د. محمود عطية
د. محمود عطية


من باب العتب

لن أشكو للمترو ثانية..!

د.محمود عطية

الخميس، 29 أكتوبر 2020 - 06:57 م

 

أقر واعترف بأننى فعلتها وشكوت.. لكنى لن أفعلها ثانية.. فمنذ أن تقدمت بشكوى رسمية فى مكتب الشكاوى المتواجد بمحطة ناصر للمترو عن فوضى الباعة الجائلين داخل عربات المترو وطرق بيعهم وعرض بضاعتهم المنافية لكل ذوق ومناداتهم صياحا على بضاعتهم كأنهم فى ميدان المنشية أو العتبة.. وقد تزايد عددهم حتى صارت العربة الواحدة تلم أكثر من بائع يحمل بضاعتة وحولوا المترو لمول متحرك..فتجد من ينادى على سماعات موبايل وآخر يعرض مفارش وأكياس مناديل ومقشرة البطاطس ومن يبيع شيكولاتة تباع فى المحلات القطعة بعشرين جنيها ويعرضها هنا بخمسة فقط ولا أفهم كيف.. لتصبح العربة كسوق شعبى..!
كما تزدهر بنفس عربات المترو الشحاذة من نوع الجيل الخامس بعد أن كانت الشحاذة موسمية فى رمضان والأعياد.. فليس غريبا أن تصعد امرأة غالبا منقبة وهى شبه منكسرة وتمشى الهوينى حتى تصل لمنتصف العربة وتبدأ فى إلقاء خطبة عصماء بصوتها الجهورى الزاعق وتقدم حيثيات بأنها أول مرة تمد يديها لولا الحاجة الشديدة فابنها مصاب بالسرطان وفى حاجة لبعض الحقن ولضيق ذات اليد اضطرت للخروج ومد يديها ثم تردد بعض آيات قرآنية ومجموعة أدعية لمن يعطيها.. وتنتهى من وصلتها وتغادر إلى عربة أخرى بالمترو!
ويصعد آخر للعربة كأننا على خشبة مسرح وهو بملابس رثة مرددا عبارات لاستجداء المحسنين مليئة بالرعب والوعيد مثل ((..يارب ما يحرمك من عينك وعافيتك ولا من نظرك.. يرجعك لبيتك واولادك سليما.. يبعد عنك.. ما يشمت فيك العدوين)) وبالطبع يقشعر بدنك وتطلب النجاة بما تجود به.. وعلى باب محطات المترو يكمل من المشهد العبثى فتجد طفلا منكبا على كتابة واجب مدرسى وأمامه أكياس مناديل ليبتز عواطفك.
ومن المفارقات العجيبة أن تقرأ فى كل محطات المترو لائحة بالغرامات للعديد من المخالفات منها غرامة لمن يبيع داخل العربات وللشحاذة.. ولم يحدث مرة واحدة أن صعدت عربة للمترو ولم أجد بائعا أو أكثر يتنقل بين الركاب عارضا بضاعة بكل ثقة وأريحيه ومنهم من يلقى بضاعة فى حجر الركاب ثم يشرح ميزة هذا البضاعة ثم يلمها ثانية ويكررها فى عربة أخرى.. غير مكترث بما يسمى انتقال فيروس الكورونا الذى يمكن نقله عبر الأيادى المتعددة..كما لم أركب عربة مترو إلا وأجد أحد الشحاذين المطورين أساليب الشحاذة ولغة الخطاب التى تعتمد على التأثير البرجماتى العاطفى المغلف بشكوى الزمان والنزعة الدينية.. وللأسف لا أظن أن كل ذلك غائب عن المسئولين فى مترو الأنفاق. وبالتأكيد أنا لا أحلم بما أراه شبه يومي..!
كما أقر بأننى فعلتها ثانية وتقدمت بشكوى عما يحدث بمداخل محطات المترو وكيف صارت موقفا للتكاتك يسد منافذ الخروج والدخول على مرتادى المترو حتى استسلم البعض ولا يشكو وكأن ما يجرى قدر من عنده الله ولا راد لقضائه.. وما يغيظ أكثر هو وجود باعة شبه دائمين على المداخل والمخارج.. كما تجد عربة فول كل صباح تقف امام المدخل يتحلق حولها من يتناولون الإفطار ولا تجد منفذ للدخول سوى الدوران حول العربة لتجد فتحة بسيطة تدخل منها للمترو..!
ويشهد الله أننى لن أشتكى ثانية.. ومازلت أتذكر الموظف وهو يتلقى الشكوى منى بكل ابتسامة وكأنى من كوكب آخر ووجه يشى بأننى (تاعب نفسى ع الفاضى).

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة