غادة زين العابدين
غادة زين العابدين


عاجل جدا

من استطاع الباءة.. فقط

غادة زين العابدين

الخميس، 29 أكتوبر 2020 - 06:49 م

 

ربما أشفق الجميع على الرضيع "أنس" ضحية أبويه، والذى مات جوعا بعد أن تركه الاثنان تسعة أيام وحيدا فى المنزل.
أما أنا فأرى أن الله رحم هذا الطفل المسكين، من مصير محتوم، فى ظل أبوين يتبادلان أقصى درجات الكراهية.
فأهل الأم يؤكدون أن ابنتهم لم تر سوى المهانة والعنف والضرب على يد زوجها منذ زواجهما، بينما يؤكد اهل الزوج أن الزوجة "مفترية"، ترهق زوجها بالمطالب، ودائمة الشجار معه ومع أهله.
القصة رغم بشاعتها وغرابتها، تتكرر كثيرا بصور أخرى، ونجد آلاف الأطفال يدفعون ثمن كراهية الأب والأم وخلافاتهما الدائمة والمناخ المسمم الذى ولدوا فيه بلا ذنب.
والأرقام تؤكد أن نسبة كبيرة من الخلافات الزوجية سببها إدمان الزوج، حيث تصل عدد حالات الطلاق والخلع بسبب الإدمان إلى حوالى ٢٠ ألف حالة سنويا طبقا لصندوق مكافحة الإدمان. وهناك بالطبع آلاف الحالات غيرها لكنها لا تصل للمحاكم ولا تطالب الزوجة فيها بالطلاق بسبب الظروف المادية، وهى حالات يفقد فيها الزوج كل مشاعر المسئولية تجاه أسرته، بل وكثيرا ما يفقد إنسانيته ويتحول إلى وحش لا يحكمه إلا «الكيف» لتتحول حياة الزوجة والأبناء إلى جحيم.
والسؤال الآن هل من حق أى اثنين أن يقدما على الزواج دون التأكد من صلاحيتهما لتحمل مسئولية هذا الرباط المقدس، هل من حق الرجل أن يقدم على الزواج لمجرد تحصين الفرج وغض البصر، وليس بحثا وحرصا على السكن والمودة والرحمة.
هل من حق مدمن المخدرات، أن يقدم على الزواج، ليدمر معه زوجة وأبناء بلا ذنب. بل هل من حق الفقير الذى لا يملك قوت يومه أن يقدم على الزواج وينجب اربعة وخمسة ابناء يتسول بهم او يلقى بهم فى الشارع بلا تربية ولا رعاية ولا تعليم ولا علاج.
لماذا نتجاهل حديث نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم:
«يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه أحصن للفرج وأغض للبصر» والباءة بالمناسبة هى كل متطلبات الزواج، المادية والجسدية والعقلية والنفسية، كل المتطلبات التى تضمن بناء حياه سوية. ليس عيبا أن نضيف فحوص المخدرات والفحوص النفسية للمقبلين على الزواج، كما أننا فى حاجة للاهتمام بتعليم الأبناء فى المدارس المغزى السامى للزواج وأسس تكوين الأسرة والاحترام بين الزوجين، والمسئولية تجاه الأبناء. ولا ينبغى أن ينحصر دور مؤسسات الطفل والأسرة على التنديد والشجب بعد وقوع الكوارث، بل نريد قرارات أكثر إيجابية تضع حدا أدنى لضمانات الزواج الناجح.
الإنسان هو أرقى مخلوقات الله، والزواج عند البشر ليس مجرد غريزة كباقى المخلوقات، بل هو رباط مقدس لنشر الاستقرار والود والتراحم، ويستحق أن نضع له كل الضمانات، بل والشروط إن احتاج الأمر.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة