حمدى الكنيسى
حمدى الكنيسى


يوميات الأخبار

التطرف بالسكين.. أو بالقلم.. أو بالتصريح

حمدي الكنيسي

السبت، 31 أكتوبر 2020 - 07:35 م

هو إذن التطرف بأخطر صوره وتطوراته، وأبشع نتائجه واحتمالاته، وهو الوقت -قبل الضائع- الذى يستدعى التحرك العالمى لمواجهة هذا الوباء.

بلغ «التطرف» ذروة خطورته وحقارته بما شهدته فرنسا مؤخرا، لا فرق بين المتطرف «بالسكين» فى يد من يسىء إلى العقيدة والدين، والتطرف «بالقلم» أو «الريشة» فى يد من يسخر ويسىء إلى دين ورموزه ثم التطرف «بالتصريح» عندما يصدر عن مسئول كبير فيخلط بين الإرهاب والدين.. بل يبرر -وربما يشجع- المتطرفين بالقلم متذرعا بحرية التعبير علماً بأن هذه «الحرية» تختفى إذا ما حاول أحدهم المساس بإسرائيل «اليهودية» بتهمة «معاداة السامية».
وقد تجرعنا نحن العرب والمسلمين مرارة الأسى والاستياء عندما صدمنا الخبر المفجع بقيام شاب شيشانى بذبح مدرس التاريخ الذى تعمد نشر رسوم مسيئة للنبى «صلى الله عليه وسلم»، ثم تصاعدت صدمتنا بحادث إرهابى آخر قتل فيه شاب تونسى ثلاثة أشخاص داخل كنيسة نوتردام بمدينة «نيس» الفرنسية، وبينما توالت بيانات قادة وزعماء العالم الإسلامى رفضا قاطعا لما حدث، وواكبتها بيانات المؤسسات والهيئات الدينية وفى مقدمتها الأزهر الشريف استنكارا وتنديدا بما ارتكبه متطرفون لا صلة لهم بالإسلام الحقيقى، انطلق اليمين الفرنسى المتطرف فى إطار «الإسلاموفوبيا».. فتم الاعتداء الوحشى على سيدتين مسلمتين وتتعرض المساجد لمحاولات الاقتحام، وتتعالى الأصوات المتشنجة ضد الإسلام والمسلمين. وحين اتجهت الأنظار إلى المسئول الأول عن فرنسا الرئيس ماكرون بحثا عن رؤية عميقة متوازنة لما حدث، ظهر الرجل فى صورة المتطرف سياسيا وفكريا حتى أنه انزلق إلى توجيه الاتهام إلى ما سماه «الإسلام الراديكالى» مع عدم الاعتراض على الرسوم التى تسىء إلى النبى محمد «عليه صلوات الله وسلامه» بدعوى حرية التعبير، ثم تبنى قرارات عاجلة بإغلاق عدد من المدارس والجمعيات الخيرية الإسلامية بشبهة أنها تبث الحقد والكراهية بما يشجع «كل متطرف بالسكين»وهكذا امتطى «ماكرون» جواد التطرف بدلا من أن يسعى كرئيس دولة نحترمها ونقدرها إلى احتواء الأزمة بالصورة التى تقطع الطريق على المتطرفين ممن ممارس الإرهاب بالقلم والسكين. فكانت النتيجة أنه إلى جانب خسارته شخصيا لقدر كبير من الشعبية التى كان قد اكتسبها بمواقفه الطيبة إلى جانب ليبيا وتصديه لممارسات اردوغان المعادية لنا فإنه خسر بمغازلته لليمين المتطرف إمكانية السيطرة على ردود الفعل الشعبية الانفعالية الجامحة التى لا تؤمن عواقبها داخليا وخارجيا.
المنابع هى الخطر الأكبر
هو إذن التطرف بأخطر صوره وتطوراته، وأبشع نتائجه واحتمالاته، وهو الوقت -قبل الضائع- الذى يستدعى التحرك العالمى لمواجهة هذا الوباء الإرهابى، وذلك بالحل الأمثل والأسرع وهو «العمل فورا لتجفيف منابعه المعروفة للجميع». وبطبيعة الحال ستتجه الانظار الأوروبية وغيرها صوب الدول العربية والإسلامية باعتبار انها ظهرت من خلالها التنظيمات المتطرفة «علما بأنها من أكبر ضحايا العمليات الإرهابية حيث سقط ويسقط الملايين من المسلمين قتلى بأيدى المتطرفين التكفيريين الرافعين لشعار الإسلام البرىء منهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب» والمعروف للكافة أن القيادات العربية والإسلامية «الإدارية والدينية» تحدثت وتحركت كثيرا لمواجهة هذا التطرف بالأساليب القانونية والأمنية، والفكرية، فى الوقت الذى استغلته العديد من الدول الغربية بهدف تحقيق مصالحها ومخططاتها ابتداء من تشكيل ودعم تنظيم القاعدة لتستخدمه فى هزيمة الاتحاد السوفيتى فى أفغانستان، ووصولا إلى «الدواعش» و»تنظيم الدولة» تحت أعين المخابرات الغربية بهدف اسقاط بعض الأنظمة العربية. المهم الآن -وقد أمتد الخطر الإرهابى إلى الجميع- أن يبدأ العمل المكثف لتجفيف منابعه ولعل ما حققته مصر باسقاط وحصار «الجماعة إياها» التى تخرج من رحمها كل التنظيمات الإرهابية كان مؤشرا واضحا لإمكانية المواجهة الشاملة حيث إن معظم الدول العربية قد استلهمت التجربة المصرية فتقلص أو تلاشى وجود هذه الجماعة فى السعودية والإمارات والبحرين وغيرها. ثم كان التحرك المكثف الذى قادته مصر لتجميد وتجفيف المنبع الفكرى لهذا التطرف الإرهابى وذلك بتوضيح صحيح الدين الحنيف باعتداله وسماحته وبعده عن العنف ومظاهره كما جاء أكثر من مرة فى خطب وكلمات الرئيس السيسى، وما أكده أكثر من مرة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وما يردده بوضوح فضيلة المفتى، وما يبرزه باقتدار -فى جميع المساجد- وزير الأوقاف.
ثم يأتى دور الغرب فى تجميد وتجفيف منابع الإرهاب، بدءاً من إصدار القوانين والتشريعات التى تمنع الإساءة للأديان كما تظهر بفجاجة فى تشويه صورة الإسلام والمسلمين استغلالا لما يردده متطرفو القلم والفكر من حرية التعبير وغيرها. ولعل الرئيس «إيمانويل ماكرون» يكون قد توقف باهتمام أمام ما قاله رئيس جمهورية الشيشان «قديروف» عن أن تصريحاته التى لم يفصل فيها -كما يجب- بين الإرهاب والإسلام، مع عدم اعتراضه -ولو لفظيا- على الرسوم المسيئة للنبى محمد «عليه صلوات الله وسلامه»، من الأمور التى تثير استياء وقلق المسلمين وتخلق الظروف والأجواء لنمو التطرف فى رؤوس بعض الشباب.
من جهة أخرى يتعين على الغرب اتخاذ المواقف الحاسمة العملية للقضاء فعلا على منابع الإرهاب مثل تجاوز التردد الواضح فى تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية تفعيلا لما يثار فى أروقة وجلسات المجالس النيابية الأمريكية والبريطانية والفرنسية وكذلك يتحتم التعامل الصارم مع ممولى ومدعمى الإرهاب فى قطر وتركيا.
هذا هو الطريق الوحيد للخلاص من وباء التطرف والإرهاب، بأسرع ما يمكن وقبل البكاء على اللبن المسكوب الذى يصطبغ بدماء الضحايا أينما كانوا.
قالها الشاعر وأقولها أنا بتصرف: «وكل باب وان طالت مغالقه يوماً
له من عظيم الفعل مفتاحُ
كم من كروب ظننا لا انفراج لها
حتى رأينا خطير الهم ينزاحُ»
نحن: بين الأسوأين
نحن العرب بين «أسوأ رئيس» و«أسوأ مرشح»، أو بين «المهرج» و«الدمية»، أو بين «الكداب» و«التائه».. طبعا عرفت يا عزيزى القارىء عمن أتحدث، وعرفت بالتأكيد أننى لست من أطلق تلك الصفات على المتنافسين: «ترامب وبايدن» إذ أن كلا منهما أطلق الصفة الجارحة فى وجه الآخر أثناء أكثر الانتخابات الأمريكية أهمية وإثارة.. بينما يفرض السؤال الحتمى نفسه علينا نحن العرب: كيف يكون حالنا مع من تعلن نتيجة الانتخابات مساء بعد غد اسم سيد البيت الأبيض سواء كان «ترامب» أسوأ رئيس فى تاريخ أمريكا كما قال «بايدن»، أو كان «بايدن» نفسه أسوأ مرشح فى تاريخ الانتخابات الأمريكية كما وصفه «ترامب».
أنا شخصيا تنتابنى الحيرة ويضيع منى اتجاه الانحياز إلى أحدهما دون الآخر.
وبالتأكيد هذا هو موقف كل عربى، فإذا اقتنص «ترامب» دورة رئاسية أخرى فقد تطمئننا علاقاته الودودة مع قادة مصر والسعودية والإمارات والبحرين والسودان والأردن وعمان وأن كان يربط ذلك بما يحقق صالح إسرائيل حتى أنه مارس ضغوطا ضخمة لتطبيع العلاقات معها، ويكفى ما حدث مثلا من ابتزاز للسودان باستغلال قرار رفع اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب مقابل التطبيع مع تل أبيب، كما أنه يستثمر علاقاته العربية فى تصعيد عدائه لإيران التى تساعده بدورها فى ذلك من خلال شهوة الملالى للتغلغل الفارسى فى أكثر من دولة عربية، وإذا كنا سنقبل ذلك من ترامب فإننا سوف ينتابنا الحذر والقلق إذا ما وصل دوره السلبى إزاء سوريا لدرجة تغاضيه أو دعمه لتوغل تركيا فى شمال شرق سوريا تمهيدا للاحتلال العثمانى السافر، كما نضع أيدينا على قلوبنا لو نفذ صفقة قرن بمفهوم نتنياهو حتى لو كانت على جثة القضية الفلسطينية إلى جانب قبوله  للاحتلال الإسرائيلى النهائى للجولان السورية.
أما السيىء الآخر: «بايدن» فالخشية واضحة من أن يكون امتدادا عمليا لسياسة أوباما الذى كان هو نائبه مشاركا فى المسئولية عن مؤامرة الربيع العربى ومخطط الشرق الأوسط الجديد حيث أدت تلك السياسة إلى ترنح يكاد يصل إلى الانهيار فى سوريا وليبيا واليمن وتونس والعراق، ولم تكتب النجاة منها إلا لمصر بفضل وعى ويقظة شعبها وجيشها، أما إن حاول «بايدن» أن يثبت استقلال شخصيته بالخروج من ذلك المنزلق خاصة بعد أن كشفت وثائق «هيلارى» فضائح التآمر ضد الدول العربية والتواطؤ مع الجماعة الإرهابية لدرجة تمكينها من اقتناص حكم مصر لمدة عام ونصف عام، فإنه قد يحظى بالتقدير المستحق الذى يتضاعف لو اتخذ موقفا صارما إزاء تركيا وقطر والتنظيم الدولى الإخوانى بما يجهض مؤامراتهم ضدنا. وحيث إننى لست بصدد حصر الايجابيات والسلبيات المتوقعة ممن تمنحه الانتخابات فرصة الجلوس على عرش أكبر دولة فى العالم، فإننى اكتفى بأن أقول إن الكرة فى ملعبنا نحن العرب فهل نظل أسرى لحالة التفكك والتشرذم والضياع ليفعل فينا «سيد البيت الأبيض» ما يشاء أم نستعيد بأقصى سرعة وحدة الصف والموقف حتى نستثمر ما لدينا من إمكانيات بشرية واقتصادية وجغرافية تجعل الآخرين «أسوياء أو سيئين» لا يستهينون بنا وبحقوقنا ولعلنا بذلك نحقق ما أعلنته أوروبا عن أنها «ستحمى أمنها بغض النظر عن ساكن البيت الأبيض».
مأساة «مريم».. تكاد تتكرر
كنت بصدد الكتابة عن مأساة «مريم» شهيدة حادث خطف حقيبتها فى المعادى على أيدى أشقياء مسجلين خطر، لكن «الصديق الأستاذ محمد درويش» سبقنى إلى الكتابة تحت عنوان «حتى لا تدفع الثمن مريم أخرى» لكننى أكتب الآن بعد أن كادت مأساة مريم تتكرر بالحرف الواحد عدة مرات آخرها ما حدث لمعلمة بالشرابية دخلت مرحلة الموت وهى تتشبث بحقيبتها التى حاول بعضهم خطفها واصطدمت بالأرض وتعرضت لاصابات جسيمة وهأنذا أضم صوتى إلى صوت كاتبنا القدير فى المطالبة بتشديد التشريعات وتطبيق أقصى العقوبة فى أسرع وقت حتى يكون لها مفعولها ومردودها الذى يكبح جماح المنحرفين الذين تنتشر جرائمهم باختلاف صورها وأبعادها مما يضاعف من حالات القلق والانزعاج ويسىء إلى صورة الأمن والاستقرار بينما تبذل الدولة أقصى جهودها لحماية المجتمع وإطلاق المزيد من المشروعات التنموية.
دعوة للتفاؤل الكروى
«نجمنا محمد صلاح» بخير وإصابته لا تدعو للقلق وسيواصل تألقه - نجمنا الننى بخير كأول كابتن لفريق إنجليزى، و»منتخبنا الوطنى» بخير طالما يقوده المدرب الوطنى «حسام البدرى».

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة