طاهر قابيل
طاهر قابيل


أول سطر

الروضة الشريفة

طاهر قابيل

الخميس، 29 أكتوبر 2020 - 07:10 م

أصابتنى صدمة شديدة عندما قال لى أحد الشباب صغير السن والمعرفة ألا ترى ان مناسك الحج من طواف حول الكعبة والسعى بين الصفا والمروة ورجم الشيطان أعمال وثنية.. توقفت عن الكلام «برهة» وعشت لحظات بسيطة من الصمت حتى تملكت أعصابى ووجدت الإجابة على سؤاله فى كتاب الدكتور مصطفى محمود «حوار مع صديقى الملحد» والذى قرأته منذ أعوام.
 فقد كان رد العلامة - رحمة الله عليه - على صديقه الشاب أنه فى قوانين المادة التى يدرسها بنلاحظ أن الأصغر يطوف دائما حول الأكبر.. فالإلكترون يدور حول نواة الذرة والقمر حول الأرض.. والشمس حول المجرّة.. وغير ذلك إلى أن نصل إلى الأكبر مطلقاً وهو الخالق عز وجل ولذلك نقول إن «الله أكبر».. فكيف نطوف ضمن المجموعة الشمسية حول الخالق رغم أنفنا ولا نفعل ذلك باختيارنا و«الكعبة» أول بيت اتخذه الإنسان لعبادة الله فكيف لا نطوف حولها وغيرنا يطوف حول جسد «محنط» ويعظمونه ويقولون إنه أفاد البشرية.
وبهدوء العالم الجليل قال الدكتور مصطفى محمود لصديقه الملحد إن الأب يعيش الهرولة منذ ميلاده حتى وفاته وبعد موته يبدأ الابن الهرولة من جديد.. وهذه هى نفس الرحلة الرمزية التى يقوم بها «الحاج أو المعتمر» بين الصفا التى ترمز للعدم والمروة أو النبع الذى يعطى الحياة والوجود.. الانسان يضع باقة من الزهور على نصب حجرى ويقول إنه رمز فلماذا تلومون من يلقى «الجمرات» على نصب رمزى للشيطان.. وإذا سألتنى عن ماهية الرقم 7 فى مناسك الحج فسأقول لك إنه تلخيصا عميقا لكل أسرار الحياة فألو ان الطيف سبعة والإلكترونات تدور حول النواة فى 7 نطاقات والجنين لا يكتمل نموه إلا فى الشهر السابع وليس بعيدا عنا أن أيام الأسبوع سبعة.. أما عن تقبيل «الحجر الأسود» فعندما يأتى لك خطابا من حبيبتك أو شخص عزيز عليك تقبله.. فما بالك بحجر حمله نبينا «صلى الله عليه وسلم» فى ثوبه وقبله.. أما عن ملابس الإحرام فهى رمز للخروج من زينة الدنيا والتجرد التام أمام حضرة الخالق.. فأنتم تشترطون ارتداء البدلة الرسمية عند لقاء حاكم أو ملك.. ولا شىء يليق بجلالة الله عز وجل الا التجرد من الدنيا وزينتها والوقوف أمامه خاشعا ومتواضعا.
 أنا لا أحب كلمة «ملحد» وأفضل عليها وصف «متشكك» لأنه غالبا يصل المتشكك إلى اليقين.. فالحج اجتماع ومؤتمر سنوي طلبا للمغفرة والعمرة زيارة محببة للمسلمين وبهما راحة نفسية لا تجدها فى أى مكان بالدنيا لمن يفكر ويتأمل.. وأدعو الله أن ينعم بهما على الجميع ليعيشوا أياما من راحة البال أثناء المناسك وبعد أدائها وزيارة قبر الرسول بالمسجد النبوى والصلاة بالروضة الشريفة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة