أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

الكويت... ترتيب البيت الداخلى

أسامة عجاج

السبت، 31 أكتوبر 2020 - 07:55 م

تأخرت عن عمد فى الكتابة عن الوضع فى الكويت، بعد وفاة الراحل الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت السابق، والانتقال السريع والسلس للسلطة، بالموافقة على تولى الشيخ نواف الأحمد المهمة، خلال زمن قياسى لم يتجاوز ساعتين، وهو نفس ماحدث مع اختيار ولى العهد، بعد الإعلان عن اسم الشيخ مشعل الأحمد الجابر خلال أقل من تسعة أيام، رغم ان الدستور يتيح للأمير مدة عام كامل، للتوافق على الاسم المقترح، مما يؤشر على وجود استقرار وتفاهم أجنحة السلطة وبيت الحكم الكويتي، على عكس ما كما كانت تشيعه تقارير غربية، عن وجود صراع وأزمات مكتومة، وخلال الفترة السابقة تابعت عن كثب مايجرى هناك فى هذا البلد الشقيق، والخلاصة التى خرجت بها بعد هذه الأسابيع الماضية، ان توجه القيادة الكويتية فى المرحلة القادمة سيكون الاهتمام بالشأن الداخلي، كأولوية أولي، فى ظل حجم التحديات التى تواجهها عن طريق تمتين الوحدة الوطنية، كما أشار إلى ذلك الشيخ نواف الأحمد فى خطابه أمام مجلس الأمة منذ أيام، حيث قال نصًا «إن وحدتنا الوطنية أثبتت على مر السنين أنها بحق سلاحنا الأقوى فى مواجهة كافة التحديات والأخطار والأزمات».وقد توافق التغيير والحرص على الالتزام بالدستور ودولة القانون، مع استحقاق ديمقراطى مهم فرض على الحكومة، الموافقة على دعوة لانتخاب دورة جديدة لمجلس الأمة الكويتي، والتى من المقرر ان تجرى فى الخامس من ديسمبر القادم، ومثل هذه المناسبة تمثل عرسا للديمقراطية، ومناسبة للتنافس بين تيارات وشخصيات عديدة ذات انتماءات مختلفة.
ودعونا نتفق أن الأمير الشيخ نواف يملك إرادة، ورغبة فى تبريد الوضع المحتقن داخليًا، لمزيد من الاستقرار والتوحد بين الجميع، لمواجهة تحديات المرحلة الكبري، فالوقائع تقول إن الكويت مرت بصعوبة من وضع داخلى متأزم منذ عام ٢٠١٢، وحتى ماقبل وفاة الشيخ صباح الأحمد، أهم مظاهره حل البرلمان أكثر من مرة، وإقالة أربع وزارات، وتعديل فى رئاسة الحكومة، ومقاطعة المعارضة فى الكويت لانتخابات دورة ٢٠١٢ و٢٠١٦، بعد تحفظها على تعديلات قانون الانتخابات، والذى أقر نظام صوت واحد لنائب واحد، مما منع حظوظ المعارضة فى الفوز، كما تقول، وقد بدأت المؤشرات على مساعى الأمير قبل وفاة الشيخ صباح وأثناء فترة مرضه، عندما كان قائما بأعماله، حيث حرص على استقبال اثنين من النواب السابقين فى البرلمان، وهما الدكتور عبدالله النفيسى والدكتور عبيد الرسمي، وتسلم منهما وثيقة الكويت كما اطلقا عليها، وتضمنت رؤية للإصلاح السياسى تتضمن محاور رئيسية، منها اتمام المصالحة الوطنية، والعفو الشامل، وبداية عهد سياسى جديد، ووضع حلول اقتصادية وسياسية لإنهاء حالة الاحتقان السياسي، كما استقبل أيضا بعد مبايعته ورموزا تاريخية سياسية فى الكويت، مثل احمد السعدون وأحمد الخطيب، وقد دعا الأمير الناخبين «إلى حسن الاختيار ومتابعة أداء الأعضاء وسلامة ممارساتهم البرلمانية، فى تجسيد الرقابة الجادة والتشريع البناء، والالتزام بأحكام الدستور»، وظنى ان المجلس القادم، هو المسئول عن إجراء عملية الإصلاح المطلوب فى النظام الانتخابي، وفى الحياة السياسية بصفة عامة، كجزء من استعادة تمتين الجبهة الداخلية، واستعادة اللحمة الوطنية.
ولعل الاهتمام الثانى للأمير نواف، سيكون على معالجة الأزمة المالية، التى تفاقمت بعد جائحة كورونا، ونتيجة انخفاض أسعار النفط، خاصة وسط توقعات بعجز قدره أكثر من ٣٠ مليار دولار، يمثل نصف الناتج المحلي، والذى يتكرر للسنة السادسة على التوالي، استدعى تحويل ١٠ بالمائة من إيرادات صندوق احتياطى الأجيال القادمة، مع عدم قدرة الحكومة على اقتراض مقايضته ٢٠ مليار دولار، نتيجة رفض البرلمان لهذه الخطوة، عموما فإن القيادة الجديدة فى الكويت قادرة على ضبط إيقاع الداخل، وسط حالة من التفاؤل بتجاوز هذه المرحلة سياسيًا واقتصاديًا.
ويظل الثابت الوحيد فى السياسية الخارجية الكويتية، العمل على الإبقاء على دورها الكويت التاريخي، كوسيط مقبول ونزيه فى أزمات المنطقة، كأحد ميراث الراحل الكبير الشيخ صباح الأحمد.

 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة