صورة ارشيفية
صورة ارشيفية


كيف تؤدي جائحة كورونا لتفاقم عدم المساواة في الأسواق الصاعدة؟

شيماء مصطفى

الجمعة، 30 أكتوبر 2020 - 07:16 م

 

أكد صندوق النقد الدولي، أن الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، حققت نموا مطردا في العقدين الماضيين قبل وقوع جائحة كوفيد-19؛ مما سمح بإحراز المكاسب التي تشتد الحاجة إليها في الحد من الفقر وتحسين متوسط العمر المتوقع.


جاء ذلك في مدونة أعدتها غابرييلا كوغات تعمل اقتصادية في إدارة البحوث بصندوق النقد، وفوتوشي ناريتا يعمل اقتصاديا أول في إدارة البحوث بالصندوق، وهو عمل تم في إطار تعاون بحثي حول السياسة الاقتصادية الكلية في البلدان منخفضة الدخل بدعم من مكتب الشؤون الخارجية وشؤون الكومنولث والتنمية (FCDO) التابع للمملكة المتحدة.


وأضاف صندوق النقد الدولي، أنه بسبب الأزمة، أصبح قدر كبير من هذا التقدم معرضا للخطر، كما أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء آخذة في الاتساع، موضحا أنه رغم المكاسب التي حققها كثير من هذه البلدان قبل الجائحة في الحد من الفقر وتحسين متوسط العمر المتوقع، فإنها لا تزال تسعى جاهدة للحد من عدم المساواة في توزيع الدخل. وفي الوقت نفسه، استمرت النسب المرتفعة للشباب غير النشط (أي غير العامل أو غير المنخرط في التعليم أو التدريب) وعدم المساواة الكبير في مجال التعليم، والفجوات الواسعة في الفرص الاقتصادية المتاحة للنساء. 


وتوقع صندوق النقد، أن تؤدي جائحة كوفيد-19 إلى تفاقم عدم المساواة مقارنةً بالأزمات السابقة، لأن إجراءات احتواء الجائحة أثرت على الفئات الضعيفة في سوق العمل وعلى النساء.


تأثير مكان العمل


وأوضح صندوق النقد، أن القدرة على العمل من المنزل، كانت عاملا أساسيا أثناء الجائحة، مشيرا في دراسة صدرت مؤخرا إلى أن القدرة على العمل من المنزل تكون أقل بين العاملين ذوي الدخل المنخفض مقارنةً بأصحاب الدخول المرتفعة، واستنادا إلى بيانات من الولايات المتحدة، فأن تخفيض العمالة كان أقل في القطاعات التي تسمح طبيعة أنشطتها بالعمل من المنزل مقارنة بالقطاعات الأخرى، وهاتان الحقيقتان معا تفيدان بأن احتمالات فقدان الوظائف بسبب الجائحة كانت أكبر في حالة العمال الأقل دخلا، مما يؤدي إلى زيادة سوء توزيع الدخل.


وقال صندوق النقد: «ثانيا، نستخدم توقعاتنا لنمو إجمالي الناتج المحلي في عام 2020 كقيمة ممثِّلة لما سيصل إليه الانخفاض الكلي في الدخل، ونوزع هذه الخسارة عبر فئات الدخل المختلفة بالتناسب مع قدرة كل منها على العمل من المنزل، وبهذا التوزيع الجديد للدخل، نحسب مقياسا موجزا لتوزيع الدخل بعد الجائحة (معامِل جيني) لعام 2020 في 106 بلدا ونحسب النسبة المئوية للتغير، وكلما ارتفع معامِل جيني، زاد عدم المساواة، مع حصول الأفراد ذوي الدخل المرتفع على نسب مئوية أكبر بكثير من الدخل الكلي للسكان».


وتابع: «يوضح لنا هذا أن الأثر المقدر لجائحة كوفيد-19 على توزيع الدخل أكبر بكثير من أثر الجوائح السابقة، وهو يقدم أدلة أيضا على أن المكاسب التي حققتها اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية منخفضة الدخل منذ الأزمة المالية العالمية يمكن أن تزول، فكما يشير التحليل، سيرتفع متوسط معامِل جيني إلى 42.7 في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، وهو ما يعادل مستواه في عام 2008، وسيقع الأثر أكبر على البلدان النامية منخفضة الدخل رغم بطء التقدم الذي حققته منذ عام 2008، مؤكدا أنه من شأن جائحة كوفيد-19 أن تمحو التحسن الذي حققته الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية في الحد من عدم المساواة منذ عام 2008».


الأثر على الرفاهية


وأشار صندوق النقد، إلي أن اتساع عدم المساواة في المتوسط يؤثر على رخاء الأفراد، قائلا: «نجري تقييما للتقدم الذي تحقق قبل الجائحة ومستوى الرفاهة الذي يمكن أن نتوقعه في عام 2020 باستخدام مقياس يتجاوز إجمالي الناتج المحلي، ويجمع مقياس الرفاهية المستخدم بين معلومات نمو الاستهلاك، ومتوسط العمر المتوقع، ووقت الفراغ، وعدم المساواة في الاستهلاك، واستنادا إلى هذه المقاييس، من عام 2002 إلى 2019، نستخلص أن الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية حظيت بزيادة في الرفاهية تكاد تصل إلى 6%، أي أعلى بنحو 1.3 نقطة مئوية من نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للفرد، مما يشير إلى تحسن حياة الأفراد في جوانب عديدة، وترجع معظم هذه الزيادة إلى تحسن متوسط العمر المتوقع».


ولفت إلي أنه من الممكن أن تُخفِّض الجائحة مستوى الرفاهة بنسبة 8% في الأسواق الصاعدة والبلدان النامية، علما بأن نصف هذه النسبة يأتي من التغير الكبير في عدم المساواة حسب مدى قدرة الفرد على أداء العمل من المنزل، ويُلاحظ أن هذه التقديرات لا تعكس أي إجراءات لإعادة توزيع الدخل بعد الجائحة، ويعني ذلك أن البلدان يمكن أن تضعف التأثير على عدم المساواة وعلى الرفاهية بوجه أعم من خلال إجراءات السياسات.


زيادة عدم المساواة بسبب الجائحة يهدد بتراجع مستوى الرفاهية فما الذي يمكننا فعله حيال ذلك؟


وأكد صندوق النقد، أنه في العدد الأخير من تقريرنا عن آفاق الاقتصاد العالمي، تم تحديد بعض السياسات والإجراءات لدعم المتأثرين من الأفراد والشركات والتي ستكون ضرورية لمنع المزيد من الاتساع في فجوة عدم المساواة.


وأضاف أنه من شأن الاستثمار في برامج التدريب التحويلي وتعليم مهارات جديدة أن يعزز آفاق إعادة التوظيف للعمال القابلين للتكيف الذين قد تشهد واجباتهم الوظيفية تغيرات طويلة الأجل نتيجة للجائحة، وفي الوقت نفسه، سيكون من المهم التوسع في إتاحة خدمات الإنترنت وتشجيع الشمول المالي من أجل بيئة عمل تعتمد بشكل متزايد على الأدوات الرقمية.


وأوضح أنه من شأن تخفيف معايير الأهلية لتأمينات البطالة وتمديد فترة الإجازات العائلية والمرضية أن يؤدي أيضا إلى تخفيف أثر الأزمة على الوظائف، وأنه يجب عدم التسرع في وقف المساعدات الاجتماعية المقدمة للأسر منخفضة الدخل في شكل تحويلات نقدية مشروطة، وكوبونات غذائية، ومساعدات تغذوية وطبية، خاصة إن السياسات التي تهدف إلى الحيلولة دون ضياع المكاسب التي تحققت بجهد شاق على مدى عقود ستكون بالغة الأهمية في ضمان مستقبل أكثر عدالة وازدهارا بعد الأزمة.

اقرأ أيضًا:

 

رئيس الوزراء يلتقي المدير التنفيذي بصندوق النقد الدولي

صندوق النقد يفسر علاقة مشتريات أصول الأسواق الناشئة بامتصاص أزمة كورونا


الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة