كرم جبر
كرم جبر


لا تتركوا أولادكم

إنهــا مصـــــــر

كرم جبر

الجمعة، 30 أكتوبر 2020 - 06:35 م

الدعاة الجدد يطورون أنفسهم ليتواءموا مع العصر، الساعات والبدل والقمصان والجينز والحظاظة وحلقة شعر «ديك رومى أو بالموس»، كله سينيهات حتى البنطلون المقطع من الركبة.
وإيه العيب؟ ولا حاجة.
فالزى حق من حقوق الإنسان ويقول المثل «كُل.. تناول الطعام على كيفك، والبس على كيف الناس».
لكن لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.. ونحن لدغنا مرتين وثلاثا وعشرا.
داعية شهير - مثلاً - انتشرت له منذ فترة صورة ساعة فى يده ثمنها عشرة آلاف دولار، وكان يحاضر عن إعانة المحتاج والفقير، واغرورقت عيناه بالدموع، وقبل ذلك كان يروج لعطور فاخرة، ولا يرتدى أزياء إلا من كبريات بيوت الموضة الإيطالية.
وإيه العيب؟ ولا حاجة.
لكنه تخصص فى اقتناص شباب وشابات الطبقة فاحشة الثراء، فصار إمامهم ووليهم ومرشدهم.. ودشن هويته بالجرى وراء محمد صلاح فى مدرجات الملاعب الأوربية، وكان معه أحياناً أبوتريكة.
أبوتريكة نجم محبوب من الجماهير، وربما لم تنجب الملاعب المصرية مثله، لكنه استثمر حب الجماهير فى دعاية سياسية ودينية لصالح الإخوان، ولم يتعرض للهجوم لكونه فلتة كروية ولكن لأنه داعية إخوانى.
استأنا جداً من أبوتريكة عندما ظهر فى برنامج رياضى يقول إن قطر تختلف عن الدول الأخرى فى أنها تستثمر أموالها فى «البشر وليس الحجر».
وكلام أبوتريكة سمج وسخيف وتلقيح ولا يليق، والجملة «بين القوسين» أكبر منه بكثير، لأن بلده الذى يبنى ويشيد ويعمِّر، يريد أن يوفر حياة كريمة للناس، ولو اقتصر دوره على الرياضة، لكان نجم الجماهير، واقتربت أمجاده من صالح سليم.
نعود للداعية الشهير..
زمان، كان الدعاة الأوائل فى السبعينيات والثمانينيات يركزون على أبناء الفقراء، ويقدمون لهم البدائل، فمن لا يستطيع شراء بدلة بمائة جنيه يقدمون له جلباباً بعشرة جنيهات، ونعل بجنيهين بدلاً من الحذاء، والعلاج بالحجامة بدلاً من الأطباء، والمهر 25 قرشاً.
وعشنا أياماً سوداء فى الثمانينيات عندما خرج من صوبة دعاة الفقر إرهابيون، كانوا يقتلون ويذبحون جرياً وراء جنيهات قليلة وخداعهم بأفكار دينية مغلوطة.
جاء زمن الداعية الشهير على أجنحة الثروات الطائلة التى هبطت على البعض، وكان ضرورياً تطهيرها بدعاة من نفس المستوى، فظهرت أسماء كثيرة اغترفت من الثروة اغترافاً، واقتنوا أفخر القصور والسيارات والمجوهرات، ويعيشون حياة الملوك.
نحن الآن فى مرحلة ما بعد هذا الداعية الشهير.
دعاة جدد، عضلات مفتولة «الجيم» ورءوس حليقة «الموضة» وجينزات مقطعة من على الفخذين والركبة، شبه أبناء جيلهم.
وإيه العيب.. ولا حاجة.
شىء واحد فقط: عدم توظيف الدين لصالح السلطة أو الثروة، أو لصالحهما معاً. فمصر أكبر دولة فى العالم فيها مآذن ويرتفع فيها الأذان، ولا يستطيع أحد أن يزايد على إسلام شعبها، وحبه لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
فقط: لا تتركوا عقول أبنائنا بين أفواه تسىء استغلالهم!

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة