة

تغيب المجني عليه عن العمل والمنزل، ولم يستطع أحد من أصدقائه أو أسرته التوصل إليه، ومن هنا بدأ الشك يتسلل إليهم، فقررت أسرته إبلاغ الشرطة حيث حرروا محضرًا يفيد بغيابه، على الجانب الآخر انبعثت رائحة كريهة من إحدى الشقق المفروشة المستأجرة، ما دفع الجيران الإبلاغ رجال الشرطة لاستطلاع الأمر، وعندما وصل رجال الشرطة لمكان البلاغ، فتحوا باب الشقة فاكتشفوا المفاجأة المدوية، المهندس مُسجى على ظهره غارقا في بركة من دمائه، وبه عدة طعنات في أنحاء متفرقة من جسده ومتجرداً تمامًا من ملابسه، المشهد كان مفزعًا للجميع، وكلام الجيران عن المجني عليه يؤكد أنه يعيش وحيداً وفي حاله ولا يأتي للشقة إلا في أوقات متأخرة من الليل ولا يعلمون أي شيء عن طبيعة حياته.

علاقة نسائية

كثف رجال المباحث من تحرياتهم وبمراجعة بلاغات الغياب تطابقت أوصاف المجني عليه مع إحدى البلاغات، تم تفريغ كاميرات المراقبة الموجودة بالمكان للتوصل إلى حل لغز هذه القضية الشائكة، خصوصًا بعدما أجمع الشهود على حسن سير وسلوك المجني عليه إلا أن تواجده في هذا المكان كان يمثل لغزًا كبيرًا، لكن تفريغ الكاميرات جعل رجال المباحث يمسكون بتلابيب هذه القضية، حيث تبين أن وراء الواقعة فتاتي ليل، كانتا على علاقة بالمجني عليه، متعدد العلاقات النسائية، تم تحديد شخصية الفتاتين وتسيير مأمورية أمنية داهمت مكان اختبائهما وتم إلقاء القبض عليهما.

تم تحرير محضر بالواقعة تضمن كافة التفاصيل، حيث تمت إحالة الفتاتين إلى النيابة العامة وأمام النيابة اعترفن بأن المجني عليه اعتاد استضافة الفتيات في شقته المستأجرة، حيث يتناولوا الخمور والمخدرات، ومن هنا جاءت الفكرة للمتهمتين بوضع أقراص مخدرة للمجني عليه، حتى تتمكنا من سرقته، وهو فاقد الوعي إلا أنه شعر بحركتهما الغريبة لمغادرة الشقة، حيث فوجئت الفتاتان بقيامه بإغلاق باب الشقة من الداخل، وأثناء البحث عن المفتاح حدث اشتباك بينهم فأمسكت إحداهما سكينا وطعنته في أنحاء متفرقة من جسده أودت بحياته على الفور. 
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة