قصر شامبليون
قصر شامبليون


من يفك طلاسم قصر شامبليون؟.. أثر تاريخي ينتظر الترميم 

نادية البنا

الأحد، 01 نوفمبر 2020 - 01:05 م


يومًا ما كان قصر شامبليون تملؤه الحياة، أنوار وصخب وحديقة خضراء، أما اليوم فأشجاره ذابلة، وأبواب موروبة، ونوافذ محطمة، بات غريبًا ومهجورًا وسط مدينة صاخبة، له قصص عديدة وجميعها ألغاز يصعب حلها .

 

مع أول خطوة لك في هذا القصر سينتابك شعور مختلط بين الخوف والحسرة على الرقي، ستشعر أن الأرض تهتز تحت قدميك، وخطواتك كلها تترقب مفاجآت هذا القصر، بهو كبير بمدخل القصر وفي آخره سلم الرعب المزدوج بدرجاته الخشبية المتهالكة، عند صعودك درجات السلم ورؤيتك الجزء العلوي للقصر ترتجف قدماك من هول الموقف، وتفكر كثيرا قبل أن تخطو خطوتك الثانية خوفا من ما هو قادم.. هل تأخذك للمتاهة المرعبة ، أم للهلاك.

 

غرف عديدة متداخلة وبلكونات كبيرة تتصل بالمبنيين الجانبين للقصر وجدران الغرف مصنوع بها "سبورات " تعليمية و مكتوب عليها ما تبقي من دروس النحو، ومازالت غرفة المدرسين تحمل أسمائهم المكتوبة بالقلم الماركر على باب غرفة التدريس والورقة المكتوبة بخط اليد معلقة على أحد عمدان الدور العلوي مكتوب بها قول شوقي "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا !!.

"مدرسة الناصرية الإعدادية بنين" التي كتب عليها الانقراض بعد أن أنجبت لنا جيلا من العظماء أمثال النابغين الأستاذين علي أمين ومصطفى أمين، تعلما في هذا المكان وكان بداية نبوغهما الفكري.

لا يوجد أي مصدر للإنارة بالقصر سوى ضوء الشمس المتسلل من كسور شبابيك النوافذ المحطمة، بين القديم والحديث تتأرجح أفكارك وعند سماعك لأي حركة ينتفض جسدك خوفاً من الأشباح.


كل ما سبق لم يكن مقدمة لفيلم رعب أجنبي ولم يكن كابوس مفزع رأيناه في نومنا ولكنها حقيقة الحال الذي وصل إليه "قصر شامبليون".. هذا القصر الذي كتب عليه الوحدة والفراغ رغم موقعه المتميز بوسط القاهرة إلا أنه لم يستطع أن يحافظ على سكانه ليعمروه منذ أن بناه أحد أحفاد محمد علي وهو سعيد حليم باشا لزوجته عام 1895م ولكنها رفضت العيش به وقتها رغم روعته وجمال طرازه الإيطالي ومنذ هذه اللحظة بدأت رحلة القصر العجيب مع وحدته وكثرت الروايات عنه.

روايات عن قصر شامبليون
الرواية الأولي
:-البعض يقول إنه بعد رفض زوجة "سعيد حليم باشا" أن تسكن القصر، تنازل الباشا عنه لوزارة التربية والتعليم.


الرواية الثانية :- بعدما رفضت زوجة الباشا العيش بالقصر ترك القصر بلا رفيق إلى أن أعلنت الحرب العالمية الأولى "وصادرت الحكومة أملاك الأمير باعتباره من رعايا دولة معادية ومن وقتها تحول القصر إلى "مدرسة الناصرية".


الرواية الثالثة :- تقترب بحد كبير من الأولى فيقال إن "سعيد حليم باشا" باع القصر لوزارة التربية والتعليم ولم يتنازل عنه وتم تحويل القصر إلى مدرسة.


آلت ملكية القصر إلى ثمانية إيطاليين وآخر فرنسي، وعندما تم إدراج القصر كأثرعام 2000، بناء على طلب من زاهي حواس أمين المجلس الأعلى للآثار وقتها بتشكيل اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية والتي قررت في 12 مايو 2000 بالموافقة علي إدراج القصر كأثر، وتم تسجيل ذلك بالمجلس الأعلى للآثار بتاريخ 26 يونيو 2000.


وبعدها ظهر لغز جديد وهو شراء أحد رجال الأعمال للقصر من المستثمرين الأجانب بموجب عقد مسجل بتاريخ 13 نوفمبر 2000 أي بعد إدراج القصر كأثر!!! ، وذلك بمبلغ 1300000 جنيه مصري.
وفي ذلك الوقت كان القصر تشغله مدرسة الناصرية الإعدادية بنين، وبطبيعة الحال لا يستطيع مالك القصر استلامه إلا بعد إخلاء المدرسة، والوسيلة الوحيدة لذلك هى أن القصر أصبح أثرا مسجلا، وعليه صدر قرار وزاري رقم 121 لسنة 2002 بتسجيل القصر في عداد الآثار الإسلامية والقبطية.

 


وفي عام 2006 أرسل محافظ القاهرة لوزير الثقافة خطابا يفيد بأن المحافظة قد قامت بإخلاء القصر، حتى يتسنى للوزارة اتخاذ اللازم نحو ترميمه وصيانته لاستخدامه في أغراض ثقافية.

 


وعلى الفور أصدر دكتور زاهي حواس قرارًا بتشكيل لجنة لاستلام القصر من التربية والتعليم، وقبل الاستلام شكل لجنة أخرى للمعاينة وإبداء الرأي في مدى تحويله لمتحف من عدمه، وقررت اللجنة عدم صلاحية القصر لقربه من المتحف المصري وضيق الشوارع المجاورة، إلا أن حواس لم يستجب لقرار اللجنة وأشر عليه بسرعة نزع ملكية القصر لتحويله لمتحف وتم تقدير القيمة المبدئية لتعويض المالك بمبلغ 60,540,000 جنيه تحت العجز والزيادة، وذلك ما رفضه قطاع التمويل بالمجلس الأعلى للآثار لأن الاعتمادات المالية لا تسمح.

يقول مصدر بوزارة الآثار أنه بالرغم من اعتراض المستشار القانوني للمجلس على مبررات نزع ملكية القصر، وأنه يكفي استخدام حق المجلس الأعلى للآثار في الحفاظ على القصر كأثر بطريق الترميم وحمايته من سوء الاستغلال وفقا لقانون حماية الأثار وذلك في 17 يونيو 2008، إلا أن حواس قد شكل لجنة للتفاوض مع المالك للوصول إلى أنسب سعر، ولم تصل اللجنة لشيء.

وفي عام 2009 صدر قرار اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية بإلغاء القرار السابق بنزع ملكية القصر وذلك لعدم صلاحيته ولعدم وجود مبرر لذلك، وبعد ذلك تقدم رجل أعمال بطلب للمجلس الأعلى للآثار لتسليمه القصر بناء على حكم القضاء الإداري بتسليمه ودون معارضه من المجلس شكل حواس لجنة لتسليم القصر وتم التسليم في 17 أغسطس 2009.

 

ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن ولم يتم عمل أي تجديد بالقصر لتزداد حالته سوءًا، على الرغم من أن الآثار وقت إخلاء القصر كان لديها ما يسمح لها بترميمه وتركه تحت ملكية صاحبه ولكن المسئول وقتها لم يفعل!

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة