أنديرا غاندي
أنديرا غاندي


حكايات| بكاها ياسر عرفات.. أنديرا غاندي سيدة الهند الحديدية

ناريمان فوزي

السبت، 31 أكتوبر 2020 - 11:30 م

١٢ طبيبا تجمعوا حول جثة سيدة تخطت عقدها السادس، على الرغم من تلقيها لرصاصات قاتلة وتيقن الأطباء من مفارقتها للحياة دفعهم الأمل الزائف لإفراغ ٨٨ زجاجة دم داخل شرايينها.


كان لأهمية تلك السيدة ومكانتها عامل رئيسي في تكالب الجميع لإنقاذها، فهي ليست امرأة عادية إنها انديرا غاندي.. الزعيمة ابنة الزعيم والسياسية منذ نعومة أظافرها، والتي انتهت محطتها بالحياة قتلا على يد مجموعة من السيخ.


البداية كانت عام ١٩١٧، حيث ولدت انديرا نهرو غاندي، الطفلة الوحيدة المدللة لرئيس أول حكومة هندية مستقلة جواهر لال نهرو.


توفي أخوها الأصغر في طفولته، وعاشت أنديرا غاندي طفولة غير سعيدة حيث كان والدها غائباً عنها في أغلب الوقت بسبب طبيعة عمله كما عانت والدتها من عدة أمراض.


مسيرتها الوطنية بدأت مبكرا وحبها لوطنها وكرهها للاحتلال ظهر منذ طفولتها حيث أقدمت على حرق دميتها المفضلة فقط لكونها إجليزية الصنع، أما في سن ال١٢ قامت بقيادة الأطفال ونجحت في تكوين مجموعة من 60.000 من الثوار الشباب الذين جهزوا المغلفات وصنعوا الأعلام ونقلوا الرسائل ووضعوا إخطارات بمواعيد المظاهرات، كانت مهامها محفوفة بالمخاطر، لكن أنديرا كانت سعيدة بالمشاركة في حركة الاستقلال.


حصلت على تعليمها الابتدائي في المنزل ثم لاحقاً التحقت بالمدرسة لفترة وجيزة لتحصل على شهادة الثانوية العامة، وسجلت في إحدى الجامعات لكن لم تتابع دراستها فيها بسبب مرض أمها وانتقالها إلى أوروبا لتلقي العلاج الذي لم ينجح لتتوفى والدتها، وبعد وفاتها ارتادت أنديرا جامعة أوكسفورد في بريطانيا حيث درست التاريخ والعلوم السياسية والاقتصادية، إلا أنها عادت للهند دون أن تحصل على شهادة بسبب مرضها هي الأخرى.


توفي والدها في عام 1964 عينت أنديرا عضواً في المجلس الأعلى في البرلمان الهندي، كما أصبحت وزيرة الإعلام والإذاعة ضمن حكومة لالباهادور شاستري.


وبعد وفاة لال باهادور شاستري لم يتم الاتفاق على من سيخلفه، فتم ترشيح أنديرا لتحل مكانه ظناً منهم أنها شخص سهل الانقياد، وأصبحت رئيسةً للوزراء في عام 1966، لتبدأ المرأة الحديدية انطلاقتها السياسية ضاربة بعرض الحائط كافة الآمال التي رسمها البعض ظنا منهم أنها ضعيفة.


أقدمت غاندي على القيام بتغييرات جذرية بسياسات الهند السياسية والاقتصادية والدولية حيث وضعت خططا للحد من البطالة لاقت بعضها النجاح.


أقدمت على تأميم 14 بنكا تجاريا وافتتحت المزيد من البنوك، مما شجع الشركات الصغيرة والمتوسطة على الاستثمار وإنعاش القطاع الزراعي. 


أسست شركة النفط الهندية IOC وشركة البترول الهندوستانية HPCL وشركة بترول باهارات BPCL وتم تخصيص قسم احتياطي من النفط للاستخدام العسكري عند الحاجة. 


دعمت الثورة الخضراء في الهند والتي جعلت الهند دولة مكتفية ذاتياً في مجال الغذاء. وخلال الحرب الأهلية في باكستان دعمت غاندي باكستان الشرقية مما أدى لتشكل دولة بنجلاديش.


أعلنت غاندي ورئيس الهند فخر الدين علي أحمد إعلان حالة الطوارئ والتي استمرت 21 شهراً ابتداءً من 1975 حتى 1977 وذلك بعد معاناة الهند من عدة أزمات بسبب الحرب مع باكستان وحصول العديد من الأزمات، مما جعل من أنديرا قادرة على التحكم بمختلف جوانب الحياة السياسية في الهند ومن ضمنها الانتخابات، ولم يقدر أحد على انتقاد حكومتها.


وبعد ضغط المعارضة ووصفها لأنديرا بالديكتاتورية تم إلغاء حالة الطوارئ وأجريت انتخابات في عام 1977 وخسرت أنديرا هي وحزبها الانتخابات، وتم اعتقالها بأمر من رئيس حزب الشعب. ثم عادت أنديرا غاندي للسلطة كرئيسة وزراء في عام 1980.

النجم الأزرق..بداية النهاية

أطلقت غاندي عملية النجم الأزرق وكان هدفها السيطرة على المعبد الذهبي والقضاء على الإرهابين وعلى متزعمهم بيندرانويل والتي حققت غايتها لكن سببت سقوط مدنيين وألحقت الضرر بممتلكاتهم.

تسببت تلك العملية في بث حالة من الكراهية من السيخ تجاه غاندي، بل وأعلنوا بيندرانويل شهيد القرن الواحد والعشرين، وتحركت لديهم الدوافع الانتقامية.

"لقد فعلت ما أردت فعله"

في صباح الأربعاء ٣١ أكتوبر عام ١٩٨٤، وقف اثنين من حراس أنديرا غاندي واللذان تبين فيما بعد أنهما من طائفة السيخ، وما إن وصلت  قريبًا منهما حتى أطلق أحدهما النار من مسدسه فأصابها بثلاث طلقات في بطنها، ثم قام الثاني بإطلاق النار من بندقيته، فأفرغ 30 طلقة، فأصيبت بسبع رصاصات في البطن، وثلاث في صدرها، وواحدة في قلبها أردتها قتيلة تعرضت للغدر على يد من أوكلت إليهم مهمة المحافظة على حياتها.


ألقي القبض على أحد القتلة الذي صرح، قائلا: "لقد فعلت ما أردت فعله"، دون خوف أو شعور بالذنب.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة