صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


تقرير خاص| «التعليم عن بعد».. معضلة فلسطينية وسط جائحة كورونا

أحمد نزيه

الأحد، 01 نوفمبر 2020 - 03:25 م

عرف نظام التعليم عن بعد رواجًا في الآونة الأخيرة في مختلف أنحاء العالم، وذلك ضمن إجراءات التباعد الاجتماعي، التي تهدف إلى التغلب على وباء فيروس كورونا، الذي أقعد الكثير من سكان الأرض في بيوتهم.

وفي فلسطين، وتحديدًا في قطاع غزة، وجد تطبيق نظام التعليم عن بعد موطأ قدمٍ، وسط إشكالية حول جدوى تطبيقه في القطاع، وسط ظروف صعبة يعيشها سكان غزة منذ أعوام عديدة.

وشهد قطاع غزة وحده تسجيل أكثر من 6500 حالة إصابة بفيروس كورونا، من بينها 34 حالة وفاة بمرض "كوفيد-19"، في وقتٍ شهدت فلسطين أكثر من 65 ألف حالة إصابة بالفيروس التاجي.

وعلى ضوء ذلك، كان لزامًا للقطاع الانخراط في تطبيق نظام التعليم عن بعد، لكن القدرة على تطبيق هذا النظام بالصورة المثلى ظلت معضلة كبرى ومثار جدلٍ كبير بين سكان غزة. 

معوقات كثيرة

وفي غضون ذلك، يؤكد ناصر اليافاوي، موجه ومشرف تربوي في غزة ومحكم مناهج فلسطينية، وجود معوقات تعترض طريق تطبيق نظام التعليم عن بعد في ظل جائحة كورونا.

ويشير اليافاوي، لـ"بوابة أخبار اليوم" إلى أن هذه المعوقات تمتد إلى عموم فلسطين، ولكنها بدرجة أكبر نسبيًا في قطاع غزة جراء عدة عوامل.

ويقول ناصر اليافاوي إن "عالم التعليم عن بعد الإلكتروني صعب ومرهق، ولا يحقق الفائدة المرجوة للطلاب، عطفًا عن عن عدم توفر أجهزة حاسوب خاصة لكل طالب، ولاسيما ممن يعيشون فى مخيمات اللاجئين والأحياء الفقيرة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة والحصار الذي يشهده قطاع غزة منذ قرابة عقدين من الزمن".

ويضيف اليافاوي "للموضوعية بمكان إن جائحة كورونا ألقت بظلالها على قطاع التعليم، مما دفع وزارة التربية والتعليم إلى إغلاق المؤسسات التعليمية كافة لمنع تفشي الفيروس، بعد اكتشاف أول إصابة داخل المجتمع قبل اكتمال الشهر الأول من العام الدراسي الذي قررت الوزارة افتتاحه مبكرًا.

ويتابع قائلًا: "وتشكل الظروف الاقتصادية عائقًا كبيرًا أمام سكان قطاع غزة، حيث أن ثلث الأسر الفلسطينية لديها جهاز حاسوب واحد، فيما لا تملك ثلثا الأسر المتبقية المال لشراء هذه الأجهزة، والأمر أيضًا ينطبق على الهواتف الذكية المحمولة، ومن موقع عملي بالإشراف والتوجيه  التربوي فى مدارس قطاع غزة، أقول ان هناك ثلة من المعلمين لا يملكون أجهزة ولا هواتف ذكية في بيوتهم، ما يجعل العملية التعليمية الإلكترونية شبه مستحيلة". 

ويمضي قائلًا: "الأمر الآخر أن التعليم عبر الإنترنت يعد أمرًا حديثًا بالنسبة للفلسطينيين في ظل عدم وجود تجارب سابقة قبل جائحة كورونا، والمشهد الأكثر قسوة هو أزمة الكهرباء ويعتبر أحد أبرز عوائق المسيرة التعليمية في قطاع غزة، حيث تصل الكهرباء إلى بيوت الغزاويين في أحسن الأحوال لمدة 8 ساعات فقط في اليوم".

حلول للأزمة

ويرى اليافاوي أن التعليم عن بعد ليس بديلاً عن التعليم الوجاهي طالما لم يتمكن جميع الطلبة من الوصول إليه بسهولة ويسر ، مستطردًا بالقول "رغم أن الوزارة تعكف على تطوير كفاءة المعلمين في التعليم عن بعد، ونشر ثقافة التعليم الإلكتروني في المدرسة والبيت والمجتمع".

ويضع اليافاوي بعضًا من الحلول للتغلب على هذه الأزمة، فيقول: "يجب العمل على التدرج في توظيفه بما يتوافق مع إمكانات الوزارة وأولياء الأمور قبل الشروع فى التطبيق، كما يجب تكثيف عمل  المنصات الإلكترونية للمواد التعليمية بأنواعها، لتطوير مصادر التعليم والتعلم المتاحة للطلبة في جميع المستويات".

وشدد اليافاوي على ضرورة أن يكون  الاعتماد على نظام التعليم الإلكتروني  بنسبة تتراوح بين 5 و10% فقط، ووفقًا لسيناريوهات  الظروف  السائدة، وممكن زيادتها قليلا وفق توفير الإمكانيات اللازمة لهذا النوع من التعليم خلال السنوات التالية.

وتبلغ عدد المدارس الحكومية في قطاع غزة 414 مدرسة، فيما تُشرف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" على 178 مدرسة، في حين يمتلك القطاع الخاص على 61 مدرسة، فضلا عن عشرات رياض الأطفال، في الوقت الذي بلغ عدد الجامعات والمعاهد والكليات الجامعية في قطاع غزة 28 جامعة وكلية، وذلك بحسب ناصر اليافاوي.

الحل بالحوار بين المختصين

ومن جهته، يرى فوزي عوض، متخصص في شئون اللاجئين ومحاضر جامعي في التاريخ والعلوم السياسية، أن الحل الأمثل هو عقد لقاء بين الأونروا وكل المهتمين والمؤسسات الفاعلة في إطار قضية اللاجئين وخبراء واقع المخيمات والخروج بخطة عمل آمنة يضمن من خلالها اللاجئون وصول الخدمات التعليمية للطلبة.

واعتبر عوض، في تصريحاتٍ لـ"بوابة أخبار اليوم"، أنه من غير المعقول ربط مستقبل الطلبة بجائحة كل العالم تعايش معها، مشيرًا إلى أن واقع غزة لا يمكن من خلاله تطبيق هذا النوع من التعليم.

ويعدد المختص في شئون اللاجئين أسباب ذلك، مرجعًا إياها إلى انقطاع الكهرباء يوميًا وبشكلٍ مستمرٍ، وحالة الفقر الشديد وصعوبة حصول أغلب الطلبة علي حواسيب أو جوالات بها خصائص معينة، وهي مرتفعه السعر، إضافةً إلى ضعف خدمة الإنترنت، وهي بالإجماع ومن كل شركات الإنترنت ضعيفة جدًا.

ولا تقف المعوقات عند هذا الحد، من وجهة نظر فوزي عوض، فهو يتحدث عن غياب المدرسين القادرين علي توصيل المعلومة للطلبة بشكل صحيح، عبر نظام التعليم عن بعد، معللًا ذلك بسبب "ضعف أداء المدرسين وهم جلهم غير مدربين ولا معدين مسبقًا لمثل هذا النوع من التعليم.. لا المدرس معد ولا الطالب مهيأ لهذه الطريقة التعليمية".

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة