صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


«جرائم لا تسقط بالاعتذار».. طريق الجزائر الطويل لإنهاء الاستعمار الفرنسي  

ناريمان فوزي

الأحد، 01 نوفمبر 2020 - 07:12 م

يقف الجزائريون الآن وأمام أعينهم مشاهد مر عليها 132 عاما.. تتناقلتها ذاكرة الأجداد والأحفاد الرافضة للنسيان، فالجزائر بالكامل كان يستنزف على يد الاحتلال الفرنسي الذي حاول طمس هويته. 

فتبدلت اللغة العربية بالفرنسية، وصارت اللغة الأولى، وأصبح ارتياد المساجد جريمة، وسُجن الشيوخ والدعاة، وبقي المنافقون وحدهم.

اقرأ أيضًا : الجزائر.. نسبة المشاركة في استفتاء تعديل الدستور تبلغ 13% عصر اليوم

ولم يكن سقوط الجزائر في براثن المحتل مفاجأة بل كان أمرا مخططا له منذ فترة طويلة، فالجزائر عاشت فترة من القوة والازدهار قبل الاستعمار، وكانت تبسط نفوذها لمدة ثلاثة قرون في البحر المتوسط من خلال أسطولها القوي، إلا أن ضعفها جاء بعد وقوع معركة نافرين عام 1827 حيث تعرض أسطولها للدمار الشامل وذلك إثر تعاونها مع الدولة العثمانية في تلك المعركة.

وقابل الجزائريون استعمار بلادهم بالمقاومة الباسلة، حيث جابوا أنحاء البلاد في ثورات شعبية ضخمة كثورة أحمد باي بن محمد الشريف التي قادها أهل شرق البلاد، وثورة الأمير عبد القادر في الغرب، وثورة فاطمة نسومر والكثير من الثورات التي خلق من رحمها أبطال وزعامات ظلت قصصهم تروى وتجسد في أعمال أدبية وسينمائية لسنوات طويلة، ولم تخمد شرارة الثورة حتى عام 1954 حيث تحررت الجزائر أخيرا من ذلك الاستعمار.

هذا ما اقترفته أيدي الاستعمار



تنوعت الجرائم التي شهدها الجزائريون على أيدي الاحتلال الفرنسي، حيث جاءت الإبادة الجماعية على رأس تلك الأمور، فقد انتهج الاحتلال الإبادة الجماعية للقضاء على العرب حيث تواردت أقوال حول ورود أوامر عسكرية بالقضاء على العرب وعدم ترك أي أحد منهم على قيد الحياة، ومن ثم سياسة التجويع والتدمير.

كما عكفت القوات الفرنسية على تهجير الشعب الجزائري وجوعتهم واحتكرت أسواقهم، بينما بسطت كفوف الراحة للسكان الفرنسيين الذين استوطنوها من فرنسا وباقي الدول الأوروبية وذلك منحهم امتيازات لمساحات واسعة من الأراضي التي تحمل أسماء المستوطنين، وفي عام 1936 تم إنشاء أول مستوطنة في مدينة بوفاريك، وامتد نطاق ومساحة هذه المستوطنة لتصل إلى كافة المناطق التي بلغها الاستعمار، وارتفع عدد المستوطنين مع حلول أواخر القرن التاسع عشر إلى مليون مستوطن يحملون الجنسيات المختلفة من الجنسيات الأوروبية.

اقرأ أيضًا : افتتاح ثالث أكبر مسجد في العالم بالجزائر

ليس هذا فحسب، بل اعتاد العساكر الفرنسيون على تعذيب الجزائريين بشتى وأبشع وسائل التعذيب ولم يكن لديهم استحياء من استعراض ذلك من خلال توثيق تلك اللحظات بالصور الفوتوغرافية لتبقى شاهدا على ما اقترفوه من جرائم بحق هذا الشعب، إضافة للتعذيب صار فرض الضرائب الجائرة أمرا عاديا كما أن المساجد أصبح انتهاكها والاعتداء عليها وعلى المصلين أمرا عاديا حتى جاءت جريمة مسجد كتشاوة والتي قتل فيها 4000 مسلم، واستمرارا لمسلسل الجرائم ارتكب المحتل الفرنسي جريمة أخرى وهي طمس الهوية واللغة العربية وفرض التعليم واللغة الفرنسية على الجميع.

بعد 64 عاما..اعتراف واعتذار..ولكن الجزائر لا حق لها في المقاضاة!



أثناء زيارته لأسرة المناضل موريس أودان، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأسبوع الماضي، إن بلاده  شجعت "نظاما" أدى إلى استخدام التعذيب خلال حرب استقلال الجزائر، وهو ما اعتبره كثير من الجزائريين خطوة مهمة لتوثيق جرائم الاستعمار التي أودت بحياة ما يقرب من مليون ونصف جزائري، خصوصا وأن ماكرون أعلن عن افتتاح أرشيف لسجلات حوادث اختفاء المدنيين، والجنود، من الفرنسيين والجزائريين على السواء، خلال فترة الحرب التي استمرت 8 سنوات.

كان المناضل الفرنسي موريس أودان يعمل كأستاذ في علم الرياضيات، عمل في جامعة الجزائر، قبض عليه في منزله بالعاصمة في 11 يونيو1957 بتهمة إيواء مسلحين جزائريين، وتعرض للتعذيب، وبعد عشرة أيام، أُبلغت زوجته وأطفاله الثلاثة بأنه فر خلال عملية نقله سجن لآخر، واستمر تبني هذه الرواية الرسمية، حتى أكد الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا أولاند، في 2014، أن "أودان لم يفر" بل "قضى خلال اعتقاله"، بناءا على تعرضه للتعذيب.

وبحسب وكالة سبوتنيك، وفيما يتعلق بمدى قدرة الجزائر على استغلال تصريحات ماكرون في الحصول على تعويض مادي وأدبي من فرنسا عن جرائمها خلال الاحتلال، قال أستاذ الحقوق بجامعة وهران إن الجزائر لن تستطيع استغلال تصريحات ماكرون في التقاضي والمطالبة بتعويضات مادية لسببين:

 اتفاقية «إفيان» الموقعة بين البلدين تنص على عدم أحقية الجزائر في مقاضاة فرنسا عما حدث قبل 1962، وقد يدخل مطلب التعويض في هذا الإطار.

عدم جدية النظام الجزائري الحالي في مسائلة فرنسا ماديا أو أدبيا عن جرائمها خلال فترة الاستعمار، مدللا برفض البرلمان سن قانون تجريم الاستعمار.

واستمرارا لمسلسل الاعتذار، فقد رفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مقاتلين حركيين سابقين وممثلين لجمعياتهم إلى رتبة جوقة الشرف والاستحقاق الوطني، بحسب مرسوم بتاريخ 20 سبتمبر، نُشر في الجريدة الرسمية الجمعة.

وينص المرسوم على ترفيع ستة مقاتلين حركيين سابقين ومؤسسة جمعية لهم إلى درجة جوقة الشرف برتبة فارس.
كما تم ترفيع أربعة أشخاص إلى درجة الاستحقاق الوطني برتبة ضابط و15 آخرين برتبة فارس غالبيتهم ممثلين لجمعيات أو هيئات.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة